معاناة كبيرة لإسبانيا مع الفقر

بانوراما 2020/02/23
...

سام جونز
ترجمة: خالد قاسم
أخفى تعافي اسبانيا من أزمة 2008 الاقتصادية مشكلات اجتماعية اقتصادية متجذرة بعمق. اجتمعت أكثر من 20 امرأة من أميركا اللاتينية في جنوب مدريد بيوم عطلتهن لتفسير مفارقة اختفائهن أمام خبير حقوق انسان من الأمم المتحدة. وتختلف تلك النسوة بأعمارهن وينتمين الى دول مختلفة مثل بوليفيا وباراغواي وجمهورية الدومينيكان وغيرها، لكن قصصهن متشابكة لتشكل رواية واحدة.
تعمل هذه المجموعة خادمات مقيمات، ويعانين من قلة الأجور والعمل المنهك وعدم التقدير والحصار، والخوف أحيانا، والازدراء وسوء المعاملة غالبا. 
ويجب أن تتلقى هذه النسوة حدا أدنى للأجور ويبلغ 950 يورو شهريا، لكنهن يتقاضين نحو 800 يورو رغم عملهن 18 ساعة يوميا وستة أيام أسبوعيا.
تقول جانينا فلوريس من بيرو: "نعتني بكبار السن، وبالأطفال ونتحمل مسؤولية كل ما هو ثمين بالأسر. ونعمل خبراء نفسيين وأصدقاء حميمين ونمارس الخياطة أيضا، لكن من دون تقدير لجهودنا." تضيف امرأة بيروفية أخرى تدعى أدريانا أراوخو الطبخ ورعاية الحيوانات الأليفة الى القائمة. وعندما أنهت النساء حديثهن أخبرهن فيليب ألستون مقرر الأمم المتحدة الخاص بالفقر المدقع وحقوق الانسان أنه مدرك جيدا لوضعهن المزري. بينما تعافت اسبانيا بدرجة كبيرة من أزمتها الاقتصادية، لكن قصص الخادمات على غرار ما سمعه فيليب طيلة مدة بعثته التي استمرت 12 يوما هي وسيلة تذكير بأن التعافي يحجب مشكلات أكثر عمقا.
 
معيشة بائسة
وفقا لأرقام معهد الاحصاء الوطني الاسباني فهناك 26 بالمئة من السكان يعيشون مع خطر الفقر أو الاقصاء الاجتماعي، أما نسبة البطالة فتبلغ 14 بالمئة وهي أكثر من ضعف معدل الاتحاد الأوروبي. 
ويعاني نحو نصف السكان من بعض الصعوبة بتلبية حاجاتهم، والفقر أعلى لدى الأطفال والمهاجرين والغجر.
تقول بلانكا كورونيل وهي امرأة من باراغواي تقيم في اسبانيا منذ 2006 وتبلغ من العمر 71 سنة، أنها بحاجة للعمل لعشر سنوات أخرى قبل أن تكسب مساهمات تقاعدية كافية رغم عمرها واصابة ركبتها.
تجول فيليب داخل مركز تمكين العاملات المنزليات والخادمات حيث أجري اللقاء، واعتمد المركز طيلة الأشهر الستة الماضية على منحة 200 ألف يورو قدمها مجلس مدينة مدريد بقيادة العمدة اليسارية السابقة مانويلا كارمينا.
سمحت الأموال للمركز بتوفير الاستشارة القانونية، والدعم النفسي وصفوف الدراما والفنون القتالية ودروس طبخ الطعام الاسباني لمئات المهاجرين. والمركز مكان أيضا يلتقي فيه العمال منعا لعزلتهم وابتعادهم عن المجتمع.
قرر مجلس المدينة الجديد هذا العام، بقيادة حزبين يمينيين، عدم تجديد الاعانة مما أثار الشكوك بشأن مستقبل المركز. 
وقالت متحدثة بإسم المجلس أن النقود كانت دائما منحة سنوية غير قابلة للتجديد، وأضافت: "هناك عشرات الاتحادات المحلية التي تعرض دعما خيريا للجيران وقادرة على تطبيق أنواع مختلفة من المعونات لتمويل نشاطاتها أو ادارة
التكاليف." قبيل انهاء زيارته ذكر فيليب أنه يتمنى اعادة النظر بالتمويل أو مجيء مصدر أكثر تنويرا بدلا منه، ونصح الاتحاد بالواقعية في التمنيات "لا أعتقد هناك حكومة في اسبانيا أو معظم الدول الأخرى ستغير فجأة وضعكن لأنكن توفرن 
خدمة واطئة الكلفة ولا غنى عنها."
 
أزمة سكن
زار فيليب عقارا سكنيا في بلدة توريخون دي أردوز الواقعة شمال شرق العاصمة إذ وجد دليلا ثابتا على أزمة السكن الاسبانية.
وتوقع فيليب أن تلقي هذه القضية بظلالها على بحثه، وأخبر الصحيفة أن تعافي الاقتصاد الاسباني كان أكثر تعقيدا مما يبدو وأن "أي شخص يقرأ التقارير سيعرف وجود أزمة سكن في اسبانيا."علقت لافتات تستنكر ارتفاع الايجارات على الشرفات، وحضر عشرات المواطنين من السكان المحليين ليخبروا خبير الأمم المتحدة كيف تأثروا بوصول صناديق الاستثمار التي اشترت ما قيمته مليارات الدولارات من المساكن خلال الأزمة.
ازدادت الايجارات بنسبة 50 بالمئة منذ 2014، ويقول بعض السكان أنهم مضطرون لدفع زيادات كبيرة الى أصحاب عقاراتهم الأجانب، وتسبب الوضع بتأسيس جماعات المستأجرين وانفجار مجاميع محتجة عبر الاعتصام ودفع ايجارات قديمة ورفض توقيع عقود جديدة يرونها ظالمة للغاية.
ما سيحدث لاحقا يعتمد كثيرا على الحكومة الائتلافية الجديدة، اذ تعهد رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز بإحداث نقلة في المساواة والعدالة الاجتماعية وبدأ فعليا بوضع حد أعلى للايجارات، أما شريكه بالحكم حزب بوديموس فقد ولد من غضب واسع النطاق ضد التقشف وعدم المساواة والوضع السياسي القديم الذي هيمن على البلاد لعشرات السنين.
 
صحيفة الغارديان البريطانية