وسط حالة من الترقب الممزوج بشيء من الغموض، قد يطرح السؤال الآتي : ما هي آفاق نجاح جلسة البرلمان لهذا اليوم لتشكيل الحكومة الجديدة أو الانتقالية بل كيف ستجري الأمور في حال فشل الجلسة بالتصويت ومنح الثقة في الساعات الأخيرة لانتهاء الوقت المحدد لكابينة محمد توفيق علاوي الوزارية ؟
ولعل الوقت المسموح به لتأجيل الجلسة السابقة، الخميس الماضي، أدى الى إرجائها لهذا اليوم بزعم ومناورة عدم اكتمال النصاب بما يسمح الى استكمالها إلا أن جلسة اليوم حاسمة ونهائية تبعاً للمهلة الدستورية التي تنتهي غداً، وأي تلكؤ أو إخفاق زمني سيؤديان الى تعجيل غير مضمون النجاح للنتائج التفاوضية لدى الكتل المعترضة تبعاً لسقف المطالب والإرضاءات والاشتراطات القابلة للتعديل أو الاضافة فضلاً عن بقاء اداة الإفشال من خلال كسر النصاب قائمة إذا لم تتوصل الاطراف البرلمانية والسياسية الى توافق معين مع اطروحة الرئيس المكلف.
وربما ستسفر الانقسامات وسط غياب الكتلة الأكبر عن مفاجأة محسوبة ومتوقعة، تعود الى ما تتمخض عنه الاشتراطات والاتفاقات الكتلوية والمكوناتية في مقابل إجراء تغيير وتمويه مقبولين على نحو معين من قبل الرئيس المكلف عن فكرة الإصرار على بقاء كابينته الوزارية خارج الاحزاب وواجهات المحاصصة.
أما اذا تم استنساخ الجلسة البرلمانية السابقة وتوصلت الاطراف الى طريق مسدود، فان مقاليد الأمور، ستخرج من قبة البرلمان وتعود ثانية الى رئاسة الجمهورية، إذ أشار خبراء قانونيون الى دور رئيس الدولة في حال فشل تشكيل الوزارة من خلال تكليف آخر أو المضي في إجراءات حل البرلمان والتهيئة الى انتخابات مبكرة وفقاً للتوقيتات الدستورية وصلاحيات رئيس الجمهورية.
وبذلك فان واقع التعقيد والتشابك أمام نفاد الوقت ، لا يقود الوضع- بالقياس الى التجارب السابقة - حسب مساطر الدستور وتوقيتاته بالرغم من حراجتها الشديدة ولكن سيجعل الاختراقات الدستورية مدعاة شيئا فشيئاً للارتجال البرلماني السائد في اتخاذ قرارات جامعة، تؤكد علوية البرلمان في السيطرة على زمام الوقائع مهما كانت التشريعات والنصوص والبنى ملزمة ومقيّدة، وهو ما يشير الى أن عقدة البرلمان ومجموع كتله السياسية والمكوناتية التي لا يعلوها قدح، هي الدستور الناطق الحي الذي لا يخشى لائمة ولا يأبه لجانحة.
من هنا فان دوران العملية السياسية بصفحات متعددة ومتكررة للوقائع وسلوك الطبقة السياسية المتكرر إزاءها ومن ثم عودتها الى نقطة الصفر، وهو الحد الأصعب الذي يجعل الحلول هي الآخرى ليست سوى تصفيرمطلق لاحق على شاكلة القضايا السابقة ليعيد الواجهات الحزبية والفئوية نفسها بتصنيع مماثل وفقاً لملكوت القوى البرلمانية المتشبثة بالسلطة، وفي واقع جلسة اليوم فان السياق التفاوضي بين الكتل السياسية الثنائية والرباعية والخماسية والرئيس المكلف لم يبتعد كثيرا عن محتواه السابق إلا إذا أصر توفيق علاوي وبكل وضوح على منهاجه الوزاري وكابينة مستقلة حقاً، وهو امر مستبعد بلا تنازلات.