إياد مهدي عباس
لم تكن أزمة كورونا اختباراً لكرم العراقيين وقدرتهم على التكافل الاجتماعي, فلو عدنا قليلا بالذاكرة إلى الوراء لوجدنا أكثر من موقف وأزمة نجح أبناء الشعب العراقي في إثبات تماسكهم وتوادّهم وتراحمهم، إذ شاهد الجميع احتضان العراقيين أخوانَهم من المحافظات الأخرى، في أزمة الفيضانات والكوارث الطبيعية التي حلّت بأهالي الموصل وصلاح الدين وأحداث العنف التي أسهمت في نزوح الكثير من الأسر، في تلك المدن، صوبَ مدن الجنوب، والمواقف المشرّفة لأبناء المجتمع العراقي في احتضان أخوتِهم وتوفير المواد الغذائية لهم وجميع مستلزمات المعيشة في أروع صور التكافل الاجتماعي التي أذهلت العالم. إنّ أزمة تفشي فيروس كورونا التي يمرّ بها العراق أسوة بدول العالم أرغمت الحكومة على اتخاذ إجراءات عديدة، منها حظر التجوال وإيقاف شبه تام للحياة والأعمال اليومية من أجل الحدّ من انتشار الوباء ومحاولة حماية الناس من هذا الخطر الذي أصبح يهددهم في حياتهم وحياة أحبّتهم، وهذا، بالتأكيد، يسهم في تعطيل أعمال بعض منْ يعتمدون على الدخل اليومي لإطعام أسرهم. ومن هنا برزت الحاجة لمواقف من قبل الخيّرين لمساعدة أخوانهم من الذين يعملون بالأجر اليومي، ومساعدة الأسر المتعفّفة فبرزت الكثير من المنظمات المدنية وحملات مختلفة لتوزيع المواد الغذائية.
ومن جانب آخر لم تكن المرجعية العليا، في النجف الأشرف، بمعزل عن هذه المبادرات الخيّرة، فلم تبخل بتقديم المساعدات والنصائح، وناشدت الخيّرين، وأصحاب المواكب الحسينية، والذين لهم مواقف مشهودة بإطعام الملايين خلال الزيارات الدينية المليونية, ناشدتهم بتفعيل دورهم في مساعدة الناس والأسر الفقيرة من أجل أن تمرّ هذه المرحلة المهمة والخطيرة من تاريخ العراق، التي سيسجلها التاريخ بحروف من ذهب لشعب كريم نجح في هذا الاختبار كما نجح في اختبارات سابقة.
ولا بدّ من الإشارة، هنا، إلى حقيقة مهمة، وهي أنّنا لن نهزم كورونا فقط بتكافلنا وتضامننا، بل نحن بحاجة إلى الجانب الآخر من التحدي وهو الالتزام بالتوجيهات والتعليمات الصحية، إضافة إلى ضرورة الالتزام بحظر التجوال لأنّه الوسيلة الوحيدة التي تبعدنا عن المرض وتساعد الدولة في الحدّ من الإصابات، لأنّ تفشي المرض بأعداد كبيرة سيسهم في تحطيم النظام الصحّي في البلاد كما حدث في دول متقدمة تمتلك الكثير من الإمكانات والجاهزية التي لم تكن كافية وكفيلة بإيقاف تفشي الوباء، فما بالكم ونحن في ظلّ نظام صحّي غير متكامل ويعاني من الكثير من النقص بشهادة المسؤولين والمختصين.
إذاً، ندرك، هنا، أنّنا أمام أزمة خطيرة يجب أن نتكاتف جميعا لتجاوزها، ومن المهم جدا أن يعرف الجميع أنّ التكافل الاجتماعي، والالتزام بالتعليمات، وتطبيق حظر التجوال، هو سبيلنا للخروج من
الأزمة.