في بداية السنة الحالية تمت إحالة عدد كبير جدا من الموظفين على التقاعد بموجب تعديل القانون وتخفيض سن التقاعد إلى 60 سنة بدلا من 63، وهذا التعديل بحد ذاته شكل عبئاً كبيرا على المحالين على التقاعد من الموظفين، وجعل أوضاعهم المالية بالتحديد غير مستقرة منذ إحالتهم على التقاعد حتى الآن لأنه جاء بشكل سريع ومفاجئ لدرجة أنّ بعضهم أطلق عليه تسمية (فيروس التقاعد).
نحن هنا لا نتحدث عن تعديل القانون، فهو على أيّة حال قانون نافذ. لكننا هنا نتحدث عن المحالين على التقاعد، وبهذا العدد الكبير، لا سيّما في وزارة التربية ومديرياتها العامة في المحافظات، فمشكلة هؤلاء المتقاعدين الجدد تبدو مشكلتين، الأولى في دوائرهم التي وضعت سقفا زمنيا بعيدا نسبيا لإنجاز معاملاتهم، ومن ثم المشكلة الثانية في دائرة التقاعد والوقت الطويل الذي قد تستغرقه معاملتهم حتى يتسلموا أول راتب تقاعدي.
المشكلة الأولى في دوائرهم تكمن بأنّ هذه الدوائر لا تمتلك القدرات الإدارية لإنجاز هذا العدد من المعاملات، والتي تتجاوز في بعض المحافظات أكثر من 2000 معلم ومدرس مضافا لهم العناوين الوظيفية الأخرى كموظف الخدمة والحارس والإداريين، وينقل لنا الكثير من المحالين على التقاعد معاناتهم في مراجعة المديريات العامة وتكدس أضابيرهم أمام عدد قليل جدا من الموظفين، مع توفر حجج كثيرة، منها، على سبيل المثال، عدم وجود نماذج سجل الخدمة الخاص بمن يحال على التقاعد، وهذا يعني أنّ هذه المديريات والوزارة لم تكن مستعدة إداريا لتعديل قانون التقاعد، وهذا ما جعل المعاملات تتأخر في الكثير من المديريات لشهر كامل، مع الأخذ بنظر الإعتبار تواجد عدد لا بأس به من السماسرة الذين يعرضون خدماتهم من أجل تسريع إنجاز المعاملات، وهو ما يفتح الباب لحالات فساد كثيرة تحدث بسبب هذا التأخير.
عندما سألت أحدهم عن الموعد الذي تحصل عليه، أجاب أنا محظوظ، موعدي منتصف حزيران، في ما كانت المواعيد الأخرى أبعد من ذلك بكثير، وصلت لشهر أيلول.
لهذا نرى أنّ تكون هنالك عملية تسريع مع حملة إدارية كبيرة تستنفر فيها المديريات العامة للتربية نسبة كبيرة من كوادرها من أجل تقليل السقف الزمني هذا أولا، وثانيا أن يتم الإسراع بصرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين على التقاعد من دوائرهم بالسرعة الممكنة من أجل تجاوز أزماتهم، خاصة وإن إحالتهم على التقاعد جاءت بشكل مفاجئ ممّا أربك حساباتهم المالية ووضعهم في مأزق لا يحسدون عليه.
وأيضا أن تكون هنالك توجيهات من مجلس الوزراء في المستقبل، على أن تحدد فترة زمنية لإنجاز المعاملة التقاعدية سواء من دائرة الموظف أو دائرة التقاعد، على أن لا تتجاوز في كل الأحوال 60 يوما، خاصة وأنّ تصريحات المسؤولين، سواء في الوزارات أو التقاعد، تشير إلى استخدام (أحدث الوسائل التكنولوجيا) في إنجاز المعاملات وهذا يعني تقليص الوقت والجهد معا.