يواجه العالم، وبضمنه العراق، تحدّياً صحيّاً صعباً يتمثّل بتهديد وباء كورونا الخطير، في ما لو تركت إجراءات السلامة والوقاية منه، وبالشكل الذي يحدّ من الحركة والاختلاط بين السكان، و ذلك يؤدي إلى عواقب وخيمة ربما تؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة به، ومنها الوفيات وبأعداد كبيرة. وفي الوقت الذي تنظّم فيه الحكومة، من خلال خلية الأزمة، إجراءات الطوارىء لغرض الوقاية من الإصابة بالفيروس, إذ أخذت تظهر بعض المؤشرات السلبية التي تقف بالضدّ من هذه الإجراءات الاحترازية والاحتياطات من خلال بروز حالات عدم الالتزام بنظام حظر التجوال وتقييد التحركات الشخصية وتجنّب الازدحامات والأماكن المكتظّة، وهي حالات دفعت القوات الأمنية المكلّفة بفرض تطبيق حظر التجوال إلى اتخاذ إجراءات ومعايير انضباطية عقابية بغية الحدّ من هذه التحركات كإجراء وقائي من هذا الوباء.
لا بدَّ من التعاون والتكاتف بين الأجهزة الصحيّة والأمنية والتعاون معهما من قبل المواطنين والالتزام بالتعليمات مع إطلاق المبادرات التكاتفية لمساعدة العوائل المتعفّفة ذات الدخول المحدودة، والتي باتت تواجه ظروفا معيشية صعبة نتيجة انقطاع السبل بها لاستحصال موارد الرزق بالنسبة لها من الأمور الإيجابية التي أخذت بالظهور من قبل منظمات اجتماعية ومبادرات شخصية تعاونية وتكافلية لإغاثة هذه العوائل المحتاجة وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لها، كما أنّ مبادرات تكافلية أخرى قد برزت مؤخرا من خلال القيام بإنتاج المواد المساعدة على الوقاية من العدوى وتجهيز المستشفيات والمؤسسات الصحية والمواطنين من قبل المؤسسات والشخصيات الاجتماعية والتبرعات المالية المقدمة من قبل المصارف والبنوك في البلاد.
الإعلام التعبوي يقوم أيضا بدوره التوجيهي والإرشادي للمواطنين من خلال العديد من المؤسسات والقنوات الإعلامية والفضائية، سواءً منها الرسمية أو الخاصة، والتي تقوم يوميا وبشكل شبه مستمر بإطلاق البرامج التوعوية التي ترشد المواطنين إلى أساليب الوقاية والاستدلال على العلامات المرضية وكيفية الوقاية وتجنب الإصابة بهذا الفيروس القاتل وهذه الحملات الإعلامية الموجهة لإرشاد المواطنين تقوم على ثنائية الدولة والمواطن وضرورة الالتزام بهذه التعليمات الإرشادية الاحترازية وضرورة الابلاغ عن الحالات المصابة تجنبا لتفشّي العدوى.
قد يكون ارتفاع درجات الحرارة المتوقع في الأسابيع المقبلة عاملا مساعدا على تخفيف انتشار الوباء، إذ إنّه وفق مراكز الأبحاث العلمية المتقدمة في العالم فإنّه لوحظ أنّ الفيروس ضعيف الانتشار في البلدان التي تتجاوز فيها الحرارة 37 درجة مئوية. مواجهة الأزمة تحتاج إلى تعاون دوليّ لأنّ البشرية بأسرها تواجه مصيراً واحداً وذلك من خلال تبادل الخبرات ونقل المساعدات الطبية الطارئة إلى البلدان المتضررة والتي تواجه ظروفا صحية صعبة، وهناك مبادرات قامت بها حكومات دول عديدة لنقل المساعدات الطبية العاجلة، وهي تحتاج إلى تعاون مكثّف وفاعل بدرجة أكبر, خصوصا وأنّ العالم يواجه مصيرا مشتركا من الكوارث والأزمات ولا تنحصر أضرارها برقعة جغرافية دون الأخرى.
إنَّ خطورة هذا الوباء تتعدى الحدود الجغرافية وهو يظهر في وقت تبلغ فيه الحضارة العالمية الذروة في التقدم والتطور ممّا يشكل تحديا خطيرا لها, خصوصا وأنّ خطورته لا تكمن فقط في تهديده الحياةَ الإنسانية, بل بات يضرب مفاصل الاقتصاد العالمي كالبترول ومختلف القطاعات الاقتصادية العالمية كالتجارة والنقل والرياضة ممّا جعل العالم بأسره يصاب بالشلل ممّا جعل هذه الاقتصاديات العالمية تتكبد خسائر جسيمة لا يمكن تعويضها بسهولة, فضلاً عن ارتفاعٍ كبيرٍ وغير متوقعٍ في معدلات
البطالة. خطورة هذا الوباء وانتشاره السريع ومواجهته ليست بالأمر الهيّن وتخطّي المحنة تحتاج إلى تضامن وتكاتف ليس على المستوى المحلي, بل العالمي أيضا وهو تحدٍّ يطرح التساؤلات: كيف يمكن لفيروس ضئيل أن يشلَّ حياة العالم بأسره وهل أنّ التقدم والتطور له أثمانه وأضراره على حساب حياة الرفاهية والتقدم والتطور التكنولوجي والتقني الذي يعيشه العالم اليوم، والذي بات مهددا بظهور أوبئة وأمراض فتاكة.