الحظْر الصحّي .. البقاء على قيد الحياة

آراء 2020/04/05
...

حسين علي الحمداني
 
يتصور بعضهم أنّ كسر الحظْر الذي يحيط بكل العالم وليس العراق فقط، هو بطولة وعملية تحدٍّ لإجراءات حكومية غايتها حماية الحياة في هذه الأرض التي تعيش أيّاما عصيبة ربّما لم تعشها من قبل، التي تتمثل بجائحة كورونا، ما جعلت العالم يعيش حظْرا صحّيّاً بشكل كامل منذ أسابيع.
ومنظمة الصحة العالمية، وهي أعلى قمّة صحيّة في العالم لخّصت الأمر بالتالي: (مرض فيروس كورونا "كوفيد-19" هو مرض معدٍ يسببه فيروس جديد لم يُكتشف في البشر من قبل، ينتشر الفيروس الجديد بشكل أساس عن طريق مخالطة شخص مصاب بالعدوى عندما يسعل، أو يعطس، أو عن طريق القُطيرات، أو اللعاب، أو افرازات الأنف). وهذا التلخيص الدقيق يجعلنا نفكر جدّيّاً بكيفية النجاة من هذا الفيروس ومكافحته وعبور هذه المحنة بأقل الخسائر الممكنة التي من شأنها أن تديم الحياة على هذا الكوكب الذي وجد نفسه يرتدي الكفوف ويضع الكمامة بصورة دائمة.
لهذا فإنّ أحد أبرز طرق السلامة يتمثل بالحظر الصحي الذي من شأنه أن يقلل عدد المصابين بفيروس كورونا أولا، وإنهاء حالات العدوى من جرّاء التلامس والاختلاط ثانيا، ثم القضاء على هذا الوباء نهائيا كمحصلة ثالثة، مع سعي حثيث من قبل مراكز البحوث للوصول إلى علاج مناسب له.
لهذا نجد هنالك أصواتا ضعيفة تخرج بين حين وآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يحاول مروّجوها كسر الحظر الصحي، وهي أصوات نشاز مرفوضة من قبل الجميع وغير مدركة لحجم الخطورة التي تحيط بهم كأفراد، ومن خلالهم لأسرهم وعموم المجتمع الذي يعيشون فيه.
بالمقابل، نجد أنّ الأغلبية تدرك خطورة الموقف، ونجد أنّ نسبة الالتزام بالحظر الصحي تعتمد على مدى وعي الناس وإدراكهم مسؤولياتهم ليس تجاه أنفسهم فقط، بل تجاه أسرهم والمجتمع بصورة عامة. في العراق يمكننا القول إنّ نسبة الالتزام بالحظر الصحي نسبة عالية ربّما تجاوزت 90 بالمئة على الأقل في مدينتي التي أعيش فيها، وهي بالتأكيد لا تختلف عن بقية مدن العراق، وهذا بحدّ ذاته إنجاز صحي كبير للمواطن أولا، وللوطن ثانيا، وهذا ما جعل مدينتي خالية من الإصابات حتى هذه اللحظة والحمد لله، وربّما الكثير من المدن العراقية فيها هذه النسبة من الالتزام بالحظر الصحي الذي يمثل وسيلة مهمة من وسائل البقاء على قيد الحياة، خاصة ونحن نرى ونسمع حجم الإصابات والوفيات في أوروبا وأميركا، ولعلّ الكثير منّا صدمته هذه الأرقام في دول متقدمة، خصوصا وأنّ آخر إحصائيات الإصابات تجاوزت المليون بكثير، وهذا ما يؤكّد خطورة الموقف الصحي في العالم بأسره.
خلاصة ما يمكن قوله إنّ شعار (خليك ببيتك) ليس ترفا بقدر ما هو وصفة علاجية شاملة ومتكاملة للتصدي لهذا الفيروس، ونحن دائما نقول الوقاية خير من العلاج، لهذا فإنّ البقاء في البيت ترجمتها الحقيقية تتمثل بأنّ البقاء هو الوقاية وهو العلاج في الوقت نفسه.