ممرضات يحرمهن كورونا من رؤية أطفالهن

اسرة ومجتمع 2020/04/12
...

بغداد/ سرور العلي
 
مع اشتداد أزمة فيروس كورونا الذي اجتاح العالم برمّته، وما أظهره من تأثير نفسيّ على حياتنا اليومية وحظر معظم الوظائف وتعليق عمل الشركات الكبرى والمصانع وجميع أسواق العمل باستثناء رجال الأمن والقطاع الصحي.
إذ واظب هؤلاء على الاستمرار وتقديم خدماتهم الإنسانية، ولاسيّما الكوادر الطبية والصحية التي تعد الحاجز الأول في التصدي لجائحة كورونا، ما جعل الكثير من الممرضات المتزوجات يبتعدن عن أطفالهن بقضاء أكبر وقت في المستشفيات وحرمانهن من رؤية أسرهن.وعن ذلك قالت الشابّة حوراء زاهر(ممرضة ماهرة)، أم لثلاثة أطفال، بابتسامة امتزجت بالحزن:"لم أرَ أطفالي منذ أربعة أيام بسبب تواجدنا الدائم في المستشفى ووضعنا الحرج في استقبال المشتبه بإصابتهم بالفيروس".
وتضيف زاهر، وهي تصلح من وضع الكمامة والقفازات:"حياة الآخرين تتطلب منّا تنازلاً وابتعاداً عن أحبّائنا لحين القضاء على المرض أو انحساره".
وتحدّثت زميلتها في الردهة زينب عبد، (35)عاماً، أم لطفلين:"نحن الخطوط الأمامية في معالجة ورعاية المرضى، تركت طفلَيّمع والدهما على أمل أن يخفف عنهما غيابي، لم أرهما منذ أسبوع، أشعر بالضيق والألم من أجلهما ولكن هناك من يحتاجنا لإنقاذهم من معركة كورونا".
ولم تنقطع رسائل الاطمئنان من ذويهن، وتؤكد الممرضة الجامعية، فرح حسن(45) سنة "أنها تتواصل أثناء الحجر الصحّي في المستشفى مع أبنائها، وتبعد عنهم التوتر والخوف من احتمالية أصابتها بالفيروس القاتل والتزامها بأخذ الاحتياطات كافة".
وانهالت موجة من الصور تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي للممرضات والأطباء، وهم يحذرون ويعطون النصائح والإرشادات للجميع، والحرص على البقاء في المنزل، وسرد لهم ما يعانيه المرضى المصابين بالفيروس، وذرف بعضهم الدموع لما وصل إليه العالم من وضع مقلق وبائس، بينما غابت أغلب المناسبات والاحتفال بها كعيد الأم الذي كان باهتا هذا العام، لانشغال الأمهات بهوس التعقيم والابتعاد عن تقبيل الأبناء وضمهم، واقتصرت الهدايا على شراء المعقمات والكمامات ومختلف
المطهرات. وتقول الممرضة الثلاثينية آلاء قاسم(أم لطفل): "تقع على عاتقنا مسؤولية الحفاظ على حياة الآخرين معرّضين حياتنا للخطر ووضعنا في مواجهة مع الموت، أضع أمام عيني طفلي وزوجي وأخوتي واحتمال أصابتهم بالفيروس ما يشجعني على المضيّ في تقديم الدّعم الإنساني والمعنوي لكلّ المرضى الراقدين وبذلك ندافع عن أسرنا ونحدّ من انتقال العدوى لهم".
لحظات مؤلمة وهستيرية حفرت في ذاكرة الممرضاتلما شاهدنه من مرضى يقاومون وآخرين غادروا الحياة، بينما حرصت الممرضة الفنية، علا أحمد(30)عاماً: "على عدم مقابلة أسرتها خوفا من نقل الفيروس لهم" وأوضحت: "الأمر ليس مزحة، إنّه كالوحش يحاول التهامنا واحدا تلو الآخر، على الجميع توخي الحذر والالتزام بالعزل المنزلي".
وترى الممرضة الماهرة، بشرى محمد(40)عاما:"أن الوضع الحالي حرج جدا، وانتقال العدوى وارد حدوثه في أيّة لحظة، لذا التواصل مع أسرنا عن بعد هو أفضل ما نقوم به للحفاظ أرواحهم"
وتضيف مبتسمة: "آمل أن تنتهي الأزمة بتكاتفنا وقوتنا".
وتحدثت الممرضة الفنية، وسن صباح(35)عاماً:"نحن الجيش الأبيض، ومهمتنا الأولى هو صدّ الفيروس، متّخذين الإجراءات الوقائية السليمة كافة، أسرتي تخشى عليّ من انتقال العدوى عن طريق تعاملي مع المرضى، ولكن اطمئناني لهم من حين لآخر يجعلهم فخورين بي".
وتابعت:"اهتمّت منظمة الصحّة العالميّة بالتمريض، وعدّت العام 2020 عاماً للتمريض لما نبذله من جهد واهتمام بتقديم الرعاية الصحّية للمرضى، وهذا يجعل مهمتنا أكثر تقديرا ومسؤوليَّة".
بينما شدّدت الممرضة الشابّة، سالي جمعة"على ضرورة التباعد الاجتماعي في تلك الفترة الحرجة لتفشي الفيروس، والحفاظ على مسافة جسدية بين الأشخاص في المنزل أو الأماكن العامة من أجل تقليل الإصابة بالعدوى".