كيفيَّة معالجة الخلل في إعلام مؤسسات الدولة

آراء 2020/04/23
...

عدنان فرج الساعدي
 
تعرضت الدولة ما بعد العام 2003 إلى هزات عنيفة طيلة الفترة الماضية ولكنها استطاعت بشكل أو بآخر الصمود والخروج من عنق الزجاجة أو تم إخراجها بمساعدة جهات أخرى. تمثلت هذه الهزات في وجود 175 ألف جندي أميركي وقوات من التحالف الدولي أسهمت بإسقاط نظام البعث في نيسان 2003 وما سبب باحتقانات وحرب داخلية وتعطيل لعمل مؤسسات الدولة. كما تمثل في هزات أخرى كثيرة لا مجال. الغرض من وضع هذه المقدمة سبب رئيس نتصور أنَّه كان عاملاً في هذه الهزات وهو فقدان منهجية إعلام الدولة. دولة ما بعد عام 2003 حيث افتقدت الى مقومات الإعلام الحكومي الناجح الذي يضع الصورة كاملة للمواطن العراقي، إذ إنَّ الإعلام يمثل ركيزة كبرى من ركائز الدولة وله الدور الكبير في صناعة أدوات تشكيل الرأي العام للصالح العام. قد لا يتوقع الجمهور العدد الهائل من المنتسبين الذين يعملون في دوائر العلاقات والاعلام والمكاتب الاعلامية في مقر الوزارة او المؤسسة أو أقسام الاعلام في الشركات والتشكيلات التابعة لهذه الوزارات والمؤسسات الاخرى. ومع هذه الكم الهائل لا نجد هناك عملاً يعطي صورة عن عمل هذه الوزارات والأسباب هو فقدان كامل للمهنية وأساليب العمل الحديث المعمول بها اليوم في مختلف دول العالم. ففي وزارتنا تجد مديريات عامة للإعلام تضم المئات من الملاكات غير المدربة وغير المؤهلة للعمل وهي تعمل بالتوجيه من دون أي حركة إبداعيَّة، إذ يعتقد هؤلاء أنَّ مثل هذه التحركات يمكن أنْ تنعكس وبالاً عليهم، لذلك يرفضون تقديم رؤى أو أفكار تطويرية، بينما يرفض أغلب المسؤولين (وكلاء - مدراء - رؤساء أقسام) الظهور في وسائل الإعلام أو حتى التصريح لها ولأسباب مختلفة أكثرها تتعلق بعدم الصلاحية أو الخوف من التبعات. ويمكننا أنْ نرجع لأيام لسنوات الموازنات الانفجارية حيث عملت معظم مكاتب الوزارات ومديرياتها على إصدار صحف ورقية ومجلات وصور كانت في أشد حالات البؤس، ومع أنَّ الصرف عليها كان كبيراً جداً ويقدر بأكثر من 30 مليون دينار شهرياً عدا أجور الملاكات العاملة، إلا أنها لم تنتج شيئاً يذكر وظلت تكرر نشاطات الوزير حسب. وأغفلت هذه الوزارات والمؤسسات العمل على إيصال الرسالة عبر البوسترات الضخمة في الشوارع وكذلك لم تتحرك وبشكل شبه مطلق بل الصحيح بشكل مطلق على إدارة الأعمال الكترونياً وعمل ممنهج للاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي حتى هذه اللحظة وحتى عندما أصبحت للوزراء صفحات في التواصل الاجتماعي كان كبيراً بصفحة الوزير من دون أي صفحة أخرى من صفحات الوزارة. والغريب هنا هو اذا انتقل الوزير لوزارة أخرى أو تقاعد انتقلت صفحته معه؟ مع العلم ان الصرف عليها وتمويلها كان من قبل أموال الوزارة وليس من أموال الوزير؟ بعض الوزارات والهيئات أنشأت صفحات في مواقع التواصل، بينما بقيت لا تفهم الكيفية في إدارتها وافتقدت أية خبرات لإدارتها وبقيت تعمل في بيروقراطيتها، لذلك لم ولن تصل هذه الصفحات لاي مديات مؤثرة للجمهور المستهدف نتيجة البيروقراطية التي يتمتع بها المسؤولون في دوائر الدولة.
شخصياً ومن خلال عملنا في تجمع "إعلاميون عراقيون بلا حدود" زرنا عدداً من الوزارات واطلعنا على أساليب العمل فكانت النتيجة أنها تقليدية محظة ولا تتناسب بشكل مطلق مع الثورة الاعلامية في الاتصالات والمعلومات والشبكات الالكترونية. هذا الأمر جعل الرسالة لا تصل للمواطن ولهذا نجده يفتقد لأبسط المعلومات عن العمل الحكومي والانجازات المتحققة، والاغرب ان معظم الصحفيين العاملين في الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى ليس لديهم أدنى معلومات عن مجمل المشاريع المنجزة ما بعد عام 2003 وليس بعيداً أنْ يكذبوك عندما تعرض عليهم الارقام التي حصلت عليها من الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط بسبب حجم الكذب والتسقيط الذي تعمل عليه جهات واجندات خبيثة.
ونتصور ان الاسباب في هذا المجال ترجع لعدة أمور ..منها عدم تعامل المكاتب الاعلامية مع الصحفيين بشكل شفاف وعدم قدرة هذه المكاتب الاعلامية للوزارات على تنظيم مؤتمرات لبيان المنجز واطلاع الصحفيين على الارقام والمعلومات عن مشاريعها وتوزيع الفولدرات التي تحوي المعلومات والارقام المهمة مع شبه انعدام في بث مثل هذه المعلومات في وسائل إعلام الدولة (فضائيات - إذاعات - صحف - مواقع الكترونية - مجلات).
وقد يكون السبب في وسائل الاعلام نفسها حيث عمل ويعمل قسم كبير منها على طمس معالم أي مشروع يفتتح أو بيان مهم لوزارة معينة ولاسباب كثيرة منها تتعلق بالتشهير أوحتى بالابتزاز.
هي دعوة مخلصة للقائمين على هذا الأمر المهم في مكتب رئيس الوزراء أن ينظموا اليات وبرامج واجتماعات محددة للعاملين في هذا القطاع بغية الاستفادة المثلى من الاعداد الكبيرة والطاقات الموجودة وزج طاقات شبابية كفوءة تحمل معها فنون العمل الصحفي وبما يخفف من الهجمة التي تشنها الاجندات المختلفة التي تريد سوءاً بهذه الدولة الفتية. وأن تعذر الأمر فأنصح الاستعانة بشركات إعلامية محلية او دولية لهذا الغرض.