روسيا تتدخّل لمساعدة ترامب

بانوراما 2020/03/10
...

ترجمة: بهاء سلمان
 
حذر مسؤولو المخابرات الأميركية الكونغرس من أن روسيا قد تتدخل مجددا في حملة انتخابات 2020 لمساعدة الرئيس دونالد ترامب لاعادة انتخابه، وفقا لتصريحات أدلى بها ثلاثة مسؤولين. وقد رفض ترامب هذه المزاعم قبل عدة أيام، متهما الديمقراطيين باطلاق حملة تضليل ضده.
وقال في تغريدة له: “يشن الديمقراطيون حملة تضليلية أخرى داخل الكونغرس، يقولون فيها أن روسيا تفضلني على أي من مرشحي الحزب الديمقراطي الكسالى الذين لا يزالون غير قادرين، بعد مرور اسبوعين، على عد أصواتهم في ولاية آيوا.. انها خدعة سمجة.”
وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم ذكر اسمائهم لمناقشة قضايا استخباراتية حساسة، إن التسريبات تؤكد سعي روسيا للتأثير في انتخابات 2020 وزرع الشقاق ضمن جمهور الناخبين الأميركي. 
وقال مسؤول حكومي كبير، طلب عدم ذكر اسمه، أن هذه الأنباء اغضبت ترامب، واشتكى من توظيف الديمقراطيين لهذه المعلومات ضده. وكان ترامب قد رفض سابقا تقييم المخابرات الأميركية بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 لضمان فوزه، وعدها مؤامرة لتقويض 
فوزه.
وبعد يوم من نشر ايجاز صحفي في 13 شباط الماضي امام لجنة البيت الأبيض، وبخ ترامب رئيس تجمع الاستخبارات آنذاك جوزيف ماغور، وأعلن مؤخرا عن استبداله بريتشارد غرينيل، الموالي للرئيس. 
ونفت موسكو أي تدخل، بحسب ما صرح به ديمتري بيشكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، مؤكدا أن المزاعم عبارة عن “تقارير مذعورة سيكون هناك المزيد والمزيد منها، لسوء الحظ، مع اقترابنا من موعد الانتخابات الاميركية، وبالطبع، لا تمت كل هذه المعلومات بصلة للحقيقة”.
وقالت رئيس مجلس النواب نانسي بيلوسي في تغريدة لها أن “الناخبين الأميركان هم من ينبغي عليهم تقرير وضع الانتخابات، وليس فلاديمير بوتين،” مضيفة بضرورة “شجب جميع أعضاء الكونغرس لجهود الرئيس لرفض التهديدات الموجهة ضد نزاهة ديمقراطيتنا وتسييس مجتمعنا الفطن”.
وقال الجمهوري آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب على تويتر: “نحن نعوّل على ذكاء مجتمعنا بابلاغ الكونغرس بأي تهديد لتدخلات خارجية في انتخاباتنا، واذا كانت التقارير حقيقية والرئيس يتدخّل، فهو بذلك يعرّض جهودنا لايقاف التدخلات الخارجية للخطر، تماما مثلما حذرنا من اقدامه لهذا الفعل”.
 
أهداف وحسابات
وتقول وكالات الاستخبارات الاميركية بتدخّل روسيا في انتخابات سنة 2016 من خلال حملات على مواقع التواصل الاجتماعي وسرقة وتوزيع رسائل الكترونية من حسابات الديمقراطيين، مشيرين الى سعي الروس لتعزيز حملة ترامب واشاعة الفوضى على العملية الانتخابية الأميركية. وخلص المستشار الخاص روبيرت مولر الى أن التدخّل الروسي كان “كاسحا ومنهجيا،” لكنه لم يجد مؤامرة اجرامية جمعت روسيا بحملة ترامب.
وتراجع النواب الجمهوريون الذين كانوا حاضرين بالموجز الصحفي الذي أدلت به قبل عدة أيام شيلبي بيرسون، مسؤولة أمن الانتخابات في لجنة الاستخبارات النيابية، مع تنويه بصرامة موقف ترامب من روسيا، بحسب أحد المسؤولين. 
وبينما فرض ترامب عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا، فهو أيضا تحدث بحرارة عن الزعيم الروسي وانسحاب القوات الأميركية من مناطق، مثل سوريا، حيث يمكن لروسيا ملء الفراغ. وأخر المعونة العسكرية المقدمة لاوكرانيا، الند لروسيا، وهو قرار دخل في 
صلب اجراءات عزله.
وعيّن الرئيس ريتشارد غرينيل رسميا في 20 شباط الماضي ، وهو سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا، للحلول مكان جوزيف ماغور كرئيس لتجمّع الاستخبارات بالوكالة، وطلب من ماغور ترك منصبه سريعا وفقا لقانون اتحادي يحكم التعيينات بالوكالة. وتكمن خلفية غرينيل بشكل اساسي في الشؤون السياسية والاعلامية، ويفتقر الى خبرة ماغور الواسعة بشؤون الأمن الوطني والعسكري، اضافة الى الشاغلين السابقين للمنصب الذي يشرف على الوكالات الاستخبارية الـ 17 
للبلاد.
تعيين غرينيل لم يفعل الكثير لمداواة العلاقة الهشة للرئيس مع تجمع الاستخبارات، والذي سخر منه ترامب كجزء من “الدولة العميقة” لبيروقراطيين متخندقين يسعون لتقويض اجندته. 
واحتدم عداء الادارة الاميركية بشكل لافت للنظر مع تجمع الاستخبارات حول قضية التدخّل الروسي والأحداث المتعلّقة بعزل ترامب. وصرّحت بيرسون لوسائل الاعلام، قائلة أن روسيا “منشغلة بالفعل بعمليات مؤثرة تتعلّق بالمرشحين المحتملين لانتخابات هذا العام، لكننا لا نملك الدليل حاليا بشأن تطلّع خصومنا للتدخّل بعدد الأصوات او احصائها”.  
نقص المعلومات
وتعمل بيرسون، التي عيّنت شهر تموز 2019 من قبل مدير تجمع الاستخبارات آنذاك دان كوتس، مع وكالات استخباراتية متعددة لتشخيص أي فرد يسعى للتدخّل في الانتخابات الأميركية.
وأشارت بيرسون الى عدم معرفة الولايات المتحدة على وجه الدقة ماهية تخطيط الروس، لكن المشكلة لا تقتصر فقط على روسيا، حسب وصفها: “لا نزال قلقين من الصين وايران وجهات لا تمثل دولا، الى جانب مخترقين آخرين، وبصراحة، وهو أمر يخص عمل وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الإتحادية، يصل الأمر حتى لأميركان يحتمل استهدافهم تقويض الثقة خلال الانتخابات.”
وأكد السيناتور بيرني ساندرز قبل عدة أيام أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية أبلغوه بالجهود الروسية لمساعدته في حملته الرئاسية، محذرا روسيا بـ “البقاء بعيدا عن الانتخابات الأميركية”: “دعونا نكون واضحين، تريد روسيا تقويض الديمقراطية الأميركية من خلال بث الفرقة بيننا، وبخلاف الرئيس الحالي، أنا أقف بحزم ضد مساعيهم، وأية جهة أجنبية أخرى تريد التدخّل بانتخاباتنا”. وقال ساندرز في تصريح له: “بصراحة، لا أبالي برغبة بوتين في من سيكون الرئيس.. رسالتي الى بوتين واضحة: إبق بعيدا عن الانتخابات الاميركية، وأنا كرئيس سأعمل على ضمان ابعادك”.
أثناء جلسة استماع علني، أبلغ كريستوفر واري، وهو مدير مكتب التحقيقات الإتحادية، لجنة الكونغرس القضائية بانشغال روسيا في “حرب معلومات” لغاية موعد الانتخابات في شهر تشرين الثاني المقبل، لكن لم يلاحظ بتوجه تلك الجهود للبنية التحتية الأميركية. وأشار واري الى اعتماد روسيا على حملة خفية ضمن وسائط التواصل الاجتماعي لبث الفرقة بين جموع الجمهور 
الأميركي.