قريباً من النهاية

آراء 2020/04/13
...

د. سعد العبيدي   
 

يتفق غالبية السياسيين العراقيين، ويؤيدهم كثير من المتابعين السياسيين العراقيين وغير العراقيين على أن الحكومة الحالية التي تدير شأن البلاد كانت هي الأضعف والأقل إنجازاً منذ العام 2003  وحتى هذا اليوم، ويتفقون أنّها كانت تستحق الموقف الشعبي الذي تكوّن رفضا لاستمرارها وتظاهراً لإنهاء وجودها، ويتفق الكثيرون أيضاً على أنّ الشأن الإيجابي الوحيد الذي يحسب لها بلا جدال هو امتثال رئيسها السيد عادل عبد المهدي لضغوط الجمهور والمراجع الدينية لما يتعلق بتقديم الاستقالة، وقدمها بامتياز عدَّ سلوكاً حضارياً لم يعتد السير على هداه، الساسة العراقيون عبر تاريخهم الطويل، بدءاً من العام 1958 الذي ثار فيه العسكر على ملكهم، واستلموا مقاليد الحكم والسياسة وأسسوا بتفردهم في السيطرة عليها إلى ثقافة التمسك بالحكم من يوم المجيء باستخدام القوة إلى يوم الخروج من على كرسي الحكم بالقوة، أي على وفق معاييرهم المهنية، القتال دون التنحي عن 
الحكم. 
ومع هذا فالقائمون على شأن السياسة في وقتنا الراهن وبالتحديد ما بعد استقالة حكومة السيد عبد المهدي لم يتصرفوا بالشفافية المطلوبة لتجاوز أزمة الاستقالة والتكليف التي أخذت منعطفات عدة كانوا طوالها يدفعون باتجاهات تبدو وكأنّها ذاتية متعاكسة أدّت مع عوامل أخرى من دون شك إلى إفشال المكلّف الأول لتشكيل الحكومة السيد علاوي، وهي ذاتها أفشلت المرشح الثاني السيد عدنان الزرفي وما قيل من تهم أغلبها غير صحيحة تقع ضمن دائرة الحرب النفسية بقصد تكوين رأي عام ضاغط بالضد من المرشح الذي لا يريدون، أو لا تريده  قوى التأثير النافذة، فتسببوا في إيجاد فراغ سياسي عرّض البلاد وما يزال إلى الخطر في ظروف 
صعبة. 
لقد سار السيد رئيس الجمهورية مع متطلبات الدستور واستخدم صلاحياته في التكليف وإنهاء التكليف، وكلّف أخيراً، وللمرة الثالثة، مرشحاً جديداً هو السيد مصطفى الكاظمي، وإذا ما تمّ النظر إلى موضوع هذا التكليف والظروف المحيطة نظرة سياسيَّة عقلانيَّة يمكن القول إنَّ أصل التكليف ووقته كانا مناسبين، وإنَّ ظروف العراق الآن لا تتحمل الإعاقة لهذا التكليف من أي طرفٍ كان، الأمر الذي يفترض بجميع القوى السياسية أن تتحمل المسؤولية الوطنية وتفتح المجال للسيد الكاظمي أن يتم مشروع تكليفه ويقدم برنامجه الحكومي بأقرب وقت ممكن وأن تتهيأ إلى عملية النقد والمراقبة والحساب بعد الموافقة على التكليف في البرلمان، وبعكسه فإنّ أيّة إعاقة ستعرض البلاد إلى مواقف يصح فيها الاستنتاج من أنّ المعنيين بالسياسة في دورتها الحالية لا يعيرون اهتماما لمصير البلاد وأنّ ما يقال بوجود رغبات عند بعضهم للإبقاء على الحكومة المستقيلة أطول فترة ممكنة، هو 
صحيح. 
وفي المقابل أمام المكلف السيد الكاظمي فرص عديدة في أن يتجاوز الأزمة وينهض بالبلاد ويعبر بها إلى ضفة الأمان عند السير في طريق غير الطريق الذي سلكه الآخرون.