سمعنا أنّ هجرة عكسية استعرت من أوروبا إلى البلدان العربية، إذ بلغت الطلبات قرابة مئات آلاف الراغبين بالعودة لبلدانهم الأصلية، لم يوقفهم ويعطّلهم إلّا منع الطيران وغلق الحدود بسبب كورونا، فانتشرت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط باتجاه معاكس من الغرب إلى العرب خلاف ما كانت عليه في الخمسين سنة الماضية، بعد تفشّي المرض في القارّة العجوز، وضربه أركان المربع الذهبي الأوروبي الرامز للقوة والتاريخ والحضارة والتقنيات المتمثل بـ ( بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا ) إذ أصبحوا، بعد الولايات المتحدة الأميركية، يعتلون التصنيف الفيروسي الأعلى عالمياً على طريقة تصنيف الفيفا. ذلك من حكم الرّبّ جلّ وعلا، وتقلّبات دورة الطبيعة ولا نستبعد أن للسياسة مقتضيات مستترة غاية السرية لأهداف بعيدة عن مدارك المواطن البسيط بنوايا رحمانية بعيدة عن خبرة وتفكير السياشياطين. في السويد لم تصدر السلطات أيّة أوامر بالحظر، بل تركوا حملات التوعية تأخذ مجراها للحد من مخاطر الفيروس. حسب مطّلعين، فإنّ ذلك الصمت والعلاج الهادئ الذي لا يتناسب مع الصخب العالمي الكوروني مردّه الحالة النفسية التي يعيشها مواطنو الدول الإسكندنافية في تفشّي حالة الكآبة والإحساس بالإنعزال جرّاء ظلام وصمت وليل الطبيعة الطويل، بصورة تتصاعد معها حالات الانتحار كظاهرة طبيعية تنتشر بين مواطنيهم، لا سيّما في السويد، ممّا جعلهم يتوخّون الحذر مع أزمة كورونا بصورة نفسية عالية الدّقة، منع بموجبها التصريح إلّا لمنْ يحمل تخويلاً بذلك، خشية أن يؤدي الأمر إلى ردّات فعل نفسية ستكون نتيجتها الحتمية ليست أقل خطراً من كورونا نفسه. عادة ما تشكّل الدول المتحضرة أثناء الكوارث والحروب دوائر إعلامية مختصة بإعلان التصريحات الرّسميّة بشكل حصري بموجب ترخيص صادر من لجان عليا متخصصة مطلعة بعيداً عن الارتجال والعشوائية والاجتهاد الشخصي من أيّ مسؤول مهما كان منصبه وموقعه، فإنّ التصريحات بزمن الحرب خطيرة وردّات فعلها قد تسبب هزيمة نكراء للأمّة. من هنا نما وتطور علم الإعلام وأصبح لا يقلّ أهمية عن أيّ سلاح آخر يُرفع بالمعركة. وبما أنّنا نخوض غمار حرب بايولوجية خطيرة جداً، فإنّ أيّ تصريح يسهم بتحطيم الأمّة نفسيّاً، ولا يأخذ وضع الشعب، بردات فعله النفسية والاجتماعية، لا سيّما ملايين الفقراء ممّن لا يمتلكون قوت يومهم، يجعل التصريح أقرب منه للتخرّص، ويدخله دائرة التحريض ممّا يتطلب تقنين التصريحات وإدخالها غرفة الاختصاص (الحصري بأضيق دوائره)، سواءً كان بتمديد الحظر أو ما يتعلق بتشديده بطريقة مزاجية تتيح فضاء الاستغلال من الذين يرفعون عقيرتهم بأرقام مهولة لأغراض دولاريّة معروفة تصبّ في جيب وكرش (تجار ومصاصي دماء الشعوب). العراق من أفضل وأقلّ الدول تضرراً من الفيروس بحسن التدابير وطاعة المواطنين، علما أنّ أغلب الدول تعاطت مع المرض بالحظر الجزئي مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي، فإنّ الحياة لا يمكن أن تتوقف، والمؤسسات لا ينبغي أن تغلق، وإلّا فإنّ الناس ستفسر الأمر على غير المعلن منه، لذا يرجى من المعنين بالتعاطي مع هذا الملف الخطير انتزاع صلاحية التخرص والتهريج ممّن كشفت ألاعيبهم في التهويل لأغراض مريضة، وأن يحسنوا قراءة واقعنا خاصة في ما يتعلق منه بالفقراء فإنّهم الضحية على طول خط وتاريخ العراق، دكتاتوريا كان أم ديمقراطيا