الحاجة إلى البحث العلمي

آراء 2020/04/15
...


ســلام مكــي
 
أزمة كورونا، لم تقف عند حد معين، ولم تستثن قطاعا من القطاعات. ولعل الكشف عن أزمة العلم والصحة العامة، من أهم ما كشفت عنه كورونا. الحاجة إلى وجود بنى تحتية تخص قطاع الصحة، برزت في ظل الأزمة الحالية، بشكل لافت وكبير، ليس في العراق وحده، بل في أكثر دول العالم تقدما وتطورا. فعلى الدول، كي تستوعب درس كورونا، أن تمنح المؤسسات الصحية، والعاملين في القطاع الصحي، أهمية أكبر وأشمل، من غيرهم من الفئات، كون إن وجود هذه الفئة، يعني وجود باقي الفئات. والاهتمام بها، يعني الاهتمام بالمجتمع ككل. الجميع، يعلم الامكانية المحدودة للمؤسسات الصحية، إضافة إلى أن هجوم الوباء بشكل مفاجئ، قيد الجهات المسؤولة، وخلق نوعا من القلق، من القادم، كون إن معنى انتشار الفيروس بشكل سريع، يعني عدم القدرة على مواجهته، إذ هنالك قدرة محددة ومحدودة للمستشفيات، ومعنى أن وجود أعداد تفوق الامكانية المتاحة، يعني خروج الأمر عن السيطرة. لكن ما حصل، هو بجهود العاملين في المؤسسات الصحية والقوات الأمنية، ووعي المواطن، وإدراكه بأن الالتزام بتوجهات خلية الأزمة، من الامتناع عن الخروج من البيت إلا للضرورة، والقيام بعمليات التعقيم والتعفير والامتناع عن الملامسة وكافة العادات التي تمارس في الأيام العادية، التي من شأنها أن تساهم في نقل المرض إلى الآخرين. لقد برزت الحاجة إلى أن تولي الدولة اهتماما خاصا بالقطاع الصحي، عبر بناء مستشفيات قادرة على استيعاب الظروف الصحية الطارئة، وانشاء جهاز إداري وطبي متكامل، قادر على مواجهة التحديات ويكون على استعداد دائم لأي حدث صحي طارئ، كوباء أو كارثة طبيعية، أو اعمال إرهابية.. ومن جانب آخر، لابد من منح البحث العلمي اهتماما أكبر وأوسع، وتقديم حوافز ومكافآت مجزية لمن يقدم بحوثا مميزة، تساعد على اكتشاف علاج جديد، أو تساهم في الوقاية من مرض معين، أو تصنّع لقاحا أو مصلا لمرض.
ولعل اللوحة التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تصور كافة شرائح المجتمع، وهي تترقب طبيبا أو باحثا، وهو يقوم باستخدام المجهر لغرض إجراء بحث أو تحليل، كي يقدم خدماته إلى تلك الفئات، يكشف عن مدى أهمية الطب والبحث العلمي في هذه الظروف. إن كافة المؤشرات، تدل على أن البلد في طريقه للانتصار على الوباء. وهذا الانتصار الذي سيتحقق بجهود وتكاتف الجميع، يتوجب معه أن تقوم الحكومة، بتكريم العاملين في دوائر الصحة، وهذا التكريم لا يقتصر على توزيع قطع سكنية أو مبالغ مالية، بل يجب أن يكون التكريم مختلفا، أن تعنى لهم، مكانة خاصة في المجتمع، وأن تعطى للصحة والطب والمؤسسات العملية والبحثية، دورا أكبر في إدارة شؤون البلد، أن تخصص مبالغ إضافية لهذه الفئة، بما يتناسب ومكانتها وأهميتها. والطبيب العراقي، قادر على خلق المعجزات، والدليل أن أعرق المؤسسات الصحية في العالم، تضم أطباء عراقيين، ويتولون مناصب مهمة فيها. فإذا ما وجد الطبيب العراقي والباحث تشجيعا من الدولة للقيام بالبحوث والتجارب، سيقدم الكثير من الانجازات التي تساعد على التصدي لأي وباء أو فيروس في
 المستقبل.