عالية طالب
" المربد" من المهرجانات الرسمية التي تقع ضمن برنامج عمل وزارة الثقافة ، ومنذ تأسيسه في السبعينيات الى عام التغيير السياسي كان المهرجان يحظى برعاية مادية ولوجستية ضخمة ويتم الاعداد لها ضمن مؤسسات ووزارات ومحافظات متعددة وبمشاركة اتحاد الادباء والكتاب في العراق ولم يكن يمثل مسؤولية مباشرة للاتحاد بقدر ما هو شريك ضمن لجان يتم تشكيلها في وزارة الثقافة لتتولى انجاح اعماله.. هذا ما كان معمول به سابقا ، وهذا ما شهد تغيرا في مجريات اعداده بعد 2003 اذ تولى اتحاد ادباء البصرة اقامته بظروف اعداد بسيطة وفقا لمعطيات السنوات الاولى المرتبكة التي شهدها العراق بعد التغيير ثم توالت السنوات ليستقر المهرجان برعاية من وزارة الثقافة وجهات ساندة اخرى مثل محافظة البصرة ووزارة النقل والنفط ، وبقي المهرجان متأرجحا بين هذه الجهات اعتمادا على حجم الدعم المقدم له من قبل وزارة ثقافة يقع المهرجان ضمن انشطتها.
تغير واقع المربد وشهد تصاعدا في مجريات عمله ومشاركة عربية ودولية وحضورا محليا مميزا بالعدد والنوع واستمرت جلساته تستقطب رغبات الجميع بالمشاركة فيه اعتمادا على شهرته والمشاركات المميزة لاسماء ابداعية مهمة.
ما بين رحلات البصرة والموصل وبغداد والنجف كان المربد يدور بلغة الابداع في كل بقعة يتواجد فيها ، اعتمادا على اتساع زمن انعقاده الذي كان يستمر لاسبوعين ثم قلص لاحقا وسنة بعد اخرى ليستقر على بضعة ايام تترك بصمة سنوية مهمة في البصرة وكل العراق وتبقى مدار حديث الادباء والمجتمع الثقافي لأشهر عديدة.
ما يهيئ " للمربد" النجاح ينحصر بالأيمان بأهمية هذا المهرجان دونا عن المهرجانات الاخرى لكونه يمثل كل العراق ولا يحمل اسما شخصيا محددا مثل مهرجانات " الجواهري، ابو تمام، الحبوبي ، وغيرها" وخصوصيته تلك تفرض اهتماما من قبل الدولة وليس الحكومة ووزارة الثقافة فقط بتكريس جهