كيف يغيّر جيل الألفية أميركا؟

بانوراما 2020/02/15
...

شارلوت آلتير 
ترجمة: مي اسماعيل
سواء أحبهم الجمهور أو كرههم، فلا بد من مواجهة الحقيقة؛ يوما ما قريبا، سيحكم جيل الألفية أميركا. ليست هذه بأمنية ولا تحذير؛ بل حقيقة تكمن جذورها في فيزياء الوقت وبايولوجية الخلايا البشرية. بات جيل الألفية (مواليد السنوات بين 1981-1996) بالفعل الجيل الحي الأكثر عددا وأكبر فئة عمرية من القوى العاملة. وهم يفوقون عدد جيل "X" (مواليد 1965-1980) وسيفوقون قريبا جيل "طفرة المواليد-baby boomers" (مواليد 1946 - 1964، ما بعد الحرب العالمية الثانية) بين الناخبين الاميركان.
أحدثت شركاتهم الناشئة ثورة في الاقتصاد، وغيرت أذواقهم الثقافة، وحولت شهيتهم الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي نمط التفاعل البشري.. السياسة الأميركية هي الحلبة المقبلة الناضجة لتدخلهم.. وعندما يحدث ذلك قد يبدو الأمر أشبه بالثورة؛ جزئيا لأن هذا الجيل يمتلك منظورا سياسيا مختلفا عن من يمتلك السلطة الآن.
جيل الألفية أكثر تنوعا عرقيا، وأكثر تناغما مع قوة الشبكات والأنظمة، وأكثر تقدميا اجتماعيا من الجيلين الآخرين على كل مقياس متاح تقريبًا. يميلون لتفضيل الرعاية الصحية التي تديرها الحكومة، وتخفيف ديون الطلبة والسماح بتعاطي الماريجوانا وإصلاح العدالة الجنائية، ويطالبون باجراءات حكومية عاجلة لمواجهة تغير المناخ. جيل الألفية مقبل، والأسئلة الوحيدة هنا هي عن موعد وسرعة وصلولهم. 
إذن كيف تبدو أميركا حينما يصل هذا الجيل الى السلطة؟ قضت كاتبة المقال ثلاث سنوات محاولةً الاجابة عن هذا السؤال، قابلت خلاها سياسيين شباب من ولايات متعددة، ونشرت النتائج في كتابها: "أولئك الذين كنا ننتظرهم". 
 
شيوخ وشباب
قاد البحث عما يؤمن به سياسيو جيل الالفية ولماذا الى موضوع اكثر تشويقا؛ لمحة لمستقبل أميركا. بدأ سياسيو جيل الالفية بالفعل باكتساب القوة السياسية في وقت تبدو فيه أميركا أكثر من أي وقت مضى أشبه بتمثال تحرسه الشيخوخة. كان دونالد ترامب أكبر رئيس أميركي بالولاية الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، منتخبا إلى حد كبير من قبل ناخبين بيض أكبر سنا. 
وهو محاط في واشنطن بمواطنين مسنين مثل وزير التجارة "ويلبر روس" (82 سنة)، الذي يمكنه متابعة قضية صغيرة واحدة يوميا عندما.."يركز اهتمامه ولا يغفو.." وفقا لتقرير سياسي! كما أن حلفاء ترامب في مجلس الشيوخ يماثلون ويلبر روس بالشيخوخة؛ إذ تخرّج زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل" (77 سنة) من جامعة لويسفيل حينما كانت اجور الدراسة 330 دولار سنويا. أما السيناتور الجمهوري "تشاك جراسلي" (86 سنة) فقد كان بعمر رياض الاطفال قبل اختراع بسكويت رقائق الشوكولاته سنة 1938. 
ولا يقتصر الامر على الجمهوريين؛ فالمتحدثة باسم مجلس النواب "نانسي بيلوسي" تبلغ السابعة والسبعين، واثنان من المرشحين الديمقراطيين البارزين للرئاسة (نائب الرئيس السابق جو بايدن (77 سنة) والسيناتور بيرني ساندرز (78 سنة)) ولدا قبل اكتشاف لقاح شلل الاطفال. والعديد من المشرعين الذين عليهم اليوم مواجهة أسئلة عن حيادية الانترنت والحرب الألكترونية وتنظيم عمل "فيس بوك" كانوا يقربون سن التقاعد حينما اخترعت مواقع التواصل الاجتماعي.
