{كورونا} يخلي المساجد من المصلين ويباعد بين الصائمين

بانوراما 2020/04/25
...

ترجمة: : ليندا أدور

يقول محمد فاعوري، الذي يعمل ضمن مخيم للاجئين في العاصمة الأردنية عمان، "الأمر صعب ومحزن، ولكوني أعزبا وأعيش لوحدي، فان شهر رمضان هو فرصتي لألتقي عائلتي ولفترات طويلة، تتعزز خلالها روابطنا الأسرية".
تسبب الفيروس بإفراغ أقدس الأماكن لدى المسلمين وفي أقدس أيام السنة، الا وهي الكعبة المشرفة، والمسجد الحرام في مكة المكرمة، بعد أن تم إغلاقهما أمام المصلين فضلا عن إغلاق المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس. يقول الشيخ عمر الكسوامي، امام المسجد الأقصى، حيث لم يعد يسمح سوى للحراس وموظفي المسجد بالصلاة فيه: "قلوبنا يعتصرها الألم في هذا الشهر الفضيل، انها لحظات حزينة تمر على التاريخ 
الاسلامي".
 
أكثر من مليار رهينة
وفي مسجد جاميا، واحد من أقدم وأكبر مساجد منطقة كشمير المتنازع عليها، شمال غرب الهند، حيث تشهد أماسي رمضان وتجمع الناس للصلاة ومناقشة أمور الدين والسياسة والحياة، لكن هذا الشهر، سيسوده الصمت لأول مرة في هذه الذاكرة الحية. تقول فاطمة، (74 عاما)، من سرينغار: "اعتدت خلال رمضان أن أصلي الفرائض الخمس داخل مسجد جاميا، وأقيم إفطاري هناك، لكن هذه السنة هي مسألة حياة أو موت، فالخطر موجود في كل مكان والأفضل هو ملازمة البيت، والبقاء هادئا".
أندونيسيا، بدورها عمدت الى منع إقامة (موديك) *(اي الذهاب الى منطقة الأصول أو العودة الى القرية ويعرف ببولانغ مامبونغ- المترجمة) وهو عرف سنوي يتم خلاله هجرة عشرات الملايين من الاندونيسيين الى مدنهم وقراهم الأصلية للاحتفال مع أسرهم بعيد الفطر *(ليباران هو الأسم الشعبي لعيد الفطر في 
أندونيسيا).
في الأراضي الفلسطينية، أُغلقت المساجد والكنائس والكنس اليهودية. من مدينة رام الله، يشعر عبدالله أبو جالوس، (38 عاما)، صاحب متجر لبيع المعدات، وكأنه قد تم إلغاء شهر رمضان: "لم أكن أتخيل، على الاطلاق، أن فيروسا صغيرا جدا يمكن ان يحرمنا الاحتفال بالشهر الكريم، فأكثر من مليار مسلم بعموم أنحاء العالم يبدون وكأنهم أُحتجزوا  كرهائن".
أما تركيا، فقد عمدت سلطاتها هناك الى التصدي لدعوات الاغلاق التام، مصرة على أن عجلة الاقتصاد يجب أن تستمر بالدوران. لكن شهر رمضان هناك سيشهد تمديدا لأيام الإغلاق التام تستمر أربعة أيام بعد أن كان الاغلاق ليومي السبت والأحد فقط، ما قد يحول دون تنقل العوائل للافطار والاحتفال معا دون تعرضها للغرامات أو ربما الاعتقال.
 
إفطار افتراضي
لكن الشعور بعدم القدرة على الإفطار أو الصلاة الجماعية هو الأشد والأبلغ أثرا، ما دفع المجلس الاسلامي في بريطانيا لتشجيع الناس على إقامة الإفطار الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد بادر أكثر من 1400 شخص للاشتراك ببث أذان الإفطار، فضلاً عن تنظيم مناقشات جماعية عبر برنامج زووم للمحادثات المرئية من خلال مشروع الخيمة الرمضانية. تقول رحمة أحمد، المتحدثة باسم المشروع: "مجرد كونك في الحجر الصحي، لا يعني أنك ملزم بقضاء شهر رمضان وحيدا". 
يقول المواطن السوري أبو ابراهيم (32 عاما) انه كان يضع صعوبات هذا العام في حسبانه على الدوام، فخلال العام 2011، أمضى الشهر الكريم وسط القصف بمدينة درعا جنوبي سوريا، بقوله: "كنا نضع طعام الأفطار على الطاولة ونحن نسمع أصوات القذائف، وكنا نخاف الموت، لكن فيروس كورونا لا يشعرني بالقلق، فأنا في بيتي، وسط عائلتي ونحن بأمان ولدينا الكهرباء والهواتف والطعام". 
أما إمام مسجد باب الريان في عمان، الشيخ فائق ذيابات، فيقول ان هناك حديثا نبويا يقول: "فإذا سمعتم به (يقصد به الوباء) بأرضٍ فلا تُقدموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"، مضيفا "وعلى نحو مشابه، اذا ما علمنا أن من يأكل البصل والثوم من المسلمين، ينصحون بعدم الذهاب الى المسجد لان رائحة النفس الكريهة قد تزعج المصلين هناك، ومن السهل لنا أن نستنتج بأنه لا يمكننا الذهاب للمسجد ان كان سيشكل تهديدا بانتشار الفيروس المعدي". 
يقول ذيابات بأنه كان يوصي المصلين بالتركيز على النواحي الايجابية، فقد كان شهر رمضان في السنوات السابقة مناسبة لإقامة مآدب الإفطار الفخمة وبذخ التسوق، قائلا: "لكن رمضان هذا العام، هو فرصة للناس لاعادة تبني التعاليم والروح الحقيقية للصيام وكل ما له علاقة بالتقشف وتقديم المساعدة والإحسان للأقربين والمحتاجين".
أما باكستان، فقد توصل علماؤها الى اتفاق مع الحكومة على رفع الحظر عن صلاة الجماعة خلال شهر رمضان شرط رفع السجاد عن المساجد والحفاظ على عدم حضور الأطفال وكبار السن الى الصلاة وأن يرتدي جيمع المصلين الكمامات والإبقاء على مسافة تفصل في ما بينهم تصل لستة أقدام.
*صحيفة الغارديان البريطانية