وجدان عبد العزيز
إنّ الديمقراطية هي نظام الحُكم إذ تكون السلطة العليا بيد الشعب الذي يمارس سلطاته بشكلٍ مباشرٍ، أو عن طريق مجموعة من الأشخاص يتمّ انتخابهم لتمثيل الشّعب بالاعتماد على عمليةٍ انتخابيّةٍ حرةٍ، إذ ترفض الديمقراطية جعل السلطة كاملةً ومُركَّزة في شخصٍ واحد، أو في مجموعة من الأشخاص كالحكم الدكتاتوري، أو حكم الأقليات، لهذا نجد الديمقراطية في العراق تتعثر! لماذا؟ لأنّها لم تستكمل أدواتها النظرية وإجراءات التطبيق بالصورة المثالية! والديمقراطية التي تكون في وضع كهذا تنحرف عن مسارها، وتكون الفرصة مؤاتية لوصول أفراد يستغلون إجراءات الديمقراطية لتنفيذ مشروع القبض على مقاليد السلطة، واستغلال الحريات المتاحة وانهيار الاقتصاد واتساع هوة الفقر والفساد، والشعور الشعبي بالخذلان من التعددية السياسية لتدمير النظام السياسي. والحقيقة أنّ أحزاب السلطة في العراق قد فشلت في النتائج التي تؤدي لبناء دولة مدنية، وكما أسلفت هناك عوائق حالت دون ولادة الأنموذج الديمقراطي العراقي، إذ كادت الحرب الأهلية الطائفية تفتك بالوليد الديمقراطي، وإذا كانت البلاد نجحت في وأد الخطر، فإنّ الفساد وسوء الإدارة لا يزالان يهددان التجربة العراقية بالفشل، أو في عدم صعودها الى أمام، على أقل تقدير.
وإنْ توخّينا الدقة نجد أنّ الدول الديمقراطية قليلة بين دول العالم، ونحن ندرك أنّ الديمقراطية ليست الخيار الأوحد خاصة للشعوب التي تمزقها الحروب، وتعيش حساسيات المذهبية والقومية ويغيب الوعي عن أفرادها، ويتدنى مستوى التعليم بينهم، فضلا عن ارتفاع نسب الفقر، والمنظومة الاجتماعية القائمة على الاقطاعيات، والفوارق الطبقية، وغياب ثقافة التعددية وانحسار دور الطبقة الوسطى، لذا كان مصيرنا أن نختار الديمقراطية طريقا لنا. على الطبقة السياسية أن تؤسس لمنظومة الوعي والتبشير بالإصلاح السياسي والحكومي، وتترك المنافع، وتتوجه نحو الوطنية لبناء عراق وطني بعيداً عن الإثنيات الدينية والقومية، وسلوك طريق الإثراء على النفس في سبيل بناء دولة المواطنة وعلى أساس مبدأ الحقوق والواجبات، ومحاولة زرع الثقة بين مكونات المجتمع، ودستورنا يؤكد قضية المساواة. يرى جيم كيلكولين أنّ الديمقراطية تعني الحُكم من قِبل الشّعب نفسه، وأنّها تُناقض حكم الأقليات، كما بيّن أنّ أيّة مدينة ديمقراطية ينبغي أن تتوفّر فيها المعايير التالية: خضوع شؤون المدينة لمجلس النواب، انتماء جميع المواطنين إليها، أن تكون عملية اتّخاذ القرارات مبنيّة على تصويت الأغلبيّة من الشّعب، بينما الديمقراطية في العراق تحولت الى توافقية تتحكم بقرارها الأحزاب التي تمسك زمام السلطة، والحل المؤكد لهذا الأمر إجراء انتخابات مبكرة، ووفقا لقانون الانتخابات الجديد حينما يكتمل بدوائره الانتخابية، إذ نعتقد أنّ مخرجاته ستخفف سطوة الأحزاب المتنفذة منذ عقدين من الزمان، ونضع الديمقراطية العراقية على الطريق الصحيح في المساواة والنهوض بالاقتصاد والذهاب إلى التنميات المستدامة في هذا الجانب، وبالتالي سيتنامى الوعي الديمقراطي ويذهب للتكاتف مع كل القوى الفاعلة لبناء الدولة المدنية المنشودة، وبالتالي نضمن أركان الديمقراطية المهمة وهي: الانتخابات بطرق نزيهة وحرة، والتسامح السياسي كي نحقق التنمية المُستدامة، وسيادة القانون .