السن ليست كل شيء بالطبع؛ فقد ظهر "بيرني ساندرز"، 78 سنة، (الذي عكست سياساته على نطاق واسع تفضيلات الناخبين الألفيين الصاعدين) في مقدمة المتنافسين الديمقراطيين؛ جزئيا لشعبيته بين الناخبين الشباب، بينما أصبح "بيت بوتجيج" (38 سنة) مفضلا لدى الديمقراطيين المعتدلين الأكبر سنا، وباتت قاضية المحكمة العليا "روث بادر غينسبرغ" (86 سنة) بطلة لدى النساء الشابات الليبراليات. كما أن الانتفاضة بين الأجيال لن تأتي مرة واحدة.. تاريخيا يصوّت الشباب بأعداد أقل بكثير من الناخبين الاكبر سنا، وتتضافر عوامل مثل الجغرافيا وجهود اخماد أصوات الناخبين وقمعهم (التي تنحو لإقصاء طلبة الجامعات والناخبين الجدد) لتقليل قوة جيل الالفية بوصفهم الشريحة الانتخابية الأكبر. وقد يتطلب الأمر سنيناً طويلة أو ربما عقوداً ليكون تمثيل الألفيين متناسبا في أروقة السلطة.  
 
تحرر ليبرالي
لكن زلزال الشباب التدريجي آت؛ إذ كشفت البحوث أن تجارب الناس في أول الشباب لها التأثير الأكبر على ادراكهم السياسي طيلة العمر، وقد شهد أغلب الألفيين أميركا تمزقها اللامساواة وحروب لا تنتهي، وانهيار اقتصادي وأزمة ديون الطلبة وقصور ذاتي بوجه تغير المناخ. 
وكلها عوامل جعلتهم أكثر ليبرالية بوضوح من شيوخهم. تقول "ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز" (31 سنة، ديمقراطية، ممثلة برونكس- نيويورك)، وتعرف اختصارا باسم "AOC": "أميركا التي نشأنا فيها لا تشبه تلك التي عاش فيها آباؤنا أو أجدادنا؛ والكثير مما يجب علينا التعامل معه قضايا وقرارات اتخذها أناس من أجيال قبلنا". 
ووفقا لمركز "بيو- Pew" للدراسات )مركز أبحاث أمريكي غير حزبي مقره واشنطن-المترجمة) يحمل 57 بالمئة من الالفيين آراء "ليبرالية دائمة أو غالبة"، بينما يتبنى نحو 12 بالمئة فقط آراء محافظة. حتى "بوتجيج" (الذي يعتبر عادة من المعتدلين في هذه الانتخابات الرئاسية الديمقراطية الأولية) هو أكثر ليبرالية بكثير من وسطيي الجيل السابق؛ مفضلا دعم الرعاية الصحية الشاملة وتخفيف عبء الديون على الطلاب واتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تغير المناخ. وهو أيضا من مثليي الجنس بشكل علني؛ وهو أمر كان سيُقصيه من العمل في مكتب العمدة قبل جيل واحد، ناهيك عن دخول سباق الرئاسة. وفي الوقت نفسه لا يحظى ترامب بشعبية كبيرة بين الشباب الأميركي؛ إذ أظهر استطلاع اجري بجامعة هارفارد أن معدل رفضه تجاوز السبعين بالمئة بين الشباب تحت سن الثلاثين. 
 
جيل "AOC"
لا يوجد ما هو أكثر طبيعيةً من تحولات الاجيال؛ إذ تبدأ وجبة من المسؤولين المنتخبين بالتقاعد كل عقدين أو نحو ذلك، ليملأ جيل جديد الفراغ. خلال عقود الخمسينيات والستينيات كان "الجيل العظيم"؛ الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية وقادوا نهضة مدنية شيدت نظام الطرق السريعة الوطني وصواريخ اوصلت الانسان الى
القمر.
