بغداد/ عماد الإمارة شكران الفتلاوي
يمكن القول إن شفافيَّة الماليَّة العامة تعني إطلاع الجمهور على الهيكل التنظيمي للحكومة ووظائفها والتدابير المزمع تنفيذها على مستوى الماليَّة العامة، وحسابات القطاع العام وتنبؤات الماليَّة العامة.عضو مركز الدراسات العربيَّة والدوليَّة في الجامعة المستنصريَّة عمرو هشام قال: إن "الشفافيَّة الماليَّة تعتمد على ركائز الميثاق الأربع المتمثلة بوضوح الأدوار والمسؤوليات وعلانيَّة عمليات الموازنة العامة وإتاحة المعلومات للاطلاع العام وضمان الموضوعيَّة،
وفي ذات الوقت هناك محددات وقيودٌ على تطبيق الشفافيَّة الماليَّة منها محدوديَّة الوصول الى البيانات وتأخر الحسابات الختاميَّة وضعف أطر المحاسبة والمساءلة".
لافتاً الى أنَّ "التوسع في الإنفاق العام لأسبابٍ غير اقتصاديَّة وهيمنة النفقات العسكريَّة من جهة وتراجع أسعار النفط العالميَّة في العام 2014 والسنوات التي تبعته من جهة ثانية والذي يعرف بالصدمة المزدوجة للاقتصاد العراقي، قد أرهق الماليَّة العامة في العراق وأضعف من الشفافيَّة التي تعاني من تعثر في التطبيق بالأصل".
رؤية اقتصاديَّة
تابع: "بما أنَّ الموازنة العامة تعدُّ حصيلة ثلاثيَّة الأبعاد بين الاقتصادي والقانوني والمحاسبي، بالنتيجة يجب أنْ تعكس رؤية اقتصاديَّة واضحة وناجحة، وبصيغة قانونيَّة سليمة وغير ضبابيَّة وممكنة التطبيق ضمن النظام المحاسبي المعتمد في البلد في إطار شفاف وواضح يسمح بالرقابة والمساءلة".
واضاف عمرو: "لذلك نوصي بأهميَّة التأكيد على دور ديوان الرقابة الماليَّة في تعزيز الشفافيَّة وتطور المهارات المحاسبيَّة وتوسيع المشاركة في بناء الموازنة العامة من خلال الاقتصاديين ذوي الاختصاص والمشاركة الشعبيَّة في تحديد توجهات الموازنة العامة وصولاً الى ما يعرف بمفهوم الموازنة المجتمعيَّة ونشر البيانات الخاصة بالموازنة على موقع وزارة الماليَّة والجهات المختصة والتأكيد على مبادئ الموازنة الحديثة، منها مصداقيَّة الموازنة والانضباط المالي، وبحث إمكانيَّة تطبيق برامج موازنة الأداء والبرامج في بعض الوزارات".
إعداد الموازنة
وفي سياق ذي صلة، أوضح الدكتور محمد شهاب أحمد من وزارة التخطيط أنَّه "يتخذ أسلوب إعداد وتنفيذ الموازنة العامة في العراق النهج التزايدي، فالموازنة الجديدة عبارة عن الموازنة السابقة لسنة سابقة معدلة بالزيادات وفي تكوينها نتاج حركة من الأسفل الى الأعلى، لأنَّ الوصول من إطار اقتصادي كلي الى الموازنة بعيدة عن ثقافة العمل المتنفذة في العراق، وليس من السهل خفض النفقات أو إخضاع التخصيصات الى تحليل واضح للكلفة والمنافع المرتقبة منها".
تابع شهاب "تشير الوقائع العمليَّة الى أنَّ هناك هدراً في مجال المشاريع الاستثماريَّة من حيث القدرات الواطئة والإمكانات القاصرة عن الاطلاع بهذا الدور من قبل المؤسسات المعنيَّة بهذا المرفق، الى جانب إدراج المزيد من المشاريع في الموازنة وإثقالها بالتزامات فوق قدرات التنفيذ لمدة زمنيَّة تتجاوز الخمس سنوات، وعند أخذ نسب التنفيذ للتخصيصات والتي لا تتجاوز 70 بالمئة في أحسن الأحوال مما ترتفع معها مدة تنفيذ المشروع وترحيله الى آمادٍ زمنيَّة أطول، ومن ثم أصبح الاستثمار العام تجميداً للموارد الى مستويات لا تفعل التنميَّة وفق الطموح، وكلما كان الفرق كبيراً في التكاليف الفعليَّة عن المعياريَّة والإنجاز بطيئاً نسبة الى تراكم الإنفاق كلما أفقد الموازنة المناورة المطلوبة للتكيف مع أوضاع متغيرة".
العمل الحكومي
ونبه شهاب الى أنَّه "عندما تفتقر الموازنة العامة لهذا الاهتمام فإنَّ أزمة كبيرة تؤجل بدفع المزيد من الموارد الى ماكنة العمل الحكومي وتضيع فرصة سانحة لتحرير موارد توظف لتحقيق إنجازات ملموسة يمكن أنْ تسهمَ في ردم الفجوة بين الواقع والاحتياجات والناجم عن التراكم في إعداد المشاريع مع تأخر الإنجاز، بل يبقى في قيود السلف لحين تسلم المشاريع، ما يعني ضعف العلاقة بين الإنفاق والاستثمار والإضافات المفترضة، ويعقد من عمليَّة التدقيق في كفاءة تسعير المشاريع والتحقق من مدى الصلة بين زيادة التكاليف الكليَّة وحجم الموجودات العينيَّة التي يضيفها إنجاز تلك المشاريع ليتراكم الفشل حتى الانهيار، وتلك الفرص ضيعها التخلف الإداري والفساد المالي".