تراجع حركة البضائع يثيرُ الشكوكَ بشأن قوة الاقتصاد الأميركي
اقتصادية
2020/03/01
+A
-A
واشنطن/ نافع الناجي
أعلنت وزارة التجارة الأميركية انخفاض صادرات الولايات المتحدة بنسبة 0.1 بالمئة، بينما كان هناك تراجعٌ في حركة البضائع الواردة إليها بنسبة 0.4بالمئة، الأمر الذي سبّب انخفاض عجزها التجاري بنسبة 1.7 بالمئة، ليصل إلى 616.8 مليار دولار.
وذكرت الوزارة في بيان صحفي، أنَّ الصين التي كانت مبيعاتها للولايات المتحدة صاحبة الحظ الأوفر من تعريفات ترامب، تراجعت إلى المركز الثالث في ترتيب أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بعد كل من المكسيك وكندا.
وأشارت إلى انخفاض العجز التجاري الأميركي مع الصين في العام 2019 بنسبة 17.6بالمئة مقارنةً بعام 2018، ليسجل أدنى مستوى له منذ العام 2014 حين تراجع حجم التجارة بين العملاقين بنسبة تتجاوز 15
بالمئة.
وجاءت بيانات وزارة التجارة الأميركية قبل يومٍ واحدٍ فقط من إعلان وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، تعديل الإدارة الأميركية تقديراتها للنمو الاقتصادي خلال العام الحالي 2020، على خلفية إيقاف شركة بوينغ للطائرات التجارية تصنيع وتصدير طائرتها الأكثر مبيعاً (737 ماكس) حتى منتصف العام الحالي وفقاً لأفضل التقديرات. في الوقت الذي توقع فيه مكتب الموازنة التابع للكونغرس، أنْ يتجاوز عجز الموازنة العامة، تريليون دولار سنوياً.
تطمينات من كورونا
الى ذلك، طمأن فيه وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، الكونغرس بشأن تأثير فيروس "كورونا" في الاقتصاد الأميركي، وقال منوتشين إنَّ الآثار الاقتصاديَّة السلبيَّة الناتجة عن تفشي الفيروس "لن تستمر إلى ما بعد العام 2020".
وأبلغ منوتشين اللجنة المصرفيَّة بمجلس الشيوخ، أنَّ فيروس "كورونا" لن يؤثر في التوقعات طويلة الأجل لإدارة ترامب لنمو اقتصاد الولايات المتحدة، أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وقال: "لا أتوقع أنَّ فيروس كورونا سيكون له تأثير يستمر إلى ما بعد هذا العام"، مضيفاً أن هناك حاجة إلى 3 أو 4 أسابيع إضافية من البيانات لتقدير مجمل تأثير الفيروس في
الصين.
وكانت بكين قد اعلنت، أن عدد المصابين بـفيروس كورونا في إقليم هوبي، مركز تفشي المرض، ارتفع بنحو الثلث، ليصل إلى 48206 أشخاص، بينما ارتفع عدد الوفيات في الإقليم بواقع 242 ليصل إلى 1310 حتى نهاية الأسبوع. لكن لاحقاً انخفض عدد الإصابات الجديدة خارج المنطقة التي بدأ منها الفيروس باستمرار في الأيام الـ13 الأخيرة. وأعلن عن 115 حالة جديدة خارج هوبي ، بالمقارنة مع نحو 450 حالة قبل أسبوع.
عجز الموازنة
ولكنْ بالرغم من تطمينات منوتشين، فقد توقع مكتب الموازنة التابع للكونغرس، في وقت سابق من الشهر الفائت، أنْ يتجاوز عجز الموازنة العامة، تريليون دولار للمرة الأولى منذ العام 2012، ما يلقي بظلال سلبية على أكبر اقتصاد في العالم.
وحمّل مكتب الموازنة زيادة الإنفاق الحكومي، وإلغاء بعض أنواع الضرائب، مسؤولية زيادة عجز الموازنة الحالية، التي تنقضي بنهاية أيلول المقبل، والتي جاء فيها أنَّ الحكومة الأميركية سيتعين عليها اقتراض 22 في المئة من إجمالي نفقاتها، المقدرة بنحو 4.6 تريليونات دولار.
وعبّر السيناتور بول ميتشل، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، مطلع الشهر الفائت، عن قلقه الشديد من ارتفاع عجز الموازنة العامة، واصفاً إياه بـ"الجنون
المالي".
ويتخوف مكتب الموازنة من أنْ يؤدي العجز المتزايد إلى ارتفاع الدين العام، وما يسببه من زيادة في العائد على سندات الخزانة الأميركية، ما يتسبب في طرد استثمارات القطاع الخاص، وربما يؤدي إلى حدوث أزمة ديون، على غرار ما حدث في القارة الأوروبية قبل أعوام.
