العنبكي: العراق يحتاجُ خارطة طريق للنهوض بالبنى التحتيَّة

اقتصادية 2020/02/25
...

بغداد/ حسين ثغب 
 
اقترح الخبير الاقتصادي قحطان العنبكي خارطة طريق للنهوض بالبنى التحتيَّة في العراق والتي تتطلب عدة مراحل تبدأ من توفير مياه الشرب في وسط وجنوب البلاد، والتركيز على إكمال مشاريع المصافي النفطية المعقدة، وتحلية الغاز المصاحب واستخراج وتحلية الغاز الحر، وصولاً الى تبني خارطة طريق متكاملة لقطاع الطاقة، والمساهمة في الاستثمار مع القطاع الصناعي والزراعي.
وشدد على أنَّ "تقديم خارطة طريق لتوفير مياه مستدامة لوسط وجنوب العراق بات أمراً حتمياً، إذ يمرُّ العراق بمرحلة تحول تاريخيَّة من بلدٍ غني بمصدر المياه الطبيعيَّة الى بلد يعاني من شُح مياه الشرب للمواطنين وكذلك مياه الإرواء الزراعيَّة والمياه المتعلقة بالعمليات الصناعيَّة، إذ إنَّه من المتوقع ارتفاع نسب المتأثرين بشح المياه وخصوصاً مواطني وسط وجنوب العراق". 
 
خسائر المياه
قال العنبكي إنَّ "خطة معالجة شح المياه تحتاج الى تبنيها بالسرعة الممكنة لإضافة خطوات ملموسة لتوفير المياه قبل حلول فصل الصيف المقبل من خلال عمليات مسح المناطق الجنوبيَّة، ليتم تقليل خسائر المياه من خلال إصلاح شبكات الأنابيب في المدن التي يزيد عدد سكانها على المليون نسمة ومن بعدها في المدن الأقل عدداً كذلك يتم نصب محطات تحلية مياه متنقلة في المدن التي يكون عدد سكانها أقل من مليون نسمة، وذلك لطمأنة المواطن بأنَّ الحكومة قد بدأت بإجراءات حقيقيَّة لمعالجة شح 
المياه".
 
تخفيض الاستهلاك
من المتوقع الى سنة 2040 وحسب النمو السكاني آخذين بنظر الاعتبار أنَّ مياه الارواء تبقى بالنسب ذاتها الحاليَّة، وبذلك سوف نحتاج الى 10 مليارات م3/ سنة لسد العجز الحاصل في توفير المياه، إذ نوصي بإضافة هذه الكمية 10 مليارات م3/ سنة من خلال 18 بالمئة تحلية ماء البحر و34 بالمئة إعادة تحلية مياه الصرف الصحي، و29 بالمئة من خلال تخفيض خسائر المياه من خلال شبكات الأنابيب، و19 بالمئة تخفيض الاستهلاك، فضلاً عما ورد يوجد بحث لخارطة طريق لمعالجة الأزمة في خمس مراحل لغاية 2040 بالاعتماد على تحلية ماء الخليج وتقليص الثقل المعتمد في تغذية المياه من منابع تركيا والروافد المغذية من إيران".وأضاف أنَّ "المحور الآخر  في خارطة الطريق يتمثل في تحلية الغاز المصاحب واستخراج وتحلية الغاز الحر، إذ يحرق بمعدل يومي 1800 مليون قدم مكعب قياسي, (مقمق) وهذا ذو فوائد كبيرة وأهمها التخلص من التلوث وخاصة في البصرة والمناطق الجنوبيَّة، وفوائد اقتصاديَّة وستراتيجيَّة بالاعتماد على الغاز الطبيعي والسائل بتشغيل المحطات الكهربائيَّة للوصول الى الاكتفاء الذاتي وتصدير المتبقي بدلاً من استيراد الغاز، فضلاً عن تغذية الصناعات البتروكيمياويَّة والأسمدة".
 
