دراسة: العاملون غير الجامعيين هم الأكثر تضرراً

بانوراما 2020/04/23
...


كاليينا ماكورتوف ترجمة: ليندا أدور
 
يعد العاملون ممن
لا يملكون شهادة جامعيَّة، هم الفئة الأكثر تضرراً من أزمة كوفيد - 19، الأمر الذي يزيد من مخاوف عدم المساواة في المملكة المتحدة وأوروبا، عموماً، حيث تواجه 59 مليون وظيفة خطر تسريح العمال من غير الجامعيين.
يتعرض ما يقارب 80 بالمئة من العاملين غير الخريجين لخطر مواجهة انعدام الأمن الوظيفي، بضمنها تخفيض ساعات أو أجور العمل أو منح الإجازات المؤقتة او التسريح الدائم للعاملين، وفقاً لبحث جديد أجرته مؤسسة ماكنزي للاستشارات. 

أوضح البحث أنَّ الأشخاص الأكثر عرضة لخطر فقدان العمل هم موظفو البيع بالتجزئة والطهاة والممثلون، الى جانب عمال البناء وعمال الدعم المكتبي، والذين يتعرض مصدر عيشهم للخطر بمقدار الضعف خلال فترة تفشي الوباء كون طبيعة عملهم تتطلب وجودهم بالقرب من أشخاص آخرين، فضلاً عن تعرضهم وبشكل كبير للتواجد مع العامة.
 
برامج تحفيز هائلة
أما الوظائف التي تقل فيها نسبة انعدام الأمن الوظيفي والذين لا يتطلب عملهم التواجد قرب آخرين فتشمل المحاسبين والمهندسين المعماريين والعاملين في قطاع الخدمات الصحية الأساسية او غيرها من الخدمات الأساسية كقطاع الشرطة وانتاج المواد الغذائية والتعليم والنقل العام. 
يشير البحث الى مخاوف من أن تفشي فيروس كورونا يمكن أن يؤدي الى توسيع الفجوة بين طبقة الاغنياء والفقراء بعموم أنحاء الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بالقول: “ترتبط خطورة العمل ضمن وظائف قصيرة الأمد بمستوى التعليم ارتباطا وثيقا، والذي يحتمل ان يؤدي الى تفاقم قضية عدم المساواة الاجتماعية القائمة 
حاليا”.
وقد جاء التحذير الذي احتواه التقرير، في الوقت الذي بدأ فيه نظام الاحتفاظ بالوظيفة في بريطانيا خلال وباء كورونا، بقبول طلبات للحصول على الدعم الحكومي من شركات سبق وأن قامت بالتسريح المؤقت لموظفيها. في ذات الوقت، فإن العديد من البلدان، من بينها المملكة المتحدة، عمدت لاتباع برامج تحفيز هائلة للمساعدة في تخفيف تأثير الضربة الاقتصادية جراء الإغلاق العام. حذر تقرير ماكنزي من أنَّ أوروبا قد لا تزال معرضة لمواجهة حدوث اضرابات اجتماعية نتيجة لارتفاع معدلات البطالة، “تتزايد نسبة عدم المساواة الاجتماعية مع تزايد نسب البطالة، وفي الوقت الذي تفشل فيه نظم الرعاية الاجتماعية للتخفيف من الآثار السلبية لفقدان الوظائف، مع احتمالية ما يرافق ذلك من ارتفاع بمعدلات الجريمة والاضطرابات الاجتماعية كعواقب محتملة”، مضيفاً “علاوة على ذلك، يكون العاطلون عن العمل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية بمقدار مرتين ما يجعلهم مضطرين، في كثير من الأحيان، لتلقي العلاج بسببها”. ففي المملكة المتحدة وحدها، قد ينتهي المطاف بنحو 11 مليون شخص الى التسريح من العمل او البطالة خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
 
نظام الاحتفاظ بالوظيفة
وفقاً لبحث مستقل أجرته مؤسسة القرار، والذي أظهر ان العمال الأقل أجراً هم أيضا من ضمن الفئات الأكثر تضرراً، اذتشير الى أن نظام الاحتفاظ بالوظيفة أثناء انتشار وباء كورونا، والذي ستدفع الحكومة بموجبه نحو 80 بالمئة من أجر العامل، اي ما قد يصل الى نحو 2500 جنيه استرليني شهريا، سيسهم، الى حد الآن، بحماية المملكة من صدمة اقتصادية أكثر سوءا. 
يقول دانييل توملينسون، الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة القرار، بأن: “هذا النظام هو ما يقف حائلاً بين بريطانيا، التي ستعاني من ارتفاع حاد بمعدلات البطالة على مدى الأشهر المقبلة، وبين مستويات من البطالة الكارثية الطويلة الأمد خلال فترة الركود العظيم”، مضيفا “لقد أثبت النظام فاعليته، بشكل خاص، ضمن القطاعات الكبيرة ذات الأجر المنخفض كالضيافة والتجزئة، حيث فقد نصف العاملين فيهما وظائفهم”. يتوقع أنْ يتم تسريح نحو 46 بالمئة من العاملين بمجالي الضيافة والتجزئة في المملكة، بالمقارنة بنحو 4 بالمئة فقط من العاملين بقطاعات تتميز بالأجر الأعلى والتأمين والتمويل.
يذكر أنَّ بحث مؤسسة ماكنزي، أشار الى أن العاملين من فئة الشباب من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما هم معرضون، كذلك، بمقدار الضعف، لمواجهة عدم الاستقرار الوظيفي خلال تفشي الوباء مقارنة بنظرائهم ممن هم أكبر سنا, بالرغم من أنَّ سيباستيان شتيرن، كبير المشاركين بمؤسسة ماكنزي يرى بأنَّ التأثير الطويل الأمد لذلك على العاملين الشباب سيعتمد بالدرجة الأساس على سرعة الحكومات للبدء بإجراءات الخروج من مرحلة الاغلاق العام.
يقول شتيرن: “إنْ غادرنا مرحلة الإغلاق حالما وجدنا تبريرا لها، وقمنا بالاستثمار في القطاعات الصحيحة، فلن أقول انَّ هذا جيلا ضائعاً”، مضيفاً “لكننا بحاجة للحصول على الاستجابة الصحيحة”. يشير شتيرن الى أنَّ الوباء سيرغم بعض الصناعات للاتجاه نحو تصنيع منتجات جديدة او تقديم أنظمة عمل جديدة التي كانت ربما سيستغرق منها سنوات عدة لتبنيها. كمثال على ذلك، هو قطاع صناعة السيارات الالماني، الذي كان يخطط للتحول نحو انتاج السيارات الكهربائية بالفعل بقوله: “في حال اتخذت الحكومات قراراً برغبتها في الاستثمار في هذا القطاع من خلال الدفع باتجاه السيارات الكهربائية، فإن ذلك سيسرع من التغيير الهيكلي في تلك الصناعة”. في ذات الوقت، إنَّ الطلب المتزايد من قبل الزبائن سيجبر تجار التجزئة على بيع المزيد من الأغذية والملابس والسلع الكمالية عبر الانترنت، وسيشجع عمال الياقات البيضاء على العمل عن بعد.
 
*صحيفة الغارديان البريطانية