مواصفات الحكومة المطلوبة

آراء 2020/02/21
...

حسين علي الحمداني
أسئلة الشارع العراقي أغلبها تتمحور حول الحكومة الجديدة التي ينتظر الكثير منا ولادتها في الأيام أو ربما الساعات القليلة المقبلة وفق مراحل اكتمالها التي وصلت الى مراحل متقدمة بحسب الأخبار والتسريبات. 
الكابينة الوزارية الجديدة هل تحظى برضا الجميع؟، وعندما نقول الجميع لا نقصد القوى السياسية وحدها بل يضاف إليها ملايين المتظاهرين وآلاف من صفحات التواصل الاجتماعي التي باتت جزءا مهما من حركة الشارع العراقي، والسبب في ذلك أنّ سبب استقالة الحكومة السابقة هو الضغط الشعبي ومن ثمّ فهدوء الشارع العراقي يتوقف على مدى قبوله للتشكيلة الوزارية المقبلة.
والكثير من الأسئلة التي يمكن أن نطرحها دون أن نجد إجابات قاطعة لها، لا من قبل القوى السياسية التي تروّج لأسماء معينة لشغل الحقائب الوزارية وتدخل بذلك في صراعات مع بعضها البعض في نيل هذه الوزارة أو تلك، والذي يريد المتظاهر الحقيقي أن يكون من خارج هذه الأحزاب وهذا المطلب الجماهيري يمثل في ما يمثله أن هذه الأحزاب فقدت الشرعية الشعبية ولم تعد تمثل سوى نفسها والسبب ليس الشعب الذي تخلى عن (بيعته لها) بل السبب تلك الأحزاب التي تخلت عن برامجها المعلنة ووعودها وأوصلت الشارع العراقي لهذه الحالة.
لهذا نجد أن التحدي الكبير والأول للحكومة الجديدة هو أن تنال الرضى الشعبي أولا، ومن ثمّ تبني على ذلك الخطوات المقبلة، وهذا يعني أن تكون الكابينة الوزارية من خارج أحزاب السلطة التي اعتادت على شخصياتها ولم تفكر بالجديد حتى من داخل الأحزاب نفسها، فكيف تفكر باختيار شخصيات مستقلة وهي تدرك جيدا أن قيادة بلد مثل العراق سهل جدا وليست هنالك أية صعوبات في ذلك، ربما يقول البعض كيف هذا؟ أية حكومة تقود العراق بإمكانها أن تنجح وتحظى بتأييد شعبي ويعاد انتخابها مرات عديدة لسبب يعرفه الجميع ويتجاهلونه، العراق بلد غني بدليل موازنته السنوية التي تتجاوز المئة مليار دولار أميركي كحد أدنى، مع غياب قطاعات مهمة كالصناعة والزراعة والسياحة، وفي حالة تفعيل هذه القطاعات سيتم خلق مزيد من فرص العمل وتوفير الكثير من الأموال المصروفة على استيراد بضائع ومنتجات كانت تصنع في العراق. هذه الموارد لا تحتاج لتوافقات بين الأحزاب في إدارتها بقدر ما تحتاج لواقعية ونزاهة وروح وطنية من أجل وضع هذه الموازنات في مكانها الصحيح، بإمكان أية شخصية مستقلة ووزير مستقل ومدير عام مستقل أن ينجح في ذلك لنجد في غضون عام نهاية أزمة المدارس والمستشفيات والفقر والبطالة. وجود شخصيات مستقلة من خارج الأحزاب لقيادة البلد للفترة المتبقية من الدورة يحقق جزءا مهما من مطالب الشارع العراقي، لكنه في الوقت نفسه كما قلنا سيكشف كمية الفساد وهدر المال العام التي مارستها جميع الأحزاب في السنوات الماضية. الحالة التي يعيشها العراق اليوم تتطلب أن تتخلى الأحزاب عن سياقاتها في تقاسم السلطة وأن تعطي فرصة للنزاهة والعمل والجدية أن تأخذ طريقها في بناء العراق.