المصافي النفطية
لفت العنبكي الى "أهمية التركيز على إكمال مشاريع المصافي النفطيَّة المعقدة والتي تم إكمال تصاميمها من قبل شركات هندسيَّة عالميَّة، كمصفى الناصرية سعة 300 ألف برميل/ يوم، ومصفى ميسان ومصفى كركوك سعة كل واحد منها 150 ألف برميل/ يوم، ومزايا هذه المصافي هي تقليص نسبة النفط الأسود الى أقل من 8 بالمئة مقارنة بالمصافي التقليديَّة التي تتجاوز نسبة النفط الأسود 45 بالمئة، علما أنَّ إكمال تصاميم هذه المصافي تجاوز الأربع سنوات وأنَّ معدل استيراد المنتجات النفطية البيضاء تجاوز الـ 4 مليارات دولار سنوياً"، لافتاً الى أنَّ "تنفيذ هكذا مشاريع يتم بطريقة الاستثمار وبشروط جاذبة للمستثمر أو عن طريق التنفيذ من خلال ميزانيَّة الدولة الاستثمارية أو بأسلوب التمويل، يصاحب تنفيذ هذه المشاريع تنفيذ مد خطوط نقل المنتوجات البيضاء وبناء المستودعات للمنتوجات البيضاء".
وشدد على "إنشاء سكك حديدية لنقل الغاز السائل من الخليج الى تركيا لربط دول الخليج والدول المجاورة (قطر, الإمارات, إيران ....) لنقل الغاز السائل الى تركيا ومن خلالها الى أوروبا، وكذلك إنشاء أنبوب لنقل الغاز الجاف لهذه الدول، إضافة الى الفائض في العراق من الجنوب الى أوروبا عبر تركيا، كما لا بدَّ من التوجه الى خلق تداخل بين الصناعات البيتروكيمياويَّة مع الصناعة النفطيَّة، إذ إن البيتروكيمياويات تعدُّ جزءاً لا يتجزأ من الصناعة النفطيَّة لتلبية توفير المواد الأولية للصناعة البيتروكيمياويَّة من المنتجات النفطيَّة والغاز". 
 
قطاع الكهرباء
نبه الى "التوجه صوب تبني خارطة طريق متكاملة لقطاع الطاقة، لتغطية العجز في تجهز المواطنين، آخذين بنظر الاعتبار أنه لغاية سنة 2040 مع النمو السكاني وتطوير البنى التحتيَّة الصناعيَّة للبلد فإنه من المتوقع أنْ يحتاج العراق الى حدود 40,000 ميكا واط، لذلك هناك حتمية لإعداد خطة شاملة متداخلة لتشمل قطاعي الكهرباء والنفط من حيث تلبية احتياج قطاع الكهرباء من المنتوج النفطي والغاز وكذلك مواقع محطات الكهرباء المستقبليَّة لتكون مجدية من حيث إيصال الوقود لهذه المحطات (وتقليل الضياعات في عمليات نقل الطاقة) ومد أنابيب الوقود والخزانات ومحطات الضخ".
وفي مفصل الإعمار والإسكان قال العنبكي: إنَّ "الحاجة ملحة للتركيز على بناء المجمعات السكنيَّة، ومدارس نموذجيَّة مع جميع المستلزمات وحسب المواصفات للدول التقدمة والتي تليق بطلبة العراق، تشمل رياض الأطفال، طلبة الابتدائية، المتوسطة، الإعداديَّة وطلبة الجامعات"، لافتا الى "البنى التحتية وتشمل الطرق والجسور ومحطات تصفية مياه المجاري، والمساهمة في الاستثمار مع القطاع الصناعي لتشجيعه على بناء المصانع الضروريَّة لتقليص الاستيرادات وائتمان الصناعة الوطنيَّة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية بمشاركة الصناعات الوطنيَّة كي يتم تحديثها باستمرار وجعلها منافسة للصناعات العالميَّة وفق المواصفات والقياسات العالمية المعتمدة في الدول المتطورة".
 
القطاع الزراعي
أكد العنبكي "حتميَّة تطوير القطاع الزراعي بإدخال التكنولوجيا الحديثة وتحلية التربة، إذ شملت الملوحة للأراضي الزراعية في العراق 90 بالمئة، ما يتطلب وضع خطة لعملية البزل للتخلص من الملوحة وتحويلها الى أراضٍ صالحة للزراعة، إذ بيَّن تقرير شركة بوز الأميركيَّة في أيلول 2012 بأنَّ العراق يستورد سلعاً غذائيَّة بحدود 14 مليار دولار سنوياً، في الوقت الذي من المفروض أنْ يكون العراق من الدول المصدرة للمواد الغذائيَّة".
كما شدد على "ضرورة تطوير القطاع الصحي بتنفيذ مشاريع لمستشفيات تخصصيَّة للأمراض المستعصية (الأمراض السرطانيَّة، القلب, الخ...) وبالمواصفات القياسيَّة المتطورة، وتشجيع الاستثمار في بناء مشاريع لإنتاج الأدوية مع شركات عالميَّة معتمدة".