وخلال السبعينيات والثمانينيات اجتاح من أُطلق عليهم "أطفال ووترغيت" المكاتب ليُنظفوا الفساد ويُصلحوا المؤسسات، فاسحين المجال لحقبة جديدة من الحزبية الراسخة. وأثناء السنوات الثلاثين الماضية أدار أفراد "طفرة المواليد" العرض، وشكلوا السياسة الأميركية وفقا لمبادئهم في الفردية الشرسة وتبني الخصخصة والتخفيضات الضريبية والسياسات المتجذرة في "المسؤولية الشخصية". أما قادة الجيل "X" (ومنهم زعيم الأقلية السابقة من جورجيا "ستايسي أبرامز" والسناتوريان الجمهوريان "ماركو روبيو" و"جوش هاولي") فهم اليوم ضمن الصاعدين. 
المقبلون هم جيل الألفية؛ وبفهم القوى التي شكلت سياساتهم يمكن فهم ما ستكون عليه أميركا حينما يتسلمون المقاليد. 
ليلة عيد الميلاد سنة 1999 كتبت "هالي ستيفنز" وكانت حينها في السادسة عشرة في مذكراتها بقلم وردي وخط كبير (وبعض الدراماتيكية) ما يلي: "أفكار هالي للألفية: جبال الجليد تذوب والكوارث الطبيعية تتوالى والقادة المجانين في حرب.. ما نقرأ عنه ونفعله صار غير متوازن ومدفوعا بالمال. لا نقوم بإيقاف أخطائنا؛ لذا ستتحقق نبوءات العرافين". 
كانت ستيفنز حينها بالمدرسة الثانوية، لكنها اليوم نائبة ديمقراطية شابة في الكونغرس عن الدائرة الحادية عشرة بميشغان؛ واحدة من عشرين آخرين من جيل الالفية انتخبوا سنة 2018، وسط موجة عدم رضا عن ادارة ترامب. لم تشغل ستيفنز منصبا منتخبا من قبل، وكان احتمال فوزها بعيدا ضمن ترشيحات حزبها؛ ناهيك عن قلب موازين ميشغان. تقول: "أعتقد أن هناك بعض سوء الفهم العام تجاه جيل الالفية؛ فنحن نشعر بشدة أننا مدعوون للخدمة. لقد نشأنا (نحن مواليد التسعينيات) مؤمنين أن باستطاعتنا تغيير العالم". 
 
التجربة "الاستيقاظية"
كانت الحكمة التقليدية منذ فترة طويلة أن الشباب يميلون عادة الى اليسار ثم يصيرون أكثر تحفظا بتقدم العمر، حين يشترون بيوتا ويبنون ثراء ويربون أطفالا. ويفترض أن ونستون تشرشل قال يوما: "إذا لم تكن ليبراليًا في العشرين فلا قلب لك؛ وإذا لم تكن محافظًا في الأربعين فلا عقل لك". لكن البيانات تروي قصة مختلفة؛ إذ كشف الباحثون أن الرؤساء الذين يمتازون بالشعبية ينحون لاستقطاب الشباب الى احزابهم بينما يصدهم الرؤساء الذين لا يتمتعون بالشعبية. وهذه المواقف التكوينية ثابتة؛ فلو خاب أملك برئيس جمهوري وقت الشباب فستصوت غالبا للديمقراطيين مستقبلا. 
كشفت دراسة نشرها مركز "بيو- Pew" سنة 2012 أن الشباب الذين بلغوا الثامنة عشرة خلال عهد الرئيس الجمهوري نيكسون غير المحبوب صوّتوا غالبا للديمقراطي باراك أوباما، بينما مال من بلغ السن بعد عقد من ذلك الزمن (خلال سنوات رونالد ريغان المزدهرة) للتصويت لمنافس أوباما بانتخابات سنة 2012، الجمهوري ميت رومني. 
ووجدت دراسات أجرتها جامعة كولومبيا أن الأحداث السياسية التي يعيشها المرء بين سنوات 14-24 عاما تؤثر بما يقرب من ثلاثة أضعاف تأثير الأحداث التي تمر في وقت لاحق من الحياة. 
