شعب يريد وطناً والأخير يريد حلّاً

آراء 2020/03/08
...

أ. د. عامر حسن فياض
مما لا شك فيه أن مهمة المكلف لتولي رئاسة مجلس الوزراء ستكون صعبة بيد أنها ليست مستحيلة. سيكون المكلف بين خيارين أحلاهما مرّ، هما: خيار التعامل والإرضاء لتظاهرة القوى السياسية المتنفذة، وخيار التعامل والإرضاء لتظاهرة الشارع العراقي الغاضب.
نعم، إنّ القوى السياسية المتنفذة التي كان ينبغي عليها أن تستجيب أخذت تطالب، والشارع الغاضب "بالأصل" من حقه أن يطالب فقط ولا ينبغي عليه، وليس من مسؤوليته، الاستجابة لا للقوى السياسية المتنفذه ولا 
للمكلف. 
وعليه، فإنّ المكلف سيكون محصورا بين تظاهرتين ليغرق في المطالبات، فما العمل؟ 
إذا كان الشعب يريد وطنا، والقوى السياسية المتنفذه تتفنن في صناعة المحن فماذا يريد الوطن؟
الوطن يريد حلّاً ولكن
كيف؟
الحل لا يأتي من معجزة، ولا يأتي من فوضى، ولا يأتي من الخارج الإقليمي أو الدولي، ولا يأتي من عسكر ينقلب، ولا من الشرطة، ولا من محاصص ينظر إلى العراق من ثقب قوميته أو طائفته أو جهويته المناطقية 
الضيّقة. 
الحل يأتي من عقلاء الوطن، وما أكثرهم وما أقلّ الذين يسمعونهم، بل منْ الذي يكلّف أحدهم ليجد حلّاً للوطن ويحول التحديات الى فرص فمن 
هو؟ 
إنّه عاقل عراقي الجنسية مستقل حزبيا وغير مجرب وزاريا وما فوق وتلك مطالب الشارع المتظاهر، يختار أعضاء حكومته لتكون حكومة غير جدلية وتلك مطالب المرجعية، يتشاور مع أغلبية ممثلي المكونات الثلاثة: (الشيعية، السنية، الكردستانية)، ويطلب منهم ترشيح أسماء أعضاء للوزارات حسب (استحقاقهم الانتخابي المكوناتي) بواقع ثلاثة أسماء لكل وزارة من الوزارات التي يستحقها كل مكون من مستقلين ويترك للمكلف اختيار واحد من كل ثلاثة لوزارة من استحقاق المكون، فإذا كانت ثلاث وزارات لمستحقات المكون الكردي على سبيل المثال، فإنّ التحالف الكردستاني بوصفه الممثل لأغلبية القوى السياسية الكردستانية يرشح تسعة أسماء من مستقلين كرد ذوي اخصاص لكل وزارة ثلاثة مرشحين ويترك للمكلف اختيار أحدهم للوزارة حسب الاختصاص من بين
الثلاثة. 
وهكذا بالنسبه لتحالف القوى بوصفه ممثل أغلبية القوى السياسية 
السنية.
وبالنسبة لتحالفي الفتح وسائرون لتكون حكومة تمثيل أغلبيات القوى السياسية للمكونات الثلاثة الرئيسة، وبذلك يكون تعامله عقلانيا ومرضيا للقوى السياسية. 
يرافق ذلك أن يتعهد المكلف أمام القوى السياسية وجمهور المتظاهرين علنا بتقديم ورقة مهام تتمثل فقط بالتحضير لانتخابات مبكرة ومحاسبة قتلة المتظاهرين قضائيا وليس برنامجا حكوميا، وأن يعلن في ورقته ما يأتي: 
1. إنّ حكومته انتقالية تنتهي بانتهاء الانتخابات الموصوفة بتوقيت إجرائها على ألّا يتجاوز تاريخ
31 / 12 / 2020  
2. لا هو ولا أعضاء حكومته سيكون لهم الحق بالترشّح 
لهذه الانتخابات.
3. إنهاء مستلزمات سن قانون الانتخاب الجديد، ويتحمل مجلس النواب المسؤولية باستكمالها، وعلى رئيس الجمهورية المسؤولية في التصديق على القانون.
4. تحمل مجلس النواب مسؤولية اعتبار المحكمة الاتحادية محكمة شرعية كما تقوم بوظيفتها بالمصادقة على نتائج الانتخابات المبكرة.
5. تحمل مفوضية الانتخابات المستقلة إنجاز ما عليها استعداداً لإدارة الانتخابات من دون التحجج بالعوائق الفنية والمالية واللوجستية، لأنّ المفوضية مستقلة في إدارة الانتخابات عندما تحصل وليس لها الحق في تحديد موعد الانتخابات فالموعد من مسؤولية مجلس الوزراء بطلب لمجلس النواب وليس للمفوضية إلّا التنفيذ لما يطلبه منها مجلس النواب، وإن لم تستطع المفوضية ذلك فإنّها غير جديرة بإدارة 
الانتخابات.
6. إسقاط حجة انتظار ضرورة التعداد السكاني وصناعة الدوائر الصغيرة باعتماد المحافظة دائرة والعراق 18 دائرة انتخابية وضمن قانون الانتخاب الذي يعتمد نظام الترشيح والتصويت الفردي إذ لا شرط أن تكون الدوائر صغيرة في اعتماد النظام الانتخابي الفردي
أفترض أنّ ما تقدم يلبي أساسيات مطالبات الشارع الغاضب والمتظاهر المحتج من جهة، ويلبي مطالبات القوى السياسية التي ستبدو داعمة للمكلف وحكومته من جهة ولتتفرغ هذه القوى السياسية جميعها لترميم العلاقة ما بينها وما بين جهودها وملاذاتها القاعدية استعدادا للإنتخابات 
القادمة.
نكتب ذلك بنوايا حسنه ليفكر الجميع بحرص ويقظة بهذا الحل من أجل وطن لا نريد أن يذهب الجميع إلى ما لا يرضى الجميع فيه.