وفد تركي يبحث في روسيا مشكلة إدلب

قضايا عربية ودولية 2020/02/16
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
يبحث مسؤولون أتراك مع نظرائهم الروس، اليوم الاثنين في موسكو، حل مشكلة محافظة إدلب، شمال سوريا، بعد سيطرة الجيش السوري المدعوم من روسيا على مواقع ستراتيجية جديدة في المحافظة الخارج مركزها عن سيطرة دمشق منذ 9 سنوات.
وتأتي الجولة الجديدة من المباحثات إثر فشل الجولة الأولى يومي 8 و10 من شباط الحالي في أنقرة، على وقع تبادل كبار المسؤولين الأتراك والروس الاتهامات بالإخلال في اتفاق خفض التوتر والتصعيد الخاص بإدلب. وعلى الرغم من دعوة أنقرة حلفاءها الغربيين للعمل على وقف التقدم الميداني السوري، فإن تقاطع مصالحها مع كبرى العواصم الغربية، فضلا عن موسكو، سواء في سوريا أم خارجها، لاسيما ليبيا، لا يحمل الحلفاء على الاستجابة، الأمر الذي دفع القيادة التركية لمواصلة تعزيز قواتها المسلحة في إدلب، تحسبا لاندلاع مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، في أي لحظة، في حال لم ينهِ تقدمه.
 
استمرار التحشيد العسكري
وواصل الجيش التركي إرسال تعزيزات عسكرية إلى نقاط المراقبة في إدلب، حيث ينشر 12 نقطة، بموجب اتفاق خفض التوتر والتصعيد المبرم عام 2018 بين أنقرة وموسكو في سوتشي.
وذكر التلفزيون الرسمي التركي أن التعزيزات شملت قوات خاصة، وناقلات جنود وعربات مدرعة، ودبابات، ومدافع، وذخائر.
وأصبحت 4 من نقاط المراقبة التركية، على الأقل، محاطة بقطعات الجيش السوري عقب سيطرته على مدينة سراقب، والطريق السريع M5 الرابط بين حلب ودمشق.
ودافع فؤاد أوكتاي، نائب الرئيس التركي، عن شرعية وجود نقاط المراقبة التركية في إدلب بموجب اتفاق سوتشي وتفاهمات آستانا. وقال أوكتاي لتلفزيون (إن.تي.في) التركي: إن "نقاط المراقبة أقيمت، وكان على النظام أن يبقى خارج هذه المنطقة، وعلى روسيا وإيران ضمان بقائه خارجها، وكان لدى تركيا مسؤوليات كذلك، وقد أوفت بها".
وأضاف عن دور بلاده في إدلب أن "تركيا تولت مهمة غاية في الخطورة والصعوبة، وبادرت بشكل فعلي لوقف سفك دماء المدنيين، ومنع موجة هجرة جديدة".
وتتهم أنقرة موسكو بتمكين دمشق من شن هجوم على إدلب آخر معقل كبير للمعارضة السورية المسلحة من دون الاكتراث لحياة قرابة 4 ملايين مدني يسكنون المدينة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع ضحايا مدنيين باستمرار وموجة نزوح جديدة صوب الحدود التركية، في حين تتهم موسكو أنقرة بتمكين جماعات إرهابية لتعزيز صفوفها في إدلب ومهاجمة مواقع سورية وروسية.
 
مواصلة التفاوض السياسي
وعقد مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، لقاء مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، بشأن إدلب، على هامش مشاركتهما في مؤتمر ميونخ للأمن، واصفا، في تغريدة على تويتر، اللقاء بأنه "إيجابي". وأعلن وزير الخارجية التركي، على هامش المؤتمر أيضا، وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني هايكو ماس، أن وفدا تركيا سيبحث في روسيا أوضاع إدلب. وقال جاووش أوغلو "الاثنين سيتوجه وفدنا إلى موسكو، وقبله كان الوفد الروسي في أنقرة"، لاستكمال التفاوض على أمل التوصل إلى حل.
وعبّر عن رغبة تركيا في رؤية دعم أوروبي وغربي لوقف إطلاق النار في إدلب. وبيّن "نود أن ننجز ذلك من خلال الدبلوماسية ومحادثاتنا مع روسيا، وإلا فإننا سنتخذ الإجراءات اللازمة كما أعلن عنها الرئيس (التركي)، لأن النظام لا يستهدف المدنيين الأبرياء فحسب؛ بل يستهدف نقاط مراقبتنا، ومن غير الممكن أن نتسامح مع هذا".
وقتل الجيش السوري وأصاب العشرات من العسكريين الأتراك في إدلب عبر هجومين وقعا هذا الشهر، الأمر الذي استدعى ردا تركيا وتهديدا بالمزيد.
 
تناول تركي – أميركي
وتناول الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، أزمة إدلب.
وقالت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، في بيان: إن إردوغان وترامب أكدا أن "هجمات النظام السوري على إدلب غير مقبولة"، في حين بحثا أهمية إنهاء الأزمة الإنسانية في المحافظة بأسرع وقت ممكن.
وكان اردوغان قلل من أهمية وصف جيمس جيفري، الممثل الأميركي الخاص للشأن السوري للجنود الأتراك الذين قتلوا في إدلب بأنهم شهداء. وعلق، لدى عودته من باكستان، بأن "وصف جيفري لجنودنا الذين سقطوا في إدلب غير مقنع لنا". وواصل أن "إقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ تركيا على حق أهم بكثير من إقرار جيفري، وطالما أقرّ السيد ترامب بأننا على حق؛ فعليه أن يظهر موقفا حازما لكي يكون لهذا الأمر معنى".
 
رؤية اردوغان للحل
وقال الرئيس التركي، في كلمة أمام قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم، في اسطنبول: "لن يتم حل المشكلة في إدلب حتى يتم سحب قوات النظام إلى حدود مذكرة سوتشي". وأكد، في جزء لاحق من كلمته، أن "الحل في إدلب، وهو المكان الأكثر إلحاحا في سوريا حاليا، هو وقف عدوان النظام بأسرع وقت ممكن، والانسحاب إلى الحدود المقررة في الاتفاقات التي تم التوصل إليها مسبقا". وجدد تحذيره "بخلاف ذلك، سنقوم بهذا العمل (إرغام الجيش السوري على الانسحاب) قبل نهاية شباط، وسنكون سعداء إذا استطعنا القيام بذلك بدعم من أصدقائنا، وإذا اضطررنا إلى القيام بهذه المهمة بالطريقة الصعبة (القتال)، فنحن لها أيضا".
ونبّه اردوغان "ما لم يتم حل المشكلة في إدلب، لن تتمكن الحشود الجديدة المتجهة إلى حدودنا، أو السوريون في بلدنا من العودة إلى ديارهم". وأردف "لدينا حاليا 3.5 ملايين سوري، إلا أن ما يقرب من 4 ملايين شخص من إدلب يرغبون في المجيء إلى بلدنا مرة أخرى". وتساءل "ماذا نفعل من أجل هؤلاء؟ ننشئ منطقة آمنة في إدلب. بدأنا في إنشاء ملاجئ. دعونا نستوعب هؤلاء الإخوة في كيان أكثر راحة من الملاجئ".
وانتقد اردوغان حالة تقاسم الدول للنفوذ والتأثير في سوريا "ما يقرب من ثلث الأراضي السورية تحت احتلال منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، والولايات المتحدة التي تدعمها، وبالمثل، فإن العديد من الدول، من روسيا إلى إيران، وبعض الدول الأوروبية والخليجية؛ تعمل على الأراضي السورية".