هنا يمكن القول أن التجربة "الاستيقاظية" الاقوى لجيل الالفية الاميركي كانت أحداث 11 أيلول 2001. تتذكر "أوكاسيو-كورتيز" (التي كانت حينها في الصف السابع) العودة للمنزل مبكرا ومشاهدة الابراج تسقط على شاشة التلفاز؛ متسائلة متى تعود امها من العمل لتشاهد "نهاية العالم". أما "إليز ستيفانيك" (35 سنة، التي انتخبت لمجلس النواب منذ سنة 2015 عن ولاية نيويورك) فتقول: "كانت الحادثة إحدى الاسباب التي جعلتني أرغب بخوض السياسة العامة.. في ذلك اليوم أصحبنا جيلا واعيا بالعالم". 
 
اخفاقات باهظة الثمن  
تعلم الالفيون الذين تطوعوا للقتال في الحروب الأميركية الطويلة أولا بأول تبعات الساسة الخارجية الاميركية؛ إذ فقد "دان غرينشو" (35 سنة، ممثل ولاية تكساس بالكونغرس) الذي كان بالمدرسة الثانوية سنة 2001، عينه في أفغانستان حينما خدم كأحد جنود العمليات الخاصة للبحرية الاميركية؛ بعد مهمة اعتبرها استخداما مضللا للموارد من بنتاغون أوباما. وحينما وصل "بوتجيج" الى افغانستان (ضابط استخبارات في البحرية) سنة 2014، أخبره زملاءه الضباط أن الحرب قد انتهت؛ فأمضى جل لياليه يقرأ رواية "الحرب والسلام" في سريره، متفكرا بتساؤل طرحه جندي حرب فيتنام السابق "جون كيري" أثناء شهادة أمام الكونغرس: "كيف تطلب من أحدهم أن يكون آخر رجل يموت بسبب خطأ 
ما؟". 
يمتلك الشباب الذين خدموا في العراق وأفغانستان عادة منظورا أوسع شمولا للتدخل العسكري الأميركي أكثر من أقرانهم. أصبح "غرينشو" داعما مفوها للوجود العسكري الأميركي الخارجي، ودفع حزبه لمعارضة انسحاب ترامب المقترح من سوريا، إذ يقول غالبا: "سنذهب هناك كي لا يأتون الينا هنا". ولكن بينما تحمل جيل "طفرة المواليد" الخدمة في فيتنام؛ لم يخدم سوى عدد قليل من الألفيين في الجيش، ويعتبر غالبيتهم الحرب حماقة (على احسن تقدير) وغير أخلاقية في أسوأ الأحوال. بالنسبة لكثير منهم كانت حروب العراق وأفغانستان اخفاقات باهظة الثمن حطمت شعورهم بالاستثنائية الأميركية. 
أيد نصف عدد الألفيين سنة 2017 قيام الولايات المتحدة بلعب دور فعال في الشؤون الدولية؛ مقارنة بنحو ثلاثة أرباع عدد جيل طفرة المواليد. ولم يؤمن سوى نحو ثلث الالفيين بأن الولايات المتحدة هي أعظم دولة في العالم. عانى الشباب داخليا بعد سلسلة خطوات بالسياسة العامة، منها تقليل الدعم الفيدرالي للجامعات وإضفاء الطابع المؤسسي على الديون كوسيلة لدفع ثمنها. 
وتبعا لذلك بات الألفيون يدينون بنحو أربعة أضعاف القروض الدراسية التي واجهها آبائهم، وقيمته اليوم نحو 1.6 ترليون دولار، يقع عبء أكثرها على  الاجيال الأكثر شبابا. 
ثم جاءت أزمة 2008 الاقتصادية؛ فكان لها آثار متتالية على الألفيين ورسمت ملامح العديد من القادة السياسيين الشباب. وما زالت تبعات تلك الأزمة تعصف بهم؛ فهم (كفئة عمرية) أكثر عرضة للديون وأقل احتمالا لنيل فوائد نقابية، وأقل احتمالا لامتلاك سيارة أو منزل من الاجيال التي سبقتهم. وأنجب المتزوجون منهم عددا أقل من الاطفال، فلا عجب أن أغلبهم يشعرون اليوم أن أنظمة القرن العشرين لا تعمل بكفاءة، لذا يرغبون ببناء قرن حادي وعشرين يجابه ويحل مشكلات عصره. 
