معاناة الطالبات المتزوجات

اسرة ومجتمع 2020/02/25
...

بغداد / آية حسين
علامات الحزن والتعب تبدو على وجه العشرينيَّة تقى علي وهي تتكلم عن معاناتها التي تتجدد مع بداية العام الدراسي، إذ تزداد مسؤولياتها بين تلبية احتياجات أولادها ومتطلبات المنزل ودراستها، لأنها تستيقظ كل يوم مبكراً لكي تتمكن من إنجاز أعمال المنزل قبل ذهابها إلى الجامعة والحصول على وقتٍ يسعفها لقراءة موادها الدراسيَّة قبل بدء المحاضرات حالها حال الكثير من الطالبات اللواتي دفعتهن الحياة الى الزواج في وقتٍ مبكرٍ.
 
 إذ يعشن ظروفاً دراسيَّة صعبة، خصوصاً إذا كان لديهن أولاد فتصبح مسؤوليتهن أكبر ويجب عليهن عدم التقصير بواجباتهن تجاه أسرهن ودراستهن فيشعرن بضيق الوقت لكونهن يقمن بدورين مهمين في وقتٍ واحد.
وعلى الرغم من ثقل مسؤوليتهن لم يتخلين عن طموحهن وحلمهن ولم يدعن الزواج يعيقهن عن إكمال دراستهن بل استطعن تحدي أصعب الظروف وتحقيق حلمهن وشق طريقهن نحو النجاح.
 
ضيق الوقت
وتضيف علي: "تزوجت عندما كان عمري سبعة عشر عاماً بعد إصرار أسرتي على الزواج من ابن عمي وحينها كنت لم أكمل المدرسة بعد، إذ المشكلة التي تواجهني دائماً هي ضيق الوقت وعدم قدرتي على القيام بأعمالي كلها بسبب عدم تعاون زوجي معي لأنه ترك مسؤولية الأولاد والمنزل عليَّ، فأجد صعوبة بالغة في عدم قدرتي على التحكم بالوقت لكني مع ذلك أسعى إلى تحقيق حلم الطفولة، الحمد لله استطعت أنْ أحققه وهو أنْ أصبح محامية وأنا الآن طالبة في مرحلة ثالثة كلية قانون".
 
مساندة الزوج
وتقول ليلى ياسين: "زوجي شجعني على إكمال دراستي بعد أنْ تركت الدراسة بسبب ظروف المعيشة الصعبة التي تعيشها أسرتي وبعد وفاة والدي بعد زواجي اقترح عليَّ زوجي بالعودة إلى مقاعد الدراسة عن طريق الامتحانات الخارجيَّة، إذ ساندي زوجي ووالدته كثيراً".وتشير ياسين موضحة "بعد نجاحي من الإعداديَّة قدمت على كلية التربية وأنا الآن في مرحلة ثالثة، إذ يعود الفضل الى الله عز وجل وزوجي الذي يدعمني، إذ لم أجد أية معوقات خلال العام الدراسي لأنني وزوجي متفاهمان جداً".
 
دعم والدتها
وتروي العشرينيَّة ياسمين محمد حكايتها فهي أم لثلاثة أبناء قائلة: "تزوجت عندما كان عمري ستة عشر عاماً من ابن خالي حينها لم أترك دراستي بعد، إذ أضع أطفالي عند والدتي عند ذهابي إلى المدرسة".
تضيف محمد: "كنت أبقى إلى وقتٍ متأخر ليلاً من أجل قراءة واجباتي المدرسيَّة بسبب عدم قدرتي على إكمالها خلال النهار بسبب انشغالي بأولادي وبعد دخولي الكلية أصبحت المواد أقل مقارنة بالمدرسة، إذ كنت أقسم وقتي بين دراستي وأطفالي وتساعدني والدتي في كثيرٍ من الأحيان برعاية أطفالي".
 
كثرة الانشغالات
بينما تقول:  منار حيدر "لم أواجه أية صعوبات أو معوقات بداية زواجي ، لكنْ بعد ولادة ابني أصبح الوقت ضيقاً جداً ما بين قضاء أعمال المنزل ومتطلبات زوجي وابني، ففي فترة الامتحانات أذهب إلى بيت أهلي لكوني لا أستطيع القراءة في بيت أهل زوجي بسبب كثرة انشغالاتي".
مبينة بقولها: "لا أذهب كثيراً للجامعة، إذ تراكمت علي المحاضرات والإنذارات بسبب انشغالي بابني وأعمالي داخل المنزل الذي كان متعلقاً بي جداً ويبكي كثيراً عندما أتركه لذلك اضطررت الى اصطحابه معي يومياً للكلية ووضعه في الحضانة لحين إكمال محاضراتي".
 
ضغط الامتحانات
تشير مريم كاظم: "عندما كنت أسكن مع أسرة زوجي لم أجد أي صعوبة لكن عندما انتقلت مع زوجي إلى منزلٍ جديدٍ أصبحت مسؤوليتي أكبر، خصوصاً بعد حملي وعدم قدرتي على الحركة بسهولة، إذ تحدث المشاجرات كثيراً بيني وبين زوجي وخصوصاً في فترة الامتحانات".
تضيف كاظم "بعد عودتي من الجامعة آخذ ابني من بيت أهل زوجي وأحاول إنجاز أعمال المنزل قبل عودة زوجي من العمل وفي الليل أقرأ محاضراتي وأنجز بعض أعمال المنزل لليوم الثاني".
 
تقسيم العمل
يؤكد الدكتور والباحث عدنان ياسين مصطفى: "لا شك نحن نعيش في مجتمع تقليدي وهناك الكثير من المشكلات التي تتعلق بالأدوار التنمويَّة للمرأة التي تتلخص في الثقافة التقليديَّة السائدة بأنَّ المرأة قيمتها في أنْ تحافظ على شرف الأسرة وتنجب الأطفال وتنجز أعمال المنزل، فالتنشئة الاجتماعيَّة للمرأة لها دورٌ كبيرٌ في مساعدتها للدفاع عن حقوقها". 
مبيناً بقوله: "لا شك أنَّ تقسيم العمل في المنزل بين الزوج والزوجة يتأثر بالأوضاع التعليميَّة والصحيَّة والاقتصاديَّة بين الزوجين، فالزوجة التي تمتلك وظيفة ومستوى تعليمياً تحاول أنْ تفرض وجودها هذا يؤدي إلى المشكلات بين الزوجين خصوصاً إذا كانت هناك فجوة في المستوى التعليمي أو العمر، فضلاً عن الثقافة السائدة التي تقدم الابوة وتأخر الأمومة أو تحاول إبراز دورها عن طريق الابوة، فنحن نحتاج إلى مؤسسات تساعد في تمكين المرأة والرجل في الوقت ذاته، حتى يكون رجلاً متفاهماً واعياً بحقوق المرأة وتكون المرأة مدركة بحقوقها وواجباتها، هذا يسهم في تقليل الخلافات بينهم خاصة وأنَّ المرأة لها دورٌ مهمٌ وهي أساس بناء المجتمع".