الجيل الخامس.. والآكلون عديمو الفائدة

آراء 2020/04/14
...

محمد شريف أبو ميسم 
 

منذ اتفاق "بريتون وودز" العام 1944، بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، واعتماد الدولار عوضا عن الجنيه الإسترليني في التعاملات والتبادلات المالية الدولية، والنظام المالي العالمي يشهد سلسلة من الأزمات كان آخرها الأزمة المالية في العام 2008. وعلى رغم انتهاء هذا الاتفاق فعليا في العام 1972، حين أعلن الرئيس الأميركي، آنذاك، نيكسون تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن مضمونه القاضي بوضع أوقية ذهب لإصدار كلّ 35 دولارا، إلّا أنّ الفيدرالي الأميركي ظلّ يصدر المزيد من الأوراق النقدية بوصفها مستنداً نقدياً يكون لحامله صفة الدائن بما يعادلها من السلع والخدمات. 

وراحت الولايات المتحدة تشتري المزيد من السلع والخدمات والعقول والأراضي على مدار عقود، في سياق اتفاق ما زال الكثيرون يصفونه بأكبر خدعة في التاريخ، حتى تدولر النظام المالي العالمي بشكل جعل صناعة الأزمات والصدمات سمة من سمات هذا النظام كلّما تراكمت الأوراق النقدية الدولارية، ليعاد تشكيله بالطريقة التي يقررها القائمون عليه.
ومع ظهور ثورة الاتصالات وانخفاض معدلات استخدام النقد في التعاملات المالية باتجاه زوالها من ساحات التداول في المستقبل القريب، برزت الحاجة لوجود عملات افتراضية تنسجم مع نظم المدفوعات الألكترونية التي تحتكرها الدول والشركات المهيمنة على اقتصاد المعرفة، وسرعان ما برز "البتكوين" الذي أحيط، في بادئ الأمر، بكثير من الضبابية بهدف بلورة وجوده بما ينسجم مع العالم الواقعي. و"البتكوين" عملة افتراضية لا تصدر عن بنك مركزي، ولكن يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى، مثل الدولار أو اليورو، مع عدّة فوارق أساسية بوصفها عملة ألكترونية تتداول على شبكة المعلومات العالمية فقط، من دون وجود فيزيائي، فهي لا تطبع كورق، ولكن يتم "تعدينها" على الإنترنت من قبل الذين يحتكرون المعرفة ويتسابقون على احتكار ما يسمى بالجيل الخامس G5، وبهذا فإنّها تنذر بنظام مالي عالمي احتكاري يطيح بالعملات الوطنية ويؤسس لمصادرة النظام النقدي العالمي. وببساطة، فإنّ منْ يسيطر على الإنترنت يكون له السبق في إدارة هذا النظام، فكان التسابق على تفعيل شبكات الجيل الخامس الفائق السرعة، على الرغم من التحذيرات لما قد تشكله هذه الشبكة من مخاطر صحية كارثية على البشر، جرّاء المشكلات الناجمة عن الإشعاع الكهرومغناطيسي الفائق وعواقبه السلبية على الصحة العامة. وفي ظلّ هذا التسابق فإنّا لنا الحق أن نرى في واقعية وجود فيروس كورونا غطاءً لنشر شبكات G5 بهدف دراسة تأثيرها في الإنسان والبيئة، فكلاهما يتماهى مع الآخر ويحقيق المزيد من الأهداف الاقتصادية والديموغرافية، التي يقف في مقدمتها الحدّ من تكاثر ما يسمى بالآكلون دون فائدة Useless eaters The "وهم مجاميع السكان المسنين والتجمعات الفقيرة في البلدان المتخلفة" بجانب انخفاض أسعار النفط وتنظيم استهلاكه بالتزامن مع مرحلة النضوب التي أشير لها في ما يسمى بنظرية "قمة هوبرت" التي تنذر بحرب كونية مع انخفاض منحنى الانتاج وصولا لحالة النضوب بعد العام 2035، مع التزايد السكاني الذي ينسحب، بالضرورة، على المزيد من الاستهلاك النفطي، فضلا عن الحاجة لإعادة تشكيل الخريطة التجارية العالمية وتوزيع الأسواق، تجنبا لحرب كونية قد تعرّض مصالح الكبار إلى الدمار. نعم إنّها مسوغات غير أخلاقية، ولكن النظر في التاريخ البراغماتي للرأسمالية يعطينا فكرة واضحة عن سبب الريبة، فالحرب الجرثومية التي أبادت 80 بالمئة من الهنود الحمر بهدف الهيمنة، وقنابل هوروشيما وناكازاكي ليست ببعيدة، فما بالك بعد أن سيطرت مجموعة "الواحد بالمئة" التي تحكم العالم وتهيمن على 58 بالمئة من ثروة هذا الكوكب، هذه المجموعة وبشهادة "ستيفن سي كورتن" مؤلف كتاب "عندما تحكم الشركات العالم" لا تتوانى عن إشعال الحروب بين الدول، وإثارة الفتن الطائفية، واعتماد الحرب الجرثومية والتلقيحات البايلوجية التي تحد من الإخصاب والأغذية المعدّلة جينيا لوضع حد للتكاثر السكاني. ولنتساءل، هنا، عن سر انطلاق الحديث عن فيروس كورونا مع بدء نشر الشبكات حول المدن الأميريكية الكبرى، بينما راحت الشركات القائمة على G5 تبشر بفوائد هذه الشبكة وتقلل من مخاطرها المحتملة على صحة الإنسان. وفي حزيران 2019 منحت الصين تراخيص تجارية لتشغيل شبكة الجيل الخامس لأربع شركات صينية مملوكة للدولة، وتوقعت شركة هواوي الصينية، أن تقود شبكة G5 الصينية العالم قريبا، وسط منافسة شديدة من الولايات المتحدة التي حثت دولاً أخرى على مقاطعتها بسبب مخاوف من احتمال استخدام معداتها لصالح أجهزة الاستخبارات الصينية.
فتحول العالم، على ما يبدو، إلى ساحة تسابق ومختبر كبير لإجراء التجارب على الأعداد السكانية، وسط تحذيرات تنذر باحتمالات غير حميدة قد تنسحب على البلدان الفقيرة البعيدة عن G5 في إطار الحد من تناسل الآكلين عديمي الفائدة والأعداد السكانية الفقيرة بواسطة جيل جديد من هذا الفيروس القادر على تطوير نفسه بحسب الجهات الدولية التي دعت أفريقيا إلى الاستعداد للأسوأ.