خطر إيجابي

اسرة ومجتمع 2020/03/01
...

عواطف مدلول
من المعروف أنّ كلّ الأزمات التي تمر بها البلدان مهما اختلفت أنواعها سواء كانت اقتصادية او صحية او سياسية او في اي مجال آخر، غالبا ما تؤثر وبشكل مباشر في أفراد المجتمع ولا تعني فئة معينة دون غيرها، كونها ترتبط ببعضها تلقائيا فتشكل خطرا يهدد الجميع ويطلب منهم المشاركة بالبحث عن حلول للخروج منها، او المساعدة في التخفيف من آثارها والسعي والتعاون معا من اجل تحقيق ذلك، ومن ثمّ تصبح جزءا من روتين الحياة اليومية، وحديث الناس الذي لاينقطع إلّا بانتهاء تلك الازمة تماما. 
ولعل انتشار فيروس كورونا الذي عصف بالعالم وانشغل به مؤخرا حتى بات محور اهتمام الكبير والصغير في كل مكان، فبالرغم من تسببه في نشر وبث الرعب والخوف بين الناس، الا انه لعب دورا ايجابيا في دفعهم للالتزام ببعض القواعد والعادات الصحية السليمة، وتعليمهم ثقافات كانت مهمشة بل منسية وربما عجزت كتب التربية والسلوك والمدارس ان تلقنها لهم، وتسهم في توعيتهم للحفاظ على صحتهم من العدوى، وحمايتهم من مخاطر أمراض شتى.
ولذلك بصراحة وفي ظل القلق الذي استشعره لدى البعض ممن أقابلهم او أعيش معهم، صرت ابتسم بداخلي وينتابني الاحساس بالفرح كثيرا، كلما أخرج للتسوق او أذهب لصالون الحلاقة والتجميل او لزيارة عيادة طبيب ومختلف الاماكن التي ارتادها خلال يومي، حينما استمع للآخرين وهم يعبرون عن تعاملهم بشكل جدي وحرص شديد مع الموضوع، ويتحدثون عن تحول برنامج حياتهم كليا اذ اصبحوا اكثر وعيا وادراكا لبعض الامور المهمة التي يمكن ان تنقذهم من كثير من الامراض، من خلال اكتساب عادات ومهارات جديدة والتأكيد على المعروفة منها تلك التي لم يسعوا او يفكروا بتطبيقها سابقا، فضلا عن محاولتهم جاهدين الالتزام بالتعليمات التي تصدرها وزارة بالصحة ومتابعة أخبارها وترقب الأوضاع، حتى أضحت المعلومات بهذا الخصوص تتناقل سريعا وبصورة واسعة بين الأصدقاء والأهل والجيران، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والواتساب وغيرها لذلك الغرض، إذ أن معظمها تتضمن عددا من الارشادات والتوصيات العلمية، التي ينبغي معرفتها والاطلاع عليها لاتباعها تفاديا للاصابة بذلك المرض. 
إنها جزء من مشاهد التآزر والتوحّد الحاصلة بين ابناء البلد التي تبيّن  عمق إنسانيتهم العظيمة في المحن، ففي مثل تلك الظروف غالبا ما تذوب مشاعر الأحقاد والكراهية، وتنصهر العداوات لتهدأ النفوس وتتلاحم وهي تحاول أن تقدم العون بشتى السبل للاقرباء والغرباء على حد سواء، لاسيما من خلال ايصال معلومات توعوية لهم، والدعاء للجميع بقلوب محبة ونوايا صادقة ان يكونوا بحفظ الله ورعايته، وان تزول تلك الغمة عن هذه الأمة سريعا ومن دون خسائر بشرية.