ناصر عمران
المتابع من نافذة الحجر الصحي التقنية والمتحصن بجدران منزله والذي يشاهد العالم وهو ينوء بحمله على اثر الضربات التي تلقاه من فيروس لا يرى بالعين المجردة، سيكتشف بما لا يقبل الشك ان عالم ما بعد كورونا هو ليس كما قبله، وان هذا الفيروس القادم من مدينة (ووهان الصينية ) والمجهول اسباب النشوء والانتشار لحد الان والمتجذر بشكل متطور عن الانفلونزا العادية حسب الانتمائية الوبائية للفيروس والمسمى (coved - 19) والذي يرى العلماء المختصون بان الفيروس حالة وبائية وجدت مناخات مساعدة فحققت انتشارها والمستعصية على العلاجات الدوائية فضلا ً عن المصل الوقائي وعلى ضوء ذلك يدخل هذا الوباء والمصنف بالجائحة حسب التصنيف الاممي ضمن مجموعة الامراض المستعصية على العلاج مثل السرطان والعوز المناعي (الايدز ) واذا كانت الامراض المذكورة غير معدية او ان طريقة العدوى فيها محدودة فان قوة هذا الفيروس المتجدد عن الانفلونزا العادية تكمن بقدرته الكبيرة في الانتشار عن طريق العدوى وان المعالجة الحقيقية تكمن في الجانب الوقائي اولاً ثم المعالجة الدوائية والتي تستخدم علاجات امراض الملاريا والعوز المناعي في الوقت الحاضر للتخفيف من شدة الاصابة وانقاذ المصاب بمساعدة جهازه المناعي من الهلاك وبخلافه وهو حال معظم البلدان المتقدمة فان نسبة الوفيات تشكل كارثة وهو ما يحدث الان، والبعض من المختصين يرى بانه وباء جرثومي وجد بفعل فاعل ويدخل ضمن الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة الاميركية ومنافسها الاقتصادي الكبير الصين وهو شرارة الحرب الجرثومية بين الدولتين والتي يدفع العالم والدولتين ثمنها والبعض يرى ذات الرأي لكنه يرجح الخطأ المختبري الذي اسهم بخلق فيروس جرثومي وبائي خرج من السيطرة ليشمل بوبائه العالم واذا صحت الفرضيتين فان هناك مسؤولية جنائية يتحملها الجاني سواء اكان فردا او مؤسسة طبية او دولة توجب ايقاع اقسى العقوبات وتعويض المجتمع البشري عن الخسائر البشرية والاقتصادية التي حلت به فضلا عما رافق ذلك من خسائر اخرى، ان مرحلة ما بعد كورونا هي مرحلة عالمية مفصلية على المستويات كافة وابرزها مثلاً ان القارة الاوربية والتي تفقد يوميا الالاف من ابنائها وبخاصة كبار السن ربما ستكون قارة الشباب وستتحقق الرؤية التي ترى بان الجيل الشاب المتجذر من الاصول الشرق اوسطية سيدير البلدان الاوروبية ويحقق تغييرا ديموغرافيا في طريقة الادارة والعلاقات الاجتماعية والذي كثيرا ما حذر منه الساسة الأوربيون ذوو الميول اليمينية المتشددة، وأياً تكن النتائج المتحققة فان الوباء فرض منظومة حياتية عالمية جديدة تمثلت بحالة الحجر الصحي المنزلي تطبيقاً لمبدأ التباعد الاجتماعي وهي منظومة وقائية يبدو انها ليست مؤقته في خضم ما يشهده العالم من انتشار للوباء امام عجز مختبري عن ايجاد علاج دوائي او مصل وقائي في العالم المتطور والذي كثيرا ما تباها بجانبه الطبي والصحي ومشافيه الكبيرة والمتطورة وعقوله الطبية الجبارة إلا أن كل ذلك تضاءل امام عنفوان الفيروس الجديد، وفي الوقت الذي حقق الفيروس تباعدا اجتماعيا كبيرا فانه بالمقابل منح التواصل الاجتماعي وعلاقات العوالم الافتراضية اولوية على حساب العلاقات الاجتماعية الواقعية وهو ما سيتقبله العالم مجبرا في عالم ما بعد
كورونا.
إنَّ الانحياز للعالم الافتراضي التقني سيكون حجر الاساس في العالم الجديد ما بعد كورونا، وربما لا نجد التجمعات البشرية مستقبلاً ومنها المناسبات الاجتماعية والالعاب الرياضية والطقوس الدينية وغيرها بالصورة التي كنا نشاهدها سابقاً وربما ستتحول بأشكال جديدة فمثلاً قد تكون مدرجات الملاعب الرياضية باطر زجاجية لكل متفرج منعاً للاختلاط البشري وقد يرتدي اللاعبون كمامات وقفازات واقيه عند ممارسة الالعاب وعند حصول ذلك سيفقد العالم متعة الاحتفالات التقليدية في الفوز والمشاركة الاجتماعية والحال مثله في المناسبات الاجتماعية والدينية والاجتماعات الرسمية وربما تتحول المؤتمرات والاجتماعات الرسمية الى اجتماعات ومؤتمرات عبر دوائر الكترونية وهو امر ستتبعه إجراءات معينة بحسب ذلك، واذا كان الحال هذا ضمن المنظور الاجتماعي فان الحال سيكون حاضرا في الجوانب الاخرى السياسية والاقتصادية والثقافية وكل النشاطات التي قوامها المشاركة الاجتماعية الفعلية ، عليه فإننا مقبلين على مرحلة لها استحقاقاتها التنظيمية والتشريعية اضافة الى تنظيماتها المجتمعية حتى نستطيع التعايش الاجتماعي من جديد في ظل ضيف وبائي
ثقيل.