آبل تحذر
من جهتها حذّرت عملاق الالكترونيات والهواتف اللوحية الأميركيَّة "شركة أبل" من أنها قد تعجز عن الوفاء بالعائدات المتوقعة بسبب حالة الارتباك التي نجمت عن فيروس كورونا في الصين.
وقالت شركة التكنولوجيا العملاقة إنّ عمليات الإنتاج والمبيعات تأثرت بانتشار الفيروس، مشيرة إلى وجود قيودٍ مؤقتة على إمدادات أجهزة آيفون في جميع أنحاء العالم. وتعدّ أبل أوّل شركة أميركية كبرى تقول إنَّ الفيروس سيؤثر في مواردها الماليَّة.
ولم تكشف الشركة، التي كانت تتوقع عائدات قياسية تصل إلى 67 مليار دولار في الربع الحالي، عن قيمة التراجع المتوقع. وجاء في بيان صادر عن أبل: "لا نتوقع أنْ نلبّي الإيرادات المتوقعة للربع المنتهي في آذار".
وقالت إنّه مع إغلاق معظم المتاجر في الصين وافتتاح أبواب بعضها لساعات قليلة فقط، فإنّ مبيعات منتجات آبل ستكون منخفضة. وأضافت: "مع أن مواقع تصنيع آيفون التابعة لنا تقع خارج مقاطعة هوبي - وعلى الرغم من إعادة فتح كل هذه المنشآت - إلا أنها تعمل بشكل أبطأ ممّا كنّا نتوقّع".
وأضافت "كانت المتاجر المفتوحة تعمل لساعات قليلة جداً مع حركة زبائن منخفضة للغاية. نحن نعيد فتح متاجر البيع بالتجزئة الخاصة بنا وسوف نستمر في ذلك بانتظام وأمان قدر الإمكان".
وقدّر المحلّلون أنّ الفيروس قد يخفّض الطلب على الهواتف الذكيَّة بمقدار النصف في الربع الأول من العام في الصين التي تعدّ أكبر سوق لهذه الأجهزة في العالم.
وعلى الرغم من الشعور بالتفاؤل الذي بدأ يظهر مع تباطؤ انتشار الفيروس واستئناف العمل في بعض المتاجر، إلا أنّ تحذير شركة آبل يؤكد أنّ الاقتصاد الصيني سيتأثر بشدّة بفيروس كورونا.
وتوقعت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، انخفاضاً بنحو 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية في النمو العالمي، إلا أنها شدّدت أيضاً على وجود قدر كبير من الشكوك بشأن التأثير الاقتصادي الحقيقي للفيروس.
فيتنام بدلاً من الصين!
وفي الوقت الذي سجل حجم التبادل التجاري مع الصين أكبر تراجع، أصبحت فيتنام، صاحبة أعلى معدل ارتفاع في حجم التبادل التجاري، في ما يبدو أنه سياسة متعمدة لإحلال فيتنام الناشئة محل التنين الصيني، المنافس الأول للولايات المتحدة في زعامة العالم الاقتصاديَّة.
وبعد اضطرابات سلاسل الإمداد خلال الفترة الماضية، على خلفية انتشار كورونا في الصين، باتت فيتنام مرشحة للعب دور البديل الأقل تكلفة حول العالم، وإنْ كان على نطاق أقل بكثير، إلى حين عودة الشركات الصينيَّة لظروف عملها الطبيعيَّة.
ويرى الكثير من الاقتصاديين أنَّ فترات الانتعاش الاقتصادي في العديد من الدول، وخاصة الكبرى، عادة ما تشهد عجزاً تجارياً، إلا أن ترامب اعتبر أن العجز التجاري يُضرّ بالاقتصاد الأميركي، ومن ثم فقد قطع عهداً على إدارته، خلال حملته الانتخابية في 2016، "بتخفيض العجز التجاري الأميركي، الذي يحدّ من قوة العملة الأميركية ويسرق الوظائف من الشركات الأميركيَّة".
واتخذ ترامب من التعريفات الجمركيَّة على السلع الصينيَّة وسيلة ضغط على الدولة التي سببت أكثر من نصف العجز التجاري الأميركي في البضائع، قبل أنْ تتوصل الدولتان إلى "اتفاق تجاري أولي"، وُقِّع عليه في البيت الأبيض منتصف كانون الثاني الماضي.
وفي لقاء مع شبكة فوكس بيزنس، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنَّ الولايات المتحدة لن تتمكن من تحقيق معدل نمو 3 % كما توقعت قبل بداية العام، مؤكداً أنَّ السبب في ذلك يرجع إلى انخفاض صادرات بوينغ "أكبر مُصَدِّر أميركي"، على خلفية أزمة طائرتها 737 ماكس، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا في الصين، وتعطل سلاسل الإمداد للشركات الأميركيَّة، صاحبة العلامات التجارية الأشهر في العالم.
وأضاف منوتشين أنَّ "تراجع صادرات بوينغ مسؤول عمّا لا يقلّ عن 0.5 % من النمو الاقتصادي الضائع من الولايات المتحدة".