 
في سباق الرئاسة 
بعد فوز اوباما بانتخابات الرئاسة سنة 2008 (بتأييد شبابي واضح)، بدأ الشباب ينضمون لحركات تخلو من القيادة (مثل- "احتلوا وول ستريت" و"حياة السود مهمة")؛ رافضين براغماتية أوباما المفعمة بالأمل ومطالبين بتحركات شاملة لإصلاح عدم المساواة الهيكلية والعنصرية المؤسسية. يقول "فرشيني براكاش" أحد قادة حركة "شروق الشمس" الداعية لمسيرة خضراء جديدة: "لم نشهد قط تعاونا بين الحزبين في المجتمع؛ بل رأينا مؤسساتنا السياسية تفشل بشكل أساسي بإصلاح أكثر التهديدات الوجودية في حياتنا". لذا حينما رفع "ساندرز" في انتخابات 2018 شعار أن النظام ذاته كان فاسدا، وجد تجاوبا عند جيل الشباب. 
ولم يكن تبني ساندرز للاشتراكية الديمقراطية عبئا؛ بل جزء من جاذبيته بين الناخبين الشباب. إنخفض استحسان الشباب للرأسمالية بنحو 15 نقطة (بين سنوات 2010-2019) وفقا لتحليلات مؤسسة غالوب ( :The Gallup Organization شركة تقدم الاستشارات الإدارية والموارد البشرية والبحوث الإحصائية. المترجمة). وبحلول سنة 2018 لم يؤيد الرأسمالية الا أقل من نصف شريحة 18 - 29 سنة العمرية؛ بينما أيد 39 بالمئة منهم الاشتراكية الديمقراطية. وإذ كان مصطلح "الاشتراكية الديمقراطية" بحد ذاته يستحضر صور السجون السوفيتية والمجاعة في فنزويلا لدى الأجيال السابقة؛ فأنه لدى الألفيين بات يعني الرعاية الصحية الشاملة والرعاية النهارية للأطفال، والحلول المناخية والسكن بأسعار معقولة.
 لا يبدو أي من تلك المواقف مناسبا للحزب الجمهوري؛ فلطالما أبلى حسنا بين الناخبين البيض، لكن الألفيين وأشقائهم الصغار (المواليد منذ سنة 1997) هم الجيل الأكثر تنوعا عرقيا في تاريخ الولايات المتحدة. وبينما يحافظ الجمهوريون على روابط قوية مع الناخبين المتدينين؛ يرفض الألفيون بشدة الدين المُنظّم ويعيشون حياة منفتحة على الاختلاط والمثلية الجنسية أكثر من أي جيل سابق. وفي كل استطلاع عن التحافظات الاجتماعية والدين والعرق والثروة تقريبا يبدو جليا أن الالفيين يسيرون بإتجاه والحزب الجمهوري بإتجاه آخر. 
طالب الجمهوريون الشباب حزبهم بدعم تطلعات الأجيال الجديدة؛ لكن انتخاب ترامب سنة 2016 أحبط جهودهم، وغادر كثيرون منهم الحزب الجمهوري (مؤقتا أو الى غير رجعة). وبحلول 2018 لم يعد سوى 18 بالمئة فقط من الألفيين جمهوريون. ورغم التوقع أن الألفيين لن يشاركوا في الانتخابات؛ فقد ارتفعت نسبة تصويتهم لنحو 42 بالمئة بالانتخابات النصفية 2018 (أكثر من ضعف ما قبل أربع سنوات)، مصوتين للديمقراطيين عموما.. ما أوصل عشرين منهم الى الكونغرس. 
تقاطعات الاجيال تلك رسمت بالفعل مسار الترشيحات الديمقراطية الأولية بشكل عجيب؛ فاليوم يعتبر "بوتجيج" ضمن الربع الأول لمتنافسي الترشيح الرئاسي الاولي 2020، وإذا فاز سيكون أول مرشحي جيل الألفية. ولكن اذا جرى ترشيح ساندرز أو"أليزابيث وارن" (وكلاهما في السبعين)؛ فالسبب أن الناخبين الألفيين سحبوا الحزب باتجاه اليسار. فاذا كانت انتخابات 2016 مناوشة؛ فقد تكون انتخابات 2020 حرب أجيال شاملة. قد يستمر الامر لسنوات؛ لكن الجيل الذي يحكم واشنطن اليوم لن يبقى للأبد.. التغيير مقبل؛ وقد تخبرنا انتخابات هذا العام موعده..