اعلاميون يواجهون صفقة القرن في اسطنبول

قضايا عربية ودولية 2020/03/02
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
تتواصلُ في تركيا حملاتُ التصدي لخطة السلام المزعوم بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة باسم صفقة القرن. وعقدت، ضمن هذه الحملات، ندوة “إعلاميون في مواجهة صفقة القرن والتطبيع” في اسطنبول، بتنظيم من المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وبيت الإعلاميين العرب في تركيا، وتجمع الإعلاميين الفلسطينيين في تركيا.
وتناولت محاور الندوة دور الإعلام في مجابهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، عبر رفض الصفقة الموقعة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بوصفها تهدف لمصادرة أراضي فلسطين، وتصفية قضيتها، وإنهاء حقوق شعبها.
تشكيل جبهة إعلامية
وقال زياد العالول، المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، في حديث لـ”الصباح”، على هامش الندوة، إن “دور الإعلام مهم لأنه يوصل المعلومة الصحيحة، وصوت الشعب الفلسطيني، والرواية الفلسطينية، وحقوق الفلسطينيين، في الأراضي المحتلة أو في الخارج، إلى عقل المتابع العربي والإسلامي، عبر مختلف وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي التي يتابعها أبناء أمتنا 
العربية والإسلامية”.
ونظم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج مؤتمرا لأمانته العامة، وأكثر من فعالية، لنخب أكاديمية وإعلامية في اسطنبول، على مدار الشهرين الماضيين.
وذكر العالول “نحاول من خلال هذه الحملات أن نعطي دورا للإعلام العربي والإسلامي، وللإعلاميين كي يقوموا بدورهم، كما يقوم المقاوم الفلسطيني والعربي بدور مقاومة المحتل والتطبيع، وأن نشكل جبهة عريضة من الإعلاميين العرب والمسلمين والمناصرين للقضية الفلسطينية، للتصدي 
لصفقة القرن”. 
وأضاف “نعمل على أكثر من حملة إعلامية الكترونية، وهاشتاكات بينها ‘لا لصفقة القرن’، و’صفقة القرن لن تمر’، و’العودة حقي وقراري’، ونسعى عبر هذه الحملات إلى إيصال الصوت عبر الإعلام الجديد والسوشيال ميديا، لأن المجتمع الدولي يراقب، حتى لو كنت تكتب وتغرد باللغة العربية أو بأي لغة، ففي النهاية هذا يُحدِث ‘ترند’، ويعطي إشعارات، ويرسل إشارات تعكس نبض الشعوب العربية والإسلامية”، متابعا “فإذا شاهد المجتمع الدولي أن هذه الشعوب مناهضة لصفقة القرن، وضد ما يجري في فلسطين، فأعتقد أن الزعماء الغربيين سيأخذون بالحسبان هذا الاتجاه، ويعطون له قيمة، ولذلك لا ينبغي أن نقلل من أهمية أي جهد إعلامي يمكن أن يكون فيه المواطن العربي والإسلامي متصديا لصفقة القرن، ومتضامنا مع الشعب الفلسطيني”.
ويعمل في تركيا عدد كبير من الفلسطينيين في وسائل الإعلام المختلفة. 
 
وضع خطة إعلامية
وأكد طه عودة، رئيس تجمع الإعلاميين الفلسطينيين في تركيا، لـ”الصباح”، أن “للإعلاميين دورا كبيرا في مواجهة صفقة القرن، والتصدي لها، وفضحها، وتعريتها، وأن من المهم أن يتصدى الإعلاميون لهذه الصفقة من خلال وسائل الإعلام القديمة والجديدة، وعبر الأخبار، والتغطيات، والفيديوهات، والمنشورات، والتغريدات”. 
واستدرك “لكن لن يتحقق هذا من دون وضع خطة مدروسة، عبر التواصل، وتشكيل جسم إعلامي في كل دولة، وليس في الدول العربية والإسلامية فقط، مهمته تفنيد الرواية الإسرائيلية بشأن أحقية هذه الصفقة”، ذاهبا إلى أن “هذه الصفقة، بمعناها الواضح، هي تصفية للقضية الفلسطينية”.
وتدرك النخبة الإعلامية أن للقرار السياسي، والمال السياسي، كلمة فاصلة في تحديد الاستجابة الإعلامية للقضايا المختلفة، وبينها القضية الفلسطينية، ما يعني أن وسائل الإعلام، في معظمها، ستكون تابعة لسياسات الأنظمة والقوى الحاكمة في الدول العربية والإسلامية المختلفة في ما بينها والمنقسمة 
على نفسها.
 
انقسام الإعلام العربي
وقال زياد بو مخلة، عضو الأمانة العامة للائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين، في تعليق لـ”الصباح”، بشأن انقسام الإعلام العربي،: إن “للإعلام دوره المحوري، لا شك، في بناء الوعي بوصفه أهم منجز في العالم، ولكن الإعلام العربي ينقسم اليوم إلى إعلام موالٍ لمقاربة معينة هي أقرب للأنظمة الرسمية التي تحاول أن تشتغل على ناحيتين؛ تثبيت الحكم الاستبدادي، وفي العلاقة بالقضية الفلسطينية تحاول أن تميل إلى الرواية الإسرائيلية، وإعلام مراهن على مخاطبة وعي الشعوب العربية والإسلامية عن خطورة ما تعيشه المنطقة من تحديات، وخاصة استدامة حالة الاستبداد التي هي في ذاتها البيئة الخصبة لتمرير المشاريع الإقليمية والدولية التي تريد أن تبقي المنطقة العربية والإسلامية مقسمة، ما ينعكس سلبا على القضية الفلسطينية”.
ولفت بو مخلة إلى أن هذا الانقسام “نلاحظه، في المنطقة عموما، بوجود ردود على المستوى الشعبي، ولكنها ردود تبقى حبيسة الشوارع ووسائط التواصل الاجتماعي، ولا تنعكس في إجراءات مباشرة على المستوى الرسمي لدعم القضية الفلسطينية”.
 
ضعف الإعلاميين العرب
ووجه توران كشلاكجي، رئيس بيت الإعلاميين العرب في تركيا، نقدا لاذعا للإعلاميين العرب الموجودين في الساحة، بمن فيهم قرابة 2000 صحفي ينتمون لبيت الإعلاميين، واتهمهم بأنهم ضعفاء يدعون أنهم أقوياء، ويجاملون بعضهم بعضا، في حين أنهم غير مؤثرين، ولا يعرفهم العالم، وليسوا قادرين على صناعة رأي عام تجاه القضية الفلسطينية، مقارنة بإعلاميي العقود الأولى من القرن الماضي.
وفسّر كشلاكجي، لـ”الصباح”، مبعث هذا النقد، بقوله “حينما أنقد الإعلام في العالم العربي والإسلامي، فهو نقد للإعلام الغربي والعالمي أيضا، لأن هناك تراجعا كبيرا في الإعلام 
كقوة وأهمية”.
ونبّه “نعم هناك وسائل إعلام كثيرة جدا، وهناك إقبال واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الإعلام التواصلي تأثيره لساعة، وساعتين، اويوم، ثم لا يبقى له تأثير في ما بعد، ولكن في السابق كان لدينا إعلاميون مثقفون ومفكرون، وكتاب أقوياء جدا يعرفون ما يكتبون ويقولون، وقد تركوا إرثا عظيما، في حين لا نجد الآن إعلاميين بقوة إعلاميي العشرينيات والثلاثينيات، ولنأخذ مثالا على ذلك أمير شكيب أرسلان الذي كان له دور إعلامي قوي جدا في الأوساط العربية وحتى الغربية”.
وعزز كشلاكجي وجهة نظره بأن “الإعلامي القديم كان مثقفا أيضا، ولكن الإعلامي الجديد هو إعلامي – إعلامي، وأستطيع أن أقول بعبارة أخرى إن كل مثقف هو إعلامي، ولكن ليس كل إعلامي مثقفا الآن”.
وواصل “حين يكون الإعلامي واعيا ومثقفا يعرف كيف يكتب ويتكلم، ويحقق أهدافه في أي موضوع، وقد يقدم الحلول 
في أي جانب يتناوله”.