الكمامات.. {حرب عالمية ثالثة} في هونغ كونغ

بانوراما 2020/03/10
...

ايزابيلا كواي
ترجمة: ليندا أدور
أصبح جزءاً من عملها تهدئة الزبائن المذعورين الذين يستميتون للحصول على التجهيزات الطبية اللازمة، “بدت وكأنها الحرب العالمية الثالثة”، هكذا تعلق مي تانغ، التي تعمل لدى صيدلية كيت فارم المحدودة في هونغ كونغ، فبسبب الذعر الذي ساد مع خبر تفشي فيروس كورونا المستجد بعموم أنحاء المدينة اضطر السكان للانتظار ضمن طوابير طويلة لساعات لشراء أقنعة الوجه والمطهرات، حتى ورق التواليت من أماكن مختلفة مثل كيت فارم في نورث بوينت. 
هستيريا
كانت تانغ شاهدا، وبشكل مباشر، على “الهستيريا” التي انتشرت بين الناس، بقولها: “يمكن القول بأننا مجهدون، لا يتمكن العديد منا من مواجهة عدة مصاعب في وقت واحد، وسيسجل التأريخ لنا ذلك”.  
بعد شهور من المعاناة جراء الاضطرابات السياسية والاقتصاد المتراجع- ومع انتشار فيروس سارس القاتل خلال العام 2003 الذي لا يزال عالقا في ذاكرة الناس-  بدأ الزبائن المذعورون من تفشي فيروس كورونا المستجد، بتخزين السلع من صيدليات مختلفة عبر جميع انحاء المدينة، الأمر الذي أـدى الى تراجع كمية المعروض وارتفاع 
التكاليف. 
قبيل رأس السنة الجديدة، كانت علبة تضم 50 كمامة تباع بنحو 50 دولارا هونغ كونغياً، أي ما يعادل ستة دولارات ونصف دولار أميركي، واليوم تضاعفت الأسعار، هذا إذا وجدت في الأساس. 
تقول تانغ، بعد ملاحظتها تزايد الطلب على شراء الكمامات، بأنها حاولت طلب أقنعة ذات جودة عالية من المجهزين الألمان والبريطانيين، لكن بعد مرور أشهر وقبيل وصول الشحنة المرتقبة، اضطرت الصيدلية للاعتماد على ما هو متاح.  
خلال سفرتها الأخيرة الى تايوان، اشترت تانغ 200 قناع وجه لها ولاسرتها، بينما سارع أصدقاؤها للتوجه نحو كوريا واليابان لشراء المزيد منها، تقول تانغ عن زيادة الأسعار التي تابعتها على شبكة الانترنت: “مع كل دقيقة تمر، كانت الأسعار تزداد، كان أمرا مخيفا للغاية”. 
 
حالة تأهب
تشير تانغ الى أن صيدلية كيت فارم، على عكس المتاجر المتسلسلة، لا تملك خزينا كبيرا من السلع، والقليل الذي يوضع على الرفوف، ينفد خلال دقائق قليلة، اذ تعتمد في عملها على الوصفات الطبية، فيأتي الزبائن الآن لشراء مواد كالكلور والمطهرات ومعقمات الأيدي الى جانب صرف الوصفات 
الطبية.
حالها حال الكثيرين في المدينة، ترى تانغ، أنه كان على الحكومة التحرك بشكل أسرع لاحتواء الفيروس، “لو كانوا تصرفوا بوقت أبكر، لكانت هونغ كونغ بوضع أفضل الآن”. موضحة بأن المدينة بكاملها في حالة تأهب، لكنها تأمل بانخفاض أعداد المصابين بالفيروس، بقولها: “كان شتاء هذا العام أكثر دفئا مما هو عليه، والكثير من الناس بدؤوا بإرتداء الكمامات، وهو أمر جيد بالطبع”، مضيفة “لكن مشاهدة الناس وهي تسقط ميتة، أمر يؤلم القلب، اتمنى أن لا تخسر المزيد من البشر”. 
جزء من عمل تانغ، الحالي، هو تعلّم كيفية تهدئة الزبائن القلقين والذين يستميتون لشراء المزيد من التجهيزات الطبية، اذ تقول: “ندعوهم للاطمئنان وعدم القلق، وشراء ما يحتاجونه فقط ولا يخزنوا أكثر من اللازم” فضلا عن توعيتهم حول اذا ما أصيب أحدهم بالحمى أو الزكام، فعليه إجراء فحص الفيروس، لكن لا يأخذ الكل بكلامنا”. 
بدأت مسألة تماس تانغ الحتمي مع الأشخاص المصابين تثير قلقها، فهي تحرص، بعد عودتها للمنزل، على غسل يديها وتعقيم الأسطح بالمواد المطهرة، إذ تعيش مع والدها (89 عاما) والذي نادرا ما يغادر المنزل ولا حتى للعب الماهجونغ،: “حالما أصل المنزل أبدأ برش المطهر واستمر بالرش.. والمزيد من الرش” وعن استخدامها الحافلة للذهاب للعمل تقول: “لا أجرؤ على ذلك الآن”، وبدلا من ذلك، بدأت بجلب غدائها معها حتى تتمكن من توفير أجرة التاكسي.