قناة اسطنبول الجديدة بين بحري مرمرة والأسود

بانوراما 2020/04/26
...

ترجمة: خالد قاسم
 
يمرُ الطريقُ المقترحُ عبرَ مصدرٍ لمياه الشرب ونقطة توقف مهمة للطيور المهاجرة. تقع غرب اسطنبول مناظر طبيعية متنوعة من الغابات والحقول والأهوار والمستوطنات القديمة بين البحر الأسود وبحر مرمرة. واذا تتبعنا خطا منحنيا من الشمال الى الجنوب سيمر عبر بحيرة تيركوس وخزان سازليدير المائي وبحيرة «كوجكجكمجة» وهي مصدر مائي مهم للطيور المهاجرة ناهيك عن سكان المدينة.
هذا الخط عموما هو مسار “قناة اسطنبول”، خطة عملاقة للبنى التحتية بكلفة أكثر من 12 مليار دولار، وصفها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ب”المشروع المجنون” عندما ذكره للمرة الأولى عام 2011.
أقرت وزارة البيئة مشروع القناة مطلع العام الحالي، إذ ستمتد 45 كيلومترا لتربط البحرين الأسود ومرمرة، وتكون موازية لمضيق البوسفور الذي يخترق وسط المدينة. وتقول الحكومة التركية ان القناة ضرورية لتقليل حركة المرور المائية عبر المدينة.
يحذر المنتقدون، ومنهم عمدة المدينة، من تكلفة بيئية كبيرة تشمل التدمير البيئي المحتمل لبحر مرمرة، وهناك توازن بيئي دقيق بين البحرين المذكورين. ويقول سيفاهير أكتشيليك سكرتير المدينة لاتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك: “ملوحة البحر الأسود أقل من بحر مرمرة، والمحتوى العضوي للبحر الأسود أعلى بكثير من بحر مرمرة.” ونظرا لأن البحر الأسود أعلى من بحر مرمرة بـ 50 سنتمتراً، هناك تغير في المستوى والملوحة سيحدث اذا ارتبط البحران بالقناة الجديدة. ولن يقتصر الأمر على ذلك فإن تدفق الكائنات الخلوية الى مرمرة سيستهلك المزيد من الأوكسجين. وتسبب خسارة الأوكسجين بدورها رؤية البكتيريا وكائنات أخرى وهي تخلق غاز الكبريت، وقد تنتشر رائحته عبر اسطنبول مثل البيض الفاسد. وتوجد مخاوف من ازالته الحياة في مرمرة بالكامل.
خسائر بيئية
يهدد أحد أجزاء القناة بشكل مباشر تزويد المدينة بالماء، اذ توفر بحيرة تيركوس وخزان سازليدير ماء الشرب لإسطنبول، وتستمد المدينة الماء من البحيرة منذ العصر الروماني وكانت تعد دائما رمزا لمصدر الماء الرئيس.
واذا فقدت هذه الخزانات فلا يوجد بديل لها على الجانب الأوروبي من المدينة، وبدلا من ذلك سيكون على الحكومة ضخ الماء من نهر ساكاريا بعمق الجانب الآسيوي. ويؤدي ذلك لزيادة التكاليف كثيرا وله مخاطر صحية لأن النهر يمر بالعاصمة التركية أنقرة ومناطق صناعية ملوثة للوصول الى البحر
 الأسود.
تدمر القناة المقترحة بحيرة كوجكجكمجة أيضا وقد نرى بالمقابل زوال مئات الكائنات المختلفة، كما يحذر علماء. وتعد البحيرة نقطة توقف مهمة للطيور المهاجرة وخصوصا طائر “سيتي” والفلامنغو والصقر الامبراطوري الشرقي ومالك الحزين الرمادي، وتضع كلها بيوضها بالبحيرة.
أنهت الحكومة التركية تقييم التأثير البيئي لقناة اسطنبول، وأعلنت أنها لا تتوقع أية مشكلات تخص المشروع. وفتحت وزارة البيئة والتحضر المشروع أمام الاستشارة العامة، ووقع أكثر من 700 ألف شخص عريضة ضد المشروع.
عمدة المدينة إكرم إمام أوغلو، وهو من حزب المعارضة الرئيس “حزب الشعب الجمهوري”، على خلاف بسبب المشروع مع حزب العدالة والتنمية الحاكم. وبدأ العمدة حملة شعبية ضد القناة، وبدأت البلدية اجراءات قانونية لايقاف البناء.
من جهته قال اردوغان ان لا بديل عن مشروع القناة لتقليص المرور بالبوسفور، وذكر أن حكومته أجرت جميع المسوحات البيئية والفنية المناسبة. ويعد مضيق البوسفور طريقا دوليا مهما للملاحة، وتمر به نحو 48 ألف سفينة سنويا منها ناقلات نفط وسفن حربية. وتدعي الحكومة وجود مخاطر بسبب السفن الحاملة لمواد خطيرة.
لكن بناء أنابيب نفط وغاز طبيعي جديدة بين الدول قلل الاعتماد على السفن والناقلات لنقل الموارد الطبيعية. وتراجع عدد الحوادث أيضا وفقا لمسؤولين بلديين أشاروا الى تحسينات بالنقل البحري وتقنية قطاع السفن، ويعتقد أكتشيليك أن الهدف الحقيقي طويل المدى للقناة هو انشاء مشروع بنية تحتية عملاق في شمال المدينة لتحفيز التنمية بدلا من تخفيف حركة النقل البحري.
تيسا فوكس
صحيفة الغارديان البريطانية