حيلة شرعيّة

آراء 2020/04/21
...

د. كريم شغيدل
 
نستطيع القول إنَّ نتائج الحجر الصحي وإجراءات حظر التجوال جيدة حتى الآن، على الرغم من بعض الخروقات، وهي الخطة الأكثر نجاعة وجاهزية في خضم الوضع السياسي غير المستقر، فهي خطة طوارئ جاهزة لا تكلف شيئاً، لكنها غير متكاملة لأسباب عديدة، لعل السبب الأول هو عدم جاهزية الحكومة، فمؤسسات الدولة شبه معطلة بين حكومة مستقيلة وأخرى في طور التشكيل، وكان على مجلس النواب أو رئيس الجمهورية أو حكومة تصريف الأعمال اتخاذ إجراءات عملية سريعة بخصوص ذوي الدخل المحدود، فمبلغ الثلاثين ألف دينار الذي لم يوزع حتى هذه الساعة ليس كافياً، لا سيما أنَّ المواد الاستهلاكية شهدت ارتفاعاً في الأسعار في عزِّ الأزمة، وطريقة استحصاله عن طريق الإنترنت لم تكن عملية فهناك أسر تحت خط الفقر لا تمتلك أبسط وسائل الاتصال، سواء في المدن أم في القرى والأرياف، الأمر الآخر هو ما تعانيه أطراف المدن من خروقات للحظر، إذ لم تكن الإجراءات بالمستوى المطلوب.
     منطقياً يجب أن يستمر الحظر لما له من أثر بالغ في السيطرة على جائحة كورونا، بشرط أن تتوفر خطة لتغطية معاش بعض الطبقات المسحوقة بصرف منح طوارئ تستحق العناء وتسد الضرورات، وبالإمكان تشغيل المصانع العراقية سواء الحكومية أم الأهلية مع المحافظة على إجراءات السلامة الصحية، وقد أثبتت ظروف الحظر مع توقف استيراد المواد الاستهلاكية أن بإمكان العراق أن يحقق الاكتفاء الذاتي في السلع الزراعية والمنتوجات الغذائية، وبالإمكان انتهاز الفرصة للتطوير والعمل الجاد للحد من استنزاف ميزانية البلد ومدخراتها من العملة بمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الآن مع الانخفاض الشديد في استخدام الطاقة بإمكاننا أن ننتهز الفرصة أيضاً لإيجاد برنامج ترشيدي للاستهلاك، وبالإمكان التوصل إلى طرق عديدة باستغلال حالة الكساد للتعاقد مع شركات عالمية لإيجاد حلول سريعة لأزمة الكهرباء، وليكن في علم الجهات المختصة بأن القطع يتم عادة قبل نهاية الشهر بأيام بغية حث المواطنين على دفع أجور المولدات الأهلية ثم تعود الكهرباء الوطنية لاستقرارها، وأن أصحاب المولدات يحتالون فيسرقوا في حالة القطع من المناطق المجاورة، بمعنى آخر لا توجد أزمة، والطاقة المستهلكة هي نفسها قائمة سواء وصلت للمواطن عن طريق الوطنية مباشرة أم عن طريق ما يسرقه أصحاب المولدات، فهل من منقذ؟!
       هناك أعمال تقوم بها بعض المؤسسات الخدمية، أمانة بغداد أو البلديات أو المحافظات أو غيرها، كإدامة الطرق والجسور، وكنا ننتظر أن تستغل فرصة الحظر للقيام ببعض الأشغال، بدلاً من الاختناقات المرورية التي تسببها بعض الأعمال في الظروف الاعتيادية، بالضرورة نحن مع استمرار الحظر حفاظاً على الأمن الصحي للمواطن، وإذا كانت هناك نية في رفعه جزئياً فليتم تقنينها إلى أقصى حد، وألا يكون الرفع الجزئي حيلة شرعية لعودة التجمعات والازدحامات والعشوائية واللامبالاة، فلنتحمّل حتى زوال الخطر.