الثقافة الشعبية في العراق

ثقافة شعبية 2020/03/29
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
«بالرغم من أن كورونا جاءت ليعبث بالارض كلها بفعل فاعل بعيد عن الحياة الانسانية ومستقبل الشعوب ,الا اننا ينبغي أن ننشط ذاكرتنا لما فيه خيرنا مستقبلا ، بعد القضاء على كورونا وداعش، وأنصارهما, ولذا كتب هذا الموضوع المستقبلي»
لم يبق من ملاذات الثقافة الشعبية– التراث الشعبي في العراق غير مجلة» التراث الشعبي» التي تصدر فصلية وبنسخ محدودة والمركز الحرفي التابع لدائرة الفنون , وتغطيات موضوعات الفولكلور- الثقافة الشعبية في مجلة»الشبكة» وجريدة»الصباح» وبعض الهوامش والاعمدة في الصحافة المحلية, هنا وهناك لتذكرنا بوجود اهتمام بشيء يسمى»الفولكلور» تارة و»الثقافة الشعبية» و» التراث الشعبي» مرة اخرى وكلها تندرج تحت مسمى خدمة القارئ العراقي المهتم بهذا الشأن, من دون نشاط يذكر في جوانب اخرى توثق وتحلل الخزانة العراقية الثرة في هذا الجانب الحيوي. 
لذلك نقول اننا لا يمكن لنا– ونحن في بدا العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين– أن نتأخر بنحو اكثر من خمسين عاما عما بدأ به السادة الرواد من عمل.
كان ذلك عام1964 عندما انعقدت اول تجربة بحث نظمتها مجلة العراق– التراث الشعبي وحضرها في مكتب المجلة عدد من كبار باحثي الفولكلور والتراث الشعبي العراقي برعاية الشيخ العلامة محمد رضا الشبيبي وحضور الدكتور مصطفى جواد وعزيز جاسم الحجية ولطفي الخوري وعبد الحميد العلوجي وغيرهم.
لم تكن الجلسة مؤتمرا موسعا، بل كانت تدارس افكار في عملية النهوض بالفولكلور العراقي وتوثيق مصادره عبر المجلة المنشودة، التي استمرت تصدر متقطعة ممولة ذاتيا وباللغات العربية والكردية والتركمانية مع ملخصات بالانكليزية والايطالية والفرنسية.
وحين تولت وزارة الاعلام اصدار المجلة رسميا العام 1969, كان الاستاذ لطفي الخوري قد اشرف على تأسيس المركز الفولكلوري العراقي يعاونه الشاعر سعدي يوسف وعدد من الباحثين حيث وضع اقساما لحفظ مرويات الحكاية الشعبية والعادات والتقاليد واخبار الامثال الشعبية...الخ من اقسام التراث الشعبي .
في العام 1977 نظم اول مؤتمر علمي لدراسات الثقافة الشعبية والفولكلور العراقي حضره مختصون من اميركا والاتحاد السوفييتي (سيرافين فانخول) وممن لا تحضرني اسماؤهم من فلنندا واسبانيا والباحثون العراقيون المؤسسون امثال الخوري والعلوجي وداود سلوم وكاظم سعد الدين وسواهم.
نشرت بحوث المؤتمر في ثنايا المجلة ولم يجمعها كتاب, وظل الامر ساكنا حتى العام 1985، حتى بدا مشروع»ندوة بغداد للتراث الشعبي» الذي تشرفت بادارته ودعوت الباحثين العراقيين والعرب للاسهام فيه, حيث كان موضوع المؤتمر الاول عن» انواع التراث الشعبي العراقي ومصادره» وكان موضوع المؤتمر التالي» كيفية الحفاظ على حامل الموروث الشعبي العراقي» وحضر هاتين الندوتين – المؤتمرون السادة: محمد رجب النجار واحمد مرسي وصفوت كمال( مصر) وعلي عبد الله خليفة( البحرين) ومصطفى سليمان( السودان) وحصة الرفاعي وطيبة الشذر( الكويت) والاساتذة: الخوري والعلوجي وسلوم وياسين النصير ومصطفى جمال الدين وصبري مسلم حمادي وكاظم سعد الدين وقاسم خضيرعباس وسواهم (مع حفظ الالقاب). استمرت هذه المؤتمرات متوالية ناجحة حتى غزو الكويت المفجع فضاعت الجهود وتشتت
 العمل. 
الواجب اليوم بعد كل هذه السنوات أن ندعو الى عمل جاد يستكمل ما بدأنا به وأن تكون اجيال الباحثين الشباب من الدارسين العراقيين للثقافة الشعبية العراقية والاجيال السابقة، مستعدة لعمل جاد مثمر في حقل دراسات الثقافة الشعبية العراقية شرط قيام المؤسسة الرسمية بالتمويل البسيط للمؤتمرات القادمة التي تريد دراسة ما استجد من ظواهر شعبية وتتنافس مراكز البحوث في العالم على دراستها وتحليلها, ولا يحق لنا بعد اليوم ان نتخلف عن الركب العالمي في هذا المجال الحيوي.