بيئة توطين الرواتب

اقتصادية 2020/02/14
...

ثامر الهيمص
 
هناك 17 مليون عراقي من البالغين بعيدون عن استخدام النظام المالي والمصرفي وأدواته المختلفه حتى آب 2019، - حسب مجلة المصارف الإسلاميه (ص 11) نقلاً عن محافظ البنك المركزي -.
بذلك ندرك أنَّ القطاع المصرفي عموماً في وضع لا يحسد عليه، وما يعزز ذلك وشاهدٌ عليه إنَّ الكتلة النقديَّة المكتنزة ما زالت تحت (المخدة أو الكاشية) رغم جسامتها البالغه أكثر من 70 بالمئة من إجمالي النقد الصادر، وأشارت المجلة أيضاً الى أنَّ زيادة حصلت بنسبة 10 بالمئة في الآونه الأخيرة، ربما كانت بسبب توطين الرواتب.
فالتوطين يتم من خلال مصارف الحكومة الثلاثة الرافدين والرشيد والمصرف العراقي للتجارة، فضلاً عن بعض المصارف الخاصة، نتمنى أنْ تأخذ عملية التوطين طريقها بانسيابيَّة عالية كونها ستشكل البنية التحتيَّة للعمل المصرفي عموماً بكتلة نقديَّة توفرها الدولة من خلال موازنتها التشغيليَّة التي هي ببساطة معظم إيرادات النفط كما هي مؤشرات موازنة 2020، ومن هنا تتضح أهمية تدوير هذا الرصيد الهائل لندخله في دورتنا الاقتصاديَّة الداخليَّة حصراً لتأمين التنمية المستدامة.
هناك من يقول إنَّ العمليَّة الكبرى تتطلب توفر كامل مستلزماتها واستحقاقاتها، فالمصارف الحكومية لا تمضي نحو الهدف موحدين أداءهم أو متكاملين، فمصرف الرشيد مثلاً انتقل من خانة الكي كارد الى مرحلة الماستر كارد؛ أي انتقل الى العالميَّة في حين الرافدين يراوح في الخانة الأولى رغم أنَّه يملك حصة الأسد من رصيد الرواتب للموظفين والمتقاعدين والرعاية والمهجرين والسجناء السياسيين والشهداء.
لا نجد تفسيراً لذلك ولا سقفاً زمنياً يحدد عملية الانتقال الى مرحلة الماستر كارد، فهل لأنه يملك الحصة الأكبر؟ إنَّ هذه البيئة ستنعكس حتماً على عملية توطين الرواتب، فيما إذا توزعت بين المصارف الإهلية، إذ سختلف المرجعيات ثم الأداء.
إذا ما علمنا أنَّ هذه العمليَّة ستنعش القطاع المصرفي ذا الـ 76 مصرفاً بـ 1310 فروع، وهذا مثلاً سيربكُ عملَ القطاع المصرفي على الأقل من ناحية التسليف، إذ تختلف شروطه بين مصرفٍ وآخر من ناحية الكفالة ثم من ناحية الفائدة التي يجتهد البعض بها بداعي تغطية المخاطر والطوارئ، في حين إنَّ جمعاً من المعنيين يسعى لتوسيع دائرة استخدام النظام المالي والنقدي وأدواته المختلفة.
وقد جاءت مبادرة التوطين كخطوة أولى للألف ميل القادمة في هذا القطاع لتحرره من تقاليد وسوء أداء طالما شابت العمل المصرفي بجناحيه الرسمي والأهلي وخصوصاً الأخير لننطلق نحو المأسسة والشفافيَّة، لا سيما بعد إطلاق عمل شركة ضمان الودائع، ولا ننسى دور شركة التأمين الوطنيَّة وأخواتها في تأمين مخاطر التسليف، ما يسهم في خفض الفائدة التي وصلت الى 9 بالمئة في أحد المصارف التي تمنح سلفة من دون كفيل ليدفع المستفيد في النهاية نحو نصف مبلغ السلفة كفائدة خلال خمس سنوات، إضافة لعمولة إداريَّة 150 ألف دينار بالتناصف بين شركة كي كارد والمصرف، فهل هذه البيئة مناسبة للقفزة النقدية عند التوطين الشامل للرواتب والإعانات؟.