القانون في حياة الأفراد

اسرة ومجتمع 2020/02/24
...

 القاضي عبدالستار بيرقدار
 
يُعَدّ القانون وسيلة من وسائل الضَّبط الاجتماعي وهو وسيلة أساسيَّة يُعتمَد عليها في المُجتمع لِتنظيم سلوك أفراده، كما أنَّ لِلقانون دورا أساسيا في الحِفاظ على التحام أفراد المُجتمع وتماسكهم واستقرارهم؛ وذلك من خلال تحقيق العدالة، وتوفير الحرِّية والأمن بالتزام الأفراد بالقواعد والأوامر التي تصدر من السُّلطات العُليا فهو بشكل عام عبارة عن مجموعة من القواعد الَّتي تنظِّم علاقات أفراد المُجتمع ببعضهم البعض، وفي بلد مُعين فالقانون هو القواعد السَّائدة الَّتي يُطبِّقها بلد مُعين في وقت مُعيَّن، والقانون في موضوع مُعيَّن هو مجموعة القواعد الَّتي تضعها السُّلطة التّشريعية لتنظيم موضوع ما، والمُجتمع الخالي من القوانين ما هو إلّا بمثابة غابة يأكل فيها القوي الضَّعيف، ويطغى عليه الاضطِّراب، وتعمّ الفوضى وعدم التَّوازن فيه، وسيادة القانون في مجتمع مُعيّن يُضفي عليه صفة الاستقرار والهدوء.
فالعلاقة بين القانون والمُجتمع علاقة قوية ومتينة، فلا يُمكِن أنْ يوجد قانون بدون مجتمع والعكس، فالارتباط وثيق بين القانون والمُجتمع، ويتأثَّر القانون بالمُجتمع الّذي يتم تطبيقه فيه، كما يُؤثِّر القانون بالمُجتمع أيضاً، ويُعد القانون ظاهِرة اجتماعية وُضِعت لِمعالجة المشكلات الَّتي تعترض طريق المواطنين، ومن أهم أدوار القانون هو تحقيق أمن واستقرار المُجتمع، فالقانون علم قائم على مجموعة من النَّظريَّات العلميَّة أساسها واع وعقلي وتاريخي ومثالي أيضاً.
 وهذه الأساسات الَّتي يُبنى عليها القانون هي الَّتي تُعطي القواعِد القانونيَّة معناها وتفسيرها وتُساعِد على تطبيقها بِشكل سليم، فالقانون يُحقِّق الأمن على المُستوى الفردي من خلال منع وقوع الاعتداء بين أفراد المُجتمع، وتحميل كل فرد مسؤولية الأضرار المُترتِّبة على تصرُّفاته، وفي هذا تجسيد لمفهوم العدالة في المُجتمع، فمن يرتكب سلوكا مُضرّا بالغير عليه أنْ يُعوِّضه عمّا تسبَّب به من أضرار، كما يُحقِّق القانون العدالة والمُساواة عن طريق رفع الظُّلم الواقِع من شخص على شخص آخر في المُجتمع، كما يسعى القانون إلى تحقيق العدالة عن طريق التزام الأفراد بالوفاء بِعهودهم من خلال العقود، وكلّ من ألحَقَ الضَّرر بغيره عليه تعويضه عن ذلك، أمّا عن الاستقرار فيُسخِّر القانون جميع مبادئه وأساليبه المُختلفة في سبيل تحقيقه، ومن مبادئه المُسخَّرة أنّ العقد هو شريعة المُتعاقدَيْن؛ حيث يحقِّق هذا المبدأ استقرار العقود والتزام الطرفين بها، فلا يجوز لأيّ منهما نقض الاتِّفاق أو تعديله دون الرُّجوع إلى الطرف الآخر، كما يتحقَّق الاستقرار بوجود مؤسَّسات تُطبِّق القانون بكل احترام مثل الجهاز القضائي، ومن دور القانون أيضاً أنَّه يُحقَّق أهداف النظام السِّياسي والنِّظام الاقتصادي، كما يُحافظ على توازن واستقلال السُّلطات الثّلاث التَّشريعية والقضائية والتنفيذية.