خَرقْ

آراء 2020/02/22
...

 نجم بحري
 
بحسرة تلف أنفسنا ونحن نطرح سؤالا كهذا وكأننا لا نستطيع الإجابة عنه على الرغم من إحساسنا بالخوف والقلق ممّا يغلف الإجابة بالخطر المحدق والمحيط بنا، والعراق اليوم يمر بمرحلة لا مبالغة إن قلنا إنّها الأخطر والأعقد، فعلى الرغم من التحول الديمقراطي إلّا أنّ الوطن لمّا يزل يخوض أزمات قاهرة حقيقية ومعقدة، فعلى الرغم من الواقع الرهيب نستطيع أن نسميها غير الناضجة إن صح القول. ولعل لتلك الهشاشة أسبابا ومسوغات ومستجدات فالعراق بسبب تاريخه الشائك والمرير الذي عاشه لعقود عجاف طويلة تمت سلسلة من المستجدات السوداء وما صاحبها من تدهور في الحياة المعاشية والاجتماعية والثقافية والأمنية والتربوية، والتي خلفت سياسات قاهرة ابتعدت عن الأعراف الانسانية، لا تعرف أي معنى للحرية والديمقراطية كمفهوم وممارسة وسلوك، حتى أصبحت (ثقافة الارهاب والعنف والتخلف والأنانية الحمقاء) وباتت هذه الصيغ شائعة في مجتمعنا العراقي برمته. لقد دخل العراق وشعبه في حروب مدمرة لا معنى لها، بل زادت التخلف عمقا وشرخا لا يندمل، والفقر حقدا، والبطالة حجما، وجراء تلك الممارسات التي افتقرت للأعراف الاجتماعية بحق ذلك الحصار الشامل مع عزلة إقليمية ودولية مما جعل العراق وشعبه يخطو الى الخلف متقهقرا في شمولية عامة الى هاوية شبه الانهيار (وكما يحصل الآن من تمرد على المتمسكين بزمام أمور الدولة والأحزاب المتناقضة) وبات الوضع سائباً بعد العام 2003 ممّا أدى الى ظهور حالات ابتعدت عن القيم والأعراف التي يتزين بها الشعب العراقي الكبير واحتلت الطائفية مصادر الثروة مستغلة ضعف الرقابة وسوء التنفيذ وفقدان الخدمات العامة وقد زاد تفشي الانحراف الأخلاقي وظهور الجرائم المنظمة والمدعومة من العديد من مافيات خارجية اخترقت القوانين وامتد اخطبوط الإرهاب الدموي وما زال، وبسبب الأداء السياسي المتشرذم للنخب والأحزاب والكتل المتصارعة على التسلط. وبطبيعة الحال السائدة والمتردية قد انعكس كل ذلك سلبا وقسرا على كل مرافق الدولة والحياة العامة. وبات الشارع مظلما تسرح فيه عصابات القتل والسرقة والاختطاف والانحراف نحو الجريمة مما ولد امتعاضا سيئا على الحكومة والأحزاب النافذة اخطبوطها القاتل، بسبب الأداء السياسي المتردي والجهل المعرفي والتقافي لها.أجل ونحن اليوم في العراق نعيش أزمات حقيقية ملغمة وتلتف حولها عناصر التحدي القاهر والزمر الارهابية الناشطة، وأصبح حالنا فوضى عارمة كبيرة لا نجاة منها، بسبب انعدام لغة
الحوار الناضج والسليم المستند الى أجواء الثقة والصراحة والمكاشفة والنقد بروح ايجابية.