المصارف ودعم الاستثمار

اقتصادية 2020/02/29
...

ياسرالمتولي
 
يؤخذ على القطاع المصرفي إجمالاً ضعف دوره في عملية التنمية، ولعل وراء ذلك أسباباً عديدة نأتي على ذكرها ضمنياً في سياق الحديث.
وفي ذات الوقت يعول عليه وأقصد القطاع المصرفي وخصوصاً القطاع المصرفي الخاص في المساهمة الفاعلة في عملية البناء والإعمار المفترضة.
ما السبيل لفك لغز هذا التناقض؟
متفقون تماماً أنَّ تعثر كبار المقترضين بتسديد ما بذمتهم أحد أسباب عزوف المصارف عن توسيع الإئتمان إنْ لم نقل عدم ممارسته. 
وبكل صراحة وشفافية إنَّ الثقة انعدمت تماماً بين أطراف المعادلة (الزبائن المقترضين والمصارف من جهة) و(الزبائن المودعين والمصارف) من جهة 
ثانية.
وبخصوص العلاقة بين المودعين والمصارف وجدت طريقها الى الحل وذلك بتبني البنك المركزي العراقي موضوع تأسيس شركة لضمان الودائع وها هي مؤشرات عودة الثقة تظهر من جديد.
أما العلاقة بين المقترضين الكبار والمصارف فبانتظار الحل 
الأمثل.
ولعلَّ أقرب التجارب الى حل هذه الإشكالية ما اتخذته دولة الإمارات الشقيقة من خطوة رائدة وموفقة مؤخراً لتجنيب بنوكها الخسائر والانهيارت المالية كالتي حدثت في الرهن العقاري في العام 2008 والذي أدى الى خسائر فادحة ما زالت آثارها شاخصة في العديد من 
الدول.وخلاصة التجربة إقامة جهة مركزيَّة في دبي أول تحالف بيانات لتسهيل الأعمال مع عددٍ من كبار البنوك الإماراتيَّة الرصينة وبهدف تبادل بيانات العملاء والتعريف بهم على فرضيَّة (اعرف 
زبونك).
وتشترط آلية هذا التحالف تخصيص رقم إضافي لكل زبون (الزبون الرقمي) عدا رقمه السري الذي يخص حركة أمواله وإيداعه ومعلوماته     الشخصيَّة،  فذاك خط أحمر لا يمكن لأي بنك الإفصاح عنه 
إطلاقاً.أما الرقم الزبوني فهذا يصدر عن الجهة المركزيَّة وهي الجهة الوحيدة بتنفيذ هذا البرنامج. وعن طريق الرقم الزبوني تستطيع المصارف كشف مصداقيَّة الزبون وملاءته الماليَّة وعدم تعثره ليتسنى له فتح حساب أو أكثر في البنوك المتحالفة وبذلك تأمن البنوك على إئتمانتها.هذه الطريقة تمكن المصارف من التعرف على الزبون المستثمر الحقيقي عبر تبادل المعلومات مع البنوك المتحالفة وبذلك تستطيع توسيع إئتماناتها بأقل المخاطر إنْ لم نقل 
انعدامها.فهل ستتبنى فكرة الرقم الزبوني في مصارفنا لغرض توسيع الائتمانات الاستثماريَّة مستقبلاً، مع ثقتنا بأنَّ البنك المركزي يتبنى كل ما هو يصب في مصلحة المصارف ودعم دورها التنموي المطلوب.