ناجون من «كورونا».. رحلة طويلة لإعادة التأهيل النفسي والجسدي

بانوراما 2020/04/16
...

باريس/ أ ف ب
 

يصف الناجون من فيروس كورونا المستجد الذين كانوا على مشارف الموت، الإصابة بـ»تسونامي يجرف المرء جسديا ونفسيا» وبدؤوا عملية إعادة تأهيل لأسابيع طويلة في حين لا يزال البقاء في العناية الفائقة كما الوحدة في مواجهة الوباء عالقين في أذهانهم.
 

«عدنا من بعيد»
وتشجع أخصائية في العلاج الطبيعي بمعهد كليمنصو الجامعي لإعادة التأهيل في إلكيرش-غرافنشتادن (شرق فرنسا) جورج (77 عاما) قائلة: «احسنت. جيد جداً»، فيما يتكئ على قضبان متوازية متأرجحاً من الأمام إلى الوراء على لوحة موضوعة على اسطوانات.
ورغم ان عينيه تبرقان وراء نظارته لحسن أدائه، سرعان ما يشعر جورج الذي أمضى ثمانية أيام في العناية الفائقة، بالتعب.
ويروي جورج المقيم في ستراسبورغ «بعد ما عشناه نشعر بأننا عدنا من بعيد» لافتا الى «الرؤى المروعة» عندما وضع في غيبوبة إصطناعية لكنه يصر على التفاؤل والنظر إلى المستقبل.
ويضيف «كنت أظن أنه كان في إمكاني العودة إلى منزلي لكني أعترف بانه لم يكن في مقدوري السير 10 أمتار»، موضحا أن «التعب الذي اشعر به لم يسبق أن عشته إطلاقا».
وفي الغرفة نفسها التي كانت غرفة طعام حولت إلى قاعة تمارين بعد تفشي الوباء، يشغل مريض آخر دواسة دراجة إعادة التأهيل من كرسيه المتحرك.
وفي معهد كليمنصو الذي إفتتح وحدتين من 18 و20 سريريا مخصصتين لمرضى (كوفيد - 19)، ينشط الأخصائيون في العلاج الطبيعي وفي النطق والأطباء النفسيون لتحسين حالة مرضى تراجعت أوضاعهم كثيرا جراء الإصابة.
 
مشكلة مزدوجة
يعاني المرضى من ضمور كبير في العضلات ونقص في التغذية ما أفقدهم 10 إلى 15 % من وزنهم، وإضطرابات في البلع جراء إدخال أنابيب وصعوبات في التنفس. ويحتاج هؤلاء المرضى الذين ظلوا في العناية الفائقة ثم نقلوا إلى هذا المركز، إلى عملية إعادة تأهيل تستغرق ستة أسابيع على الأقل وغالبا ما تصل إلى ثلاثة أو ستة أشهر.
وتقول رئيسة الأطباء ماري-إيف ايسنر «يعانون من مشكلة مزدوجة : أصيبوا بوباء (كوفيد - 19) مع ضمور في العضلات والأعصاب ويعانون أيضا من الآثار الناجمة عن توقف النشاط».
وتضيف «نخسر 10 % من كتلة العضلات خلال أسبوع من عدم النشاط».
وقام الأطباء بعمل جبار من البحث التوثيقي لكشف أفضل طريقة لإعادة التأهيل بعد الإصابة بفيروس لا يزال غامضا استلزم الإستعانة بخبرات من معاهد الممرضات وأخصائيين في العلاج الطبيعي.
ويعجز عدد من المرضى الذين يأتون إلى المركز حتى عن الجلوس او القيام بأي خطوة من خطوات الحياة اليومية. ويشرح المسؤول عن القسم التقني جوليان برزيبيلا «نبدأ بوضعية الجلوس ثم النهوض فالسير والتدريب على الإجهاد».
ويقول عبد السلام (58 عاما) الذي يعاني أصلا من الربو وأصيب بفيروس كورونا المستجد «لا أتمنى لأحد أن يصاب بما أصابني لأنه أمر في غاية الصعوبة. إنه وباء قذر جدا».
وتعلق ماري فلتن منسقة العلاجات «أن إعادة التأهيل تساهم أيضا في التفكير بمشروع حياة».
وترى أن من الاهمية بمكان أن يتمكن هؤلاء المرضى الذين أثر العزل عليهم كثيرا من الناحية النفسية، من توطيد علاقات مع طاقم التمريض بما أن الزيارات
 ممنوعة.
الكثير من الكوابيس
وإضافة إلى الصعوبات الجسدية، «لدى المرضى الكثير من الكوابيس» جراء ما مروا به في العناية الفائقة» على قول الممرضة فانيسا بيغ. وتضيف «نمضي كثيرا من الوقت معهم لأنهم بحاجة إلى التواصل مع أحد».
وترى أيسنر أنه «ربما سنسجل آثارا عصبية ومعرفية لأن هذا الفيروس يضر لا محالة بالنظام العصبي» حتى وإن كان من المبكر تأكيد ذلك حاليا. ويبدو أنَّ جهود المعهد لمساعدة مرضى (كوفيد - 19) على إعادة التأهيل ستكون طويلة. ويتوقع أطباء المعهد أن يصل في نهاية الأسبوع المقبل مرضى ظلوا في العناية المركزة ثلاثة أسابيع ستكون عملية مساعدتهم أكثر صعوبة.
 
«إذاعة كورونا الدولية»
وفي الجزائر أنشئت «إذاعة كورونا الدولية»، آخر مولود إعلامي على الأنترنت موجه للجزائريين، بخط ملتزم وتعليقات غير نمطية، تقدم للمستمعين لحظة حرية لمحاربة كآبة الحجر والحفاظ على شعلة الحركة الاحتجاجية. 
ويقدم مذيع معروف ومساعدون غير تقليديين مع ضيوف، الأخبار المتعلقة بالجزائر مرتين في الأسبوع مباشرة على موقع فيسبوك. 
وكما الإذاعات غير القانونية يتضمن كل برنامج خلال ساعة من البث مزيجا من الفكاهة والجد بالتفاعل مع المستمعين، مصحوبًا بباقة من الأغاني.  وقال مؤسسها عبد الله بن عدودة إن طريقة عمل الإذاعة «ديموقراطي للغاية». وأوضح المذيع الذي يحب خاصة الحوار مع المستمعين، الذين يصدرون «أحكامهم فورا» عبر التعليقات المنشورة مباشرة على فيسبوك.
وكل يومي ثلاثاء وجمعة بين الساعة العاشرة والنصف مساءً (21:30 ت غ) أو الحادية عشرة مساءً، يبدأ عبد الله بن عدودة العاطل مؤقتا عن العمل، البرنامج على موجات الأثير من منزله حيث يخضع للحجر الصحي في بروفيدنس (شرق الولايات المتحدة). 
وعلى طاولة غرفة الطعام، جهّز وسائل عمله، هاتف محمول وجهاز كمبيوتر يعمل كغرفة إرسال صغيرة، لقضاء أمسية مع فريقه وكأنه مع عائلة.  وقال الصحافي البالغ من العمر 49 عامًا، وهو أصلا طبيب بيطري عمل لاحقًا في النشر، إن «هذا البرنامج موجه بحالنا العميق: الحرية».