الخروج من عنق الزجاجة

اقتصادية 2020/02/19
...

د.باسم الابراهيمي
 
أثار التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي بخصوص رؤيته لمستقبل الاقتصاد العراقي العديد من الملاحظات بين الاوساط الاكاديمية
المتخصصة.
بغض النظر عن مدى دقة البيانات التي اعتمدها الصندوق ومنطلقاته المنهجيّة في التقييم ومرجعياته الفكريّة في مفهوم الاستقرار الاقتصادي، إذ أنّ الأمر المهم هي الثوابت الاقتصادية التي انطلق منها، والتي باتت معروفة للجميع حتى من غير
المتخصصين.
فتعميق الريع الاقتصادي وتنامي المديونيّة العامة وارتفاع نسب البطالة والفقر كلها عوامل ضاغطة باتجاه موازنات مختلّة هيكليّا لم تعد قادرة على تنشيط الاقتصاد ما لم تتخذ خطوات عملية نحو تحريك الاستثمار الخاص بشكل أساسي في الأجلين القريب والبعيد للخروج من
عنق الزجاجة.
الاعتماد المفرط على الريع النفطي في ادارة قطاع عام انتاجية العامل فيه لا تزيد على ثلاثة دقائق
(كما تبيّن بعض التقارير) لم يعد قادرا على استدامة رواتب موظفيه بالحد الادنى في ظل مسارات الاقتصاد الحالية سيؤدي الى ترحيل الازمة وليس حلها
كما يتعقد البعض،ومن ثمّ فنحن بحاجة الى مواجهة اقتصادية شجاعة لحل تلك الاشكالات من دون تأخير، والامر المهم هنا ان ندرك أنّ هذا الموضوع يقع على عاتق الجميع وليس الحكومة فقط، وعليه بات موضوع متابعة مؤشرات الاقتصاد غير النفطي في العراق للوصول الى معدلات النمو القابلة للاستدامة امرا
ضروريا.
وهنا أدعو الى وقفة للمصارحة الاقتصادية او المكاشفة مع الذات عبر اعتماد مؤشرات الاقتصاد غير النفطي (وان كانت بشكل موازٍ مع المؤشرات المعتمدة حاليا) للاهتداء بها في وضع خارطة طريق للمستقبل تأخذ بنظر
الاعتبار تحقيق هدف الاستدامة في النمو الاقتصادي والمالية العامة على أن تستفيد من كل الايجابيات التي تحققت في المرحلة السابقة من دون تحفظ، وهذه الخطوة يمكن أن تكون نقطة شروع لمرحلة جديدة تتماهى مع متطلبات المرحلة الاقتصادية
والسياسية.
إنّ معطيات السوق النفطية الحالية وصدماتها المتكررة على الاقتصادات الريعية تحديدا ومنها العراق أكدت أن الأجل المتوسط الذي تحدث عنه التقرير يمكن أن يكون أقرب
مما يبدو عليه اليوم وبذلك علينا أن نستدرك ما فاتنا، وكما يقال أن تبدأ متأخرا خيرٌ من أن لا تبدأ، والسؤال
هنا متى نبدأ؟.