كــــورونا.. الأطفال ليسوا في مأمن من الإصابة بالعدوى
من القضاء
2020/04/11
+A
-A
لندن/ بي بي سي
لكنَّ تقارير مقلقة ذكرت أن بعض الصغار في السن قد عانوا أيضا من أعراض شديدة جراء الإصابة بفيروس كورونا. وأثارت هذه التقارير، وكذلك إجراءات إغلاق المدارس والتباعد الاجتماعي، مخاوف الآباء والأمهات حول تأثير فيروس كورونا على أطفالهم.
هل يصيب الأطفال؟
نعم، الأطفال ليسوا في مأمن من الإصابة بالعدوى إذا كانوا في بيئة ينتشر بها فيروس كورونا المستجد.
ويقول أندرو بولارد، أستاذ المناعة والأمراض المعدية لدى الأطفال بجامعة أكسفورد، إن أعداد الإصابات بين الأطفال الآن لا تقل عنها بين البالغين، رغم أننا كنا نعتقد في البداية أنه لا يصيب الأطفال. لكن الأطفال عادة تظهر عليهم أعراض طفيفة جراء الإصابة بالعدوى.
وأشارت بيانات المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن الأطفال دون 19 عاما لا يمثلون إلا اثنين في المئة فقط من حالات الإصابة التي سجلت حتى 20 شباط، وبلغ عددها 72,314 حالة. لكن سانجاي باتيل، استشاري الأمراض المعدية لدى الأطفال بمستشفى ساوثامبتون للأطفال، يعزو انخفاض معدل الإصابة بين الأطفال في هذه الفترة إلى أن بيئات العمل ووسائل النقل كانت المصدر الرئيس لنقل العدوى، لكنَّ البالغين الآن يقضون وقتاً أطول مع أطفالهم، وبالتالي ربما نشهد ارتفاعا في معدلات الإصابة بين الأطفال.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن هذه البيانات قد لا يعول عليها لأنَّ بعض الدول لا تجري فحوصاً مخبرية إلا للمرضى الذين ينقلون إلى المستشفى إثر تفاقم أعراض المرض، ولا يشكل الأطفال في الغالب إلا نسبة ضئيلة من هؤلاء.
كيف يختلف التأثير
يقول أندرو بولارد، رئيس مجموعة اللقاحات بجامعة أكسفورد، إنَّ جميع التقارير عن المصابين بفيروس كورونا حتى الآن تشير إلى أنَّ الأطفال أقل تأثرا بالفيروس من البالغين، حتى لو كانوا يعانون من أمراض خطيرة تؤثر على مناعتهم، مثل السرطان.
لكنَّ الأطفال المصابين بفيروس كورونا المستجد بشكل عام يعانون من أعراض أخف نسبياً مقارنة بالبالغين. وكان أصغر ضحاياه في أوروبا فتاة عمرها 12 عاماً من بلجيكا وصبي من لندن عمره 13 عاماً. وفي الصين كان عمر أصغر الضحايا 14 عاماً.
وأكدت دراسة صينية، أجريت على أطفال مصابين بفيروس كورونا المستجد، أن أكثر من نصف المصابين عانوا من أعراض طفيفة مثل الحمى والسعال والتهاب الحلق وسيلان الأنف وآلام في الجسم والعطس، في حين إنَّ ثلثهم عانوا من الالتهاب الرئوي والحمى المتكررة والسعال المنتج للبلغم، وأزيز الصدر، وذلك بدون ضيق تنفس وصعوبة التنفس التي تصاحب الحالات الخطيرة.
ويقول غراهام روبرتس، استشاري طب الأطفال بجامعة ساوثامبتون، إن فيروس كورونا المستجد يصيب الجهاز التنفسي العلوي، أي الأنف والفم والحلق، لدى غالبية الأطفال، ولهذا تكون أعراضه شبيهة بأعراض نزلة البرد، ولا يصل الفيروس للرئتين أو يسبب التهابا رئويا حادا ووخيما كما هو الحال لدى المرضى البالغين.
نسب تعافي أعلى
«الفيروس جديد جدا لدرجة أننا لا نعرف السبب حقا»، بحسب روبرتس، وهو مدير مركز ديفيد هايد لأبحاث الربو والحساسية في نيوبورت ببريطانيا. ويوضح روبرتس أنَّ أحد الأسباب المرجحة حتى الآن هو أنَّ الفيروس يحتاج إلى نوعٍ من البروتين على سطح الخلية (المستقبِل) حتى يتمكن من الدخول إليها ويتسبب في المشكلات. ويبدو أنَّ فيروس كورونا المستجد يستخدم مستقبل الإنزيم المحول لهرمون الأنجيوتنسين 2 لهذا الغرض. وربما لأن الجهاز التنفسي السفلي لدى الأطفال يحتوي على عدد أقل من هذه المستقبلات مقارنة بالجهاز التنفسي العلوي، ينصب تأثير العدوى على الجهاز التنفسي العلوي لدى الأطفال. وقد أثبتت دراسات عديدة أجريت على عدة أنواع من الفيروسات التاجية (كورونا) تفضيل هذه الطائفة من الفيروسات لمستقبل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2. ويرى بولارد أنَّ ثمة تفسيراً آخر لهذه الظاهرة، وهي التغيرات التي تطرأ على الجسم مع التقدم في العمر، مثل شيخوخة الجهاز المناعي، وضعف قدرته على مكافحة العدوى الجديدة.
ويتعرض الأطفال في دور الحضانة والمدارس لعدد هائل من العدوى التنفسية الجديدة، ومن ثم تنتج أجسامهم أعدادا أكبر من الأجسام المضادة لمقاومة العدوى بالفيروسات مقارنة بالبالغين.
ويقول روبرتس إن الاستجابة المناعية للعدوى الفيروسية قد تكون أقوى لدى الأطفال منها لدى البالغين، وتظهر في صورة ارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم. وأغلب الظن أن الجهاز المناعي لدى الأطفال أكثر قدرة على مهاجمة الفيروس ومنعه من الدخول إلى الجهاز التنفسي السفلي.
بإمكانهم نقل العدوى
ويقول روبرتس إن الكثيرين يظنون أن الأطفال ضمن الفئة الأقل تهديدا، ومن ثم لا ينبغي أن نقلق بشأنهم. وهذا صحيح لو كان الأطفال لا يعانون من أمراض مزمنة مثل نقص المناعة. لكن هؤلاء يفوتهم أن الأطفال ربما هم أحد القنوات الرئيسية لنشر العدوى في المجتمعات.
إذ تنتقل عدوى كورونا من الشخص المصاب إلى غير المصاب عبر التلامس المباشر بالقطيرات التي يفرزها الجهاز التنفسي للمصاب، أو لمس الأسطح الملوثة بالفيروس. ومن ثم فإن الأطفال المصابين بفيروس كورونا، سواء لم تظهر عليهم أعراض أو كانوا يعانون من أعراض طفيفة، قد ينقلون العدوى للآخرين، خاصة أفراد أسرتهم والأقارب كبار السن. ويقول روبرتس إن الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض طفيفة من المحتمل أن يكونوا من أكبر المساهمين في نشر الفيروس، ولهذا كان قرار إغلاق المدارس غاية في الأهمية للحد من معدلات تفشي الجائحة.
ويقول روبرتس إن الطفل المصاب بالانفلونزا لا يعاني في الغالب سوى من سيلان الأنف، لكنَّ البالغين المصابين بها قد تتفاقم لديهم الأعراض وينقلون للمستشفى وأقسام العناية الفائقة، ويموت بعضهم. وينبه روبرتس إلى أن حرص الحكومة البريطانية على منح الأطفال لقاح الانفلونزا لم يكن الهدف منه حماية الأطفال بقدر ما كان منع الأطفال من نقل العدوى لأقاربهم كبار السن الذين قد يعانون من أعراض شديدة.
يقول باتيل إن الناس يتحدثون الآن طوال الوقت عن وباء فيروس كورونا المستجد وضحاياه، ولهذا ينصح الآباء والأمهات بطمأنة أطفالهم بأن الفيروس لا يودي بحياة الأطفال. وبحكم تعامله الدائم مع الأطفال، يقول باتيل إن الأطفال يخشون دائما أسوأ العواقب وقد لا يفصحون عن مخاوفهم للآخرين. ويقترح بولارد أن يؤكد الآباء لأطفالهم أن الفيروس غالبا لا يصيب الأطفال بأعراض شديدة.