موروثات تغيرت

ثقافة شعبية 2020/02/15
...

 باسم عبدالحميد حمودي
تتغير عبر الزمن الكثير من معالم المدن والاماكن الشعبية التي تحتويها بفعل تلك القوى الاساسية التي تصنع ذلك التغيير.
كم من شارع ضاعت معالمه القديمة أو اختفى توجهه الاساس ليحل بدله توجه آخر,أو يختفي ذلك الشارع بأسره  أنسجاما مع حركة التغيير الحادثة..
لا نناقش هنا الاسباب وليس من حقنا ذلك، لأن فعل التغيير قد وقع بفعل الزمن وعبره، لكننا هنا نستذكر أمثلة للتحول والتغيير عبر الزمن راجين الباحثين المهتمين متابعي صور التغيير العمراني في هذه المدينة أو تلك خلال الحديث عن 
تطورها.
إذا وقفنا كمثال في ساحة الشهداء في كرخ بغداد قريبا من جسر الشهداء، ووضعنا وجهنا معاكسا لبناية التقاعد العامة الحالية ونحن ننتقل بالزمن  الى العام  1945 ، فسنجد ان الصورة المعمارية للساحة قد كانت تحوي الآتي:
 كانت هناك حديقة صغيرة تجاور نهر دجلة، ولم يكن هناك مكان لسيارات نقل الركاب سوى موقف صغير واحد، وكانت الساحة تدعى ساحة السويدي نسبة الى الأستاذ ناجي السويدي أحد وجهاء منطقة الكرخ ووزراء الحقبة الملكية ، وكان الجسر يسمى جسر المأمون نسبة للمأمون العباسي .
تقابل وسط الشارع بناية ضخمة تمتد الى قرب ثاوية الكرخ  وهي عبارة عن كراج واسع للكاريات (الترام )مع السكة الحديد الممتدة من هذه المنطقة الى ساحة باب الدروازة في الكاظمية المقدسة إذ تنقل  الركاب من هذه المنطقة التي هي البدء لشارع الأمام موسى الكاظم(ع) الذي يمتد الى الكاظمية.
الى الخلف وبدل بناية التقاعد الحالية كانت هناك عدة دكاكين تعد واجهة الخانات الكبيرة التي تقع خلف هذه الدكاكين مثل خانات بافي وهندي وسواهما ، يجاورها مقهى كبيرة للتجار والشعراء والمثقفين هو مقهى الداود الذي سمي بعد هذا باسم حسون.
هذه التفصيلات التي انقرض بعضها واستبدلت التسميات للأقسام الأخرى جاءت بفعل عدة عوامل منها سياسية (كأستبدال تسميتي الجسر والساحة بالشهداء) ومنها أدارية عمرانية ؛حيث انتهى دور محطة الترام العام 1946_1947
 هنا نحن لانتحدث عن الأجزاء الأخرى من الساحة مثل بناية جامع حنان ومقهى هبش المسمى تسمية أخرى ووبناية فندق بورسعيد التي كانت اساسا علوة من علاوي الرز والدهون والاجبان والفواكه الآتية من أطراف بغداد في عشرينيات القرن الماضي.
فإذا انتقلنا الى مدينة السماوة ووقفنا عن البساتين التي كانت تحيط بالشارع المؤدي الى محطة القطار القديمة  نرى عجبا في التغييرات التي حدثت في هذا الشارع الجميل من ابنية الى دور سكن ومحال عمل، إذ ضاع هنا -مثلا -بستان الحاج علي مصيوي ودوره  الصغيرة.
الدنيا تتغير وكل ناحية ومكان من مدينة تاريخ وتغيير معماري له أسبابه والحكايات طويلة ممتعة ولاتتعلق بالمعمار وحده ،بل بتاريخه واسباب التغيير واشكال ذلك.