على الرغم أن فيروس كورونا التاجي قذف الرعب والخوف في قلوب المواطنين في العالم، وأجبر ثلثي الكرة الأرضية على الحجر المنزلي، وأداء العمل من المنزل و التحول إلى تلقي دروس عبر الإنترنت وزيارة الأحباء عن طريق الأجهزة الإلكترونية وليس شخصيًا، إلّا أنّ المرأة العربية تعترف أنّ لهذه الجائحة العالمية انعكاسات وتداعيات حميدة ألقت بظلالها عليها وعلى أفراد أسرتها.
وعن ذلك تحدثت المغتربة السوريّة لانا سليمان من منطقة كورنيش المزرعة وهي أم لأربعة أطفال: "بفضل الحجر المنزلي أصبحنا جميعا نجتمع حول المائدة ونستمتع بالحديث والنقاش عما يدور اليوم في العالم بعكس ماكان يحصل قبل حيث كان أولادي وكل واحد منهم يأكل بوقت مختلف ويدخل للبيت بوقت مختلف بحكم دراستهم أو
عملهم".
مبيّنة بأنّ "الحجر الصحي الأسري صار بمثابة فرصة لي ولأفراد أسرتي بمزاولة التمارين الرياضية واستثمار الوقت في القراءة". مؤكدة: "بصراحة رغم أن العزل بدأ يطول عما كنا متوقعين إلّا إنّني سعيدة به وبقرارات الدول حين تقرر تمديد ساعات الحظر لسلامة الجميع".
إلغاء الطلاق
هناك فرصة جيدة أسهم وباء كورونا في خلقها، إذ قد يصلح ما أفسدته الأيام بسبب ضغوطات الحياة الزوجيّة، فتعود العلاقة بين الشريكين إلى المرونة وتنتعش بالتفاهم والحب والاحترام، وهذا ما أكدته المغتربة العراقية ميرهان الجاف من ضاحية بيروت: " بعد أن طال بقاؤنا في لبنان لأكثر من سبع سنوات وملف اللجوء في مكتب الأمم المتحدة لم يُبتْ به إلى الآن، وفي ظل ظروف غلاء المعيشة قررت الرجوع إلى بلدي الأم إلّا أنّ زوجي يرفض باستمرار ما زاد من الجفاء والبرود في علاقتنا الزوجيّة وكبرت فجوة المشاكل بيننا".
وتتابع الجاف حديثها": قررت الطلاق وفعلا ذهبنا للمحكمة في بيروت ولكن بسبب جائحة كورونا تم تعليق عمل المحاكم والحياة كلها في لبنان؛ لذا ارغمنا هذا الوضع على الالتزام بالحظر الصحي وبقائنا في المنزل مما سمح لي بالجلوس مع نفسي وإعادة النظر بأفعالي وقراراتي، الأمر الذي ساعدني على اكتشاف أشياء قد غفلت عنها، ومن ثمّ قررت إلغاء قرار الطلاق وأنقذت زواجي وحياة أطفالي من التشتت، فشكرا لله الذي بعث للعالم وباء كورونا وجعلني لا أهدم بيتي وحياتي واستمع بهدوء لوجهة نظر زوجي بعيدا عن الصراخ ورفع صوتنا على بعضنا أمام
الاطفال.
تكاتف مجتمعي
فيما تقول المواطنة اللبنانية لينا نوفل من منطقة فردان: "بالتأكيد أزمة فيروس كورونا أعادت اللحمة إلى مجتمعاتنا العربية وبشكل خاصة اللبنانية، حيث أن المواطن اللبناني نادرا ما يبقى في المنزل ومعتاد على ارتياد النوادي، والملاهي والسهر وإقامة الحفلات والمشاركة في النشاطات الاجتماعية ولكن بفضل هذه الجائحة أصبحت هناك عودة لسقف الحياة الأسرية وهناك تكاتف مجتمعي لمساعدة الأسر الفقيرة".
وتضيف": شخصياً بسبب الجلوس الاجباري في المنزل أتقنت فن الحلوايات خاصة البقلاوة، وايضا تعلّمت الطبخ وعدة أكلات يحبها زوجها منها السوشي بعد أن كنت اعتمد بشكل كلي على الفتاة التي تعمل بالمنزل، بل وتفرّغت لابنتي وأصبحت اهتم بالكثير من التفاصيل التي تخص علاقتي بزوجي فأصبحت أكثر قوة وزادت المودة والرحمة والحب بيننا، فضلا عن قراءة الكتب الأدبية من روايات وقصص قصيرة التي كنت اشتريها ولم يكن لديّ وقت لقراءتها".
الدفء الأسري
ترى هيام كمال من منطقة "الجناح" طالبة في كلية الطب من أب لبناني وأم عراقية :"ان الحجر الصحي والبقاء في المنزل جعلني أشعر بالدفء الأسري، فأنا لا أرى والديّ وأخوتي كثيرا إلّا ليلا او بالمناسبات بحكم الدراسة في الجامعة، ومن ثم المكوث ساعات طويلة في غرفتي للدراسة.
وتضيف والدة هيام السيدة نوال محسن دريد والتي تعمل صاحبة محال لبيع الملابس وبدلات الزفاف :"ان هذه الازمة قرّبتني من زوجي وأولادي والأيام والاسابيع الطويلة التي امكثها في المنزل جعلتني أبتكر انشطة واحاديث تجمعني بأسرتي، بعدما كنت لا أجد الوقت للحديث مع أحد بعد ساعات النهار الطويلة في العمل من جانب وتعلق افراد الأسرة بين العمل او الدراسة او بأجهزتهم الالكترونية".
وتابعت قائلة: لقد استعدت الارتباط الوثيق بين أفراد أسرتي وركزت على أولادي بأداء الصلاة والمواظبة على قراءة القرآن بشكل يومي وليس فقط في شهر رمضان ولا أخفيكِ سرا ان الحجر الصحي وفّر على ميزانية المنزل الكثير من المال بعد أن كنا نهدره في مصاريف خارج المنزل لا قيمة لها، لقد تعلّمنا جميعا من دروس وعبر قيّمة بفضل فيروس كورونا".
لم الشمل
يشير المواطن اللبناني محمد علاء موظف بإحدى الوزارات الحكومية من منطقة الروشة وهو أب لثلاثة أولاد بعمر المراهقة: "أعترف ان مشاغل الحياة والخروج مع أصدقائي الى الكافيهات والمقاهي والسينما ومن ثمّ العودة إلى بيتي وانشغالي بعالم الفيس بوك أسهم بشكل كبير بازدياد المشاكل بيني وبين زوجتي بل اني كنت فعلا على حد وصفها أب لا يتحمّل المسؤولية ولا اهتم بما يحصل لأولادي وما يمرون به من هموم سوى تفكيري بتوفير المال مما كادت أسرتي ان تتعرّض للتفكك الأسري".
وأضاف:"أزمة كورونا نجحت في لم الشمل وتجديد أواصر الألفة والمحبة بيني وبين أفراد أسرتي وهذا ما حصل معي وأدركت أن إغلاق المولات والمسارح والنوادي والمطاعم نعمة كبيرة جعلتني أنقذ زواجي وحياتي وحياة
اولادي".