تصورات المرحلة المقبلة

آراء 2020/04/16
...

زهير الجبوري 
 

يبدو ان للانسان العراقي تجارب كثيرة في العيش مع المحن وتجاوزها ، كما يتصور الكثير ،  ان ظروف المحن ليست جديدة على كل واحد منا ، وبعيداً عن تاريخ البلد ونشأة الدولة العراقية منذ ما يقارب مئة عام ، ومن ثمَّ الانقلابات العسكرية من النظام الملكي الى النظام الجمهوري وما تلته من احداث ساحنة يذكرها البعض ممن عاش تفاصيلها ، لنقف عند محطة جوهرية معاصرة ، وهي الفترة الساخنة في الحرب العراقية الايرانية وفترة حياة الحصار الاقتصادي، وصولاً الى سقوط نظام صدام ومن ثم حياة الاضطراب في زمن الارهاب وحياة الانتفاضة الشعبية في الفترة الأخيرة ، ففي كل مرحلة من هذه المراحل يخلق الانسان العراقي بارادته الكبيرة واصراره في الحياة على اثبات وجوده ، شيئاً من الاستقرارية المقنعة (المقننة) ، ولكن الفترة الأخيرة ومحنة كورونا لها ظروف مختلفة ، فالمحنة ليست عراقية بحتة ، انما هي عالمية هزت عروش دول كبرى وحضارات جديدة في (العالم الاول) ، ولم تكن (الميديا) سوى اداة اعلامية لقراءة مصير هذا العالم ، في حين نعيش نحن في مدننا البريئة  تفاصيل تحمل نوايا بعيدة عن تجار الدم ومتعهدي الحروب ، نحن في تقاليدنا وأعرافنا وطقوسنا اصحاب نوايا سليمة ، ومن هذا المنطلق ، وبعد حروب امتدت لعقود ، ماذا يتوجب علينا فعله في المرحلة المقبلة ..؟.. باعتقاد خاص ، لابد ان نجد نوافذ حقيقية تعيد لحمتنا الوطنية بعيداً عن وباء الطائفية الذي هو نظير وباء كورونا ، ومن خلال ذلك ، سأفترض وجود منظمات من المجتمع المدني لتفعيل دور التنمية والوعي  المجتمعي ، فالمرحلة المقبلة يمكن ان نرسمها عبر تصوراتنا الخاصة من خلال الرجوع الى العوامل الناهضة والمؤثرة في المجتمع حتى لا نتفاجأ حين نمرّ بسلام من هذا الوباء باننا لا نعرف ما سنقدمه من برامج تخدم الناس ، وأحسب ان الفرد له القدرة على التكيّف السريع مع كل ظرف جديد يمرُّ به ، لذلك وجب علينا من خلال وسائل الاعلام المتنوعة ان نضع تصوراتنا للمرحلة المقبلة كاقتراح فيه تمنيات التطبيق ، والتصورات هنا يشتغل عليها اصحاب الشأن ، كلٌ ضمن اختصاصه ، لتنشئة قاعدة سليمة على ارضيتنا ، او كما يقول هايمن في كتابه (التنشئة السياسية): (ان عملية تعلم الفرد المعايير الاجتماعية عن طريق مؤسسات المجتمع هي ضرورة قصوى تقضيها اساسيات العمل السياسي الواعي والهادف ، لأن التنشئة السياسية هي جزء من التنشئة الاجتماعية التي يكتشف من خلالها الفرد الاتجاهات والقيم السائدة في المجتمع) .. ولابد من بنية تحتية سليمة تنهض بمجتمعنا ، ولابد من نظام سليم يخلق لنا جيلاً نطمئن منه ، ولابد من توافق ايديولوجي متوازن يحترم كل واحد منهم توجهه وتوجه الآخر ، وهنا اتذكر مقولة كارل ماركس: (البنية التحتية تحدد معالم البنية الفوقية) ، ولعل الخوض والعمل على ايجاد ادوات عمل ملائمة تحول الانسان المنتفض الى انسان يطور فكرة نهوضه بالمحيط الذي يعيشه ، بمعنى هي بديل لحالات الرفض والانفعال والاعتراض والتراكم الكبير للأخطاء التي يجدها الانسان ويحتج عليها ، سواء كان ذلك في ساحات احتجاج العراق او ساحات الوطن العربي والعالم كله ..
كما ان التفكير بحال الفرد من قبل السلطة يجعل الحوار المتبادل أكثر توازناً ، ومرحلة ما بعد محنة كورونا هي مرحلة الخيط الرفيع بين الطرفين ، وما نتمناه من خلال تصوراتنا ، ان تكون هناك خطة جديدة لاعادة هيبة الانسان واعطاء حقه 
المستلب ..