موسم العودة الى الذات

اسرة ومجتمع 2020/04/28
...

الصوم ليس عادة من العادات، أو أمراً رأيت الناس عاكفين عليه فتابعتهم فيه، بل إنه عبادة جليلة رُتب عليها أعظم الثواب، وأدّخر الله لصاحبه أجره حين يلقاه في ساعة يعرف عندها مقدار الحسنات، فلا عجب من أن يفرح المؤمن ببلوغه، ولا نستغرب فيه اجتهاد المجتهدين، فقد علم هؤلاء قدر هذه المناسبة، وأدركوا قيمة تلك الليالي والساعات. ولمّا كان شهر رمضان عزيزا فلا بدّ من توضيح سبب هذا الاحتفاء والاعتزاز من خلال بعض البرامج العبادية التي منها؛ تلاوة القرآن، ففيه الشفاء وطريق كسب رحمة المولى عز وجل، فهل تعلم أن الجزء الواحد من القرآن يضم نحو سبعة آلاف حرف والحرف بعشر حسنات، أي أننا نكسب بتلاوة جزء من القرآن سبعين ألف حسنة والله يضاعف لمن يشاء، نقرؤه في أقل من ساعة. ومع ذلك، فقلوبنا تحتاج للوقوف مع الآيات، فأثناء التلاوة للتدبّر والتفكّر بخطاب الله، وعند ورود صفاته عز وجل وعند ذكر الجنة والنار وعند كل آية، ففي هذا النجاة. 
أما جلوسنا بعد صلاة الفجر لأداء صلاة ركعتين تطوعا ففيه خيرات، وصالحات باقيات، فكم فيه من اتباع لهدي المصطفى (ص) وذكر الله، وكم فيه من اغتنام لهذا الوقت النفيس خاصة مع بزوغ ضوء الصباح فيما تسجل الملائكة حسنات المسبحين في تلك الساعة. وما أحسن ما نفعل بأن نبكر للصلاة.. كل الصلوات.. وقد جاءت السنة النبوية المطهّرة في الترغيب فيها حتى جعلها النبي (ص) مما يتنافس عليه المتنافسون. وكذلك بعد الافطار والتفرّغ للعبادة في الليل فكم تسعد محاريب المسلمين بسماع آيات الله وكم يفرح المؤمنون وقد وقف الناس للعبادة. فمن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ماتقدم من ذنبه، وتتحرك القلوب مع كل آية تتلى وركعة تكتب، لتكون هذه الصلاة سبيلا للقدوم على الله.. وعجلت إليك رب لترضى.  وهناك ساعة لا ينبغي التفريط فيها وهي ما قبل الإفطار فهي ساعة مباركة بشّر بها النبي (ص) بأنها ساعة إجابة، وأن لله عند كلّ فطر عتقاء من النار. وكذلك هناك ساعة السحر ففيها يستعرض الله تعالى حاجات عباده، فيغفر لهم ويقضي حاجاتهم ويفرج همومهم، فكيف لا نحرص على تلك الساعات وفيها هذا الخير وذاك العطاء.
واذا تمكن الانسان من تجديد العهد مع رحمه وقرابته بصلتهم وزيارتهم والإحسان إليهم بجميع أنواع الإحسان، فيكون الفضل فيه لشهر رمضان ليذكره بهم، فيحضر هذا الموسم ليتعاهدهم بجميع أنواع الإحسان.
كما أن هذا الشهر الفضيل فرصة للدعوة، فالنفوس فيه مقبلة والأفئدة إلى ربها متوجهة، فلم يبق إلّا همة تبليغ الناس بالتوجه لله تعالى لكي تحيا هذه الأيام بالمنفعة عبر كلمة من مستمع لنشر الخير، فمن دل على هدى فله أجر من تبعه. وينبغي في هذا الشهر تطهيرت القلوب وهجرة الخصومات لأن رمضان فرصة لإصلاح ما بين المتخاصمين ولو برسالة أو بزيارة فمن اليقين المطلق أن هذه المبادرات لها أثر على القلب فهو سبب راحته والعيش الحياة الطيبة.