رمضان والتكافل في كربلاء

اسرة ومجتمع 2020/04/29
...

حافظت العديد من التقاليد الموروثة في مدينة كربلاء على أصالتها رغم ما تعاقب عليها من سنوات، بل وتأخذ هذه التقاليد هالة أكبر في شهر رمضان الذي ارتقى بهذه العادات وسما بها إلى حد الطقوس ذات القدسية، والروحانيات التي لا يكتمل الشهر بدونها.
عادات توزيع الطعام على الجيران لا تزال موجودة حتى اليوم رغم كل شيء، ورغم ما قد ترتبه هذه العادات من ضغوط مادية تضاف إلى كاهل الكثير من الأسر والتي جاءت مصاريف الموسم لتثقلها أصلاً، لكن ليس ثمة من ينكر فضل صلة الرحم في هذا الشهر الفضيل أو ما يطلق عليه الأهالي بالتزاور العائلي والإحسان للجار وتفقده بطبق من طعامه لعلمه ما لصلة الرحم والجار من مكانة في هذا الشهر الفضيل.
وعلاوةً على كونه شعيرة دينية واجبة وموروثا اجتماعيا موجودا عند أهالي كربلاء تكتسي صلة الأرحام في رمضان طابعاً ذا قدسية أكثر ويرى الحاج ابو يحيى من أهالي العباسية أن هذه الفضيلة تغدو في رمضان طقساً بطعم الألفة والمودة لا يكتمل الشهر بدونه. وتتنوع أشكال صلة الرحم حسب قول الحاج من منزل لآخر حسب الحالة المادية فهنالك من يكتفي بدعوة الاقارب لمأدبة إفطار مرة أو مرتين خلال الشهر المبارك، والوجبة بطبيعة الحال صحن الرز بالباقلاء بقطع من لحم الدجاج أو لحم الغنم مع صحن حساء اللحم المقدم، فضلا عن اللبن الزبادي وصحن الشوربة التي لا تفارق مختلف موائد الافطار.
ويضيف الحاج: إن موائد الافطار الجماعي تسمو لدرجة الواجب الذي لا يمكن إنكاره أو تجاوزه وهو تعبير عن ما لصلة الرحم من مكانة في النفوس خصوصاً أنها في شهر رمضان قد تكون عاملاً في تخفيف وحل كثير من الأزمات العائلية التي ربما تنشاً مع الوقت بين الأخ وأخواته أو الأب وأبنائه وبناته، لافتاً إلى أن هذا الواجب قد يكون مكلفاً بعض الشيء وخصوصاً الكثير من الأسر التي تعيش ضائقة مادية ولكن ورغم ذلك الكل معني سواء أكان موسرا  أم ضعيف الحال، ودائماً هناك عبارة تسبق الكلام وتقطع الطريق على الخجل بين الحضور وهي: "الجود من الموجود".
وتعد وليمة الافطار للجيران من العادات ذات البعد الاجتماعي التي لا تزال محافظة على أصالتها كدليل على التكافل الاجتماعي واالترابط مع الجار، لا سيما عندما تختتم بخاصية عقد مجلس لذكر الامام الحسين (ع) . كما تتكفل النساء بمهمة الاعداد لمجالس مشابهة. وهنا تشير السيدة ام محمد الحلو الى أن هذا الموروث الحسن مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل حيث يتبادل الجيران بعضاً من أفضل ما يعدونه من أطباق على موائدهم ويتولى الصغار مهمة نقل الأطباق قبيل موعد الإفطار، وعادة ما يكون للمجالس الدينية حضور وتتخلله اطباق الحلويات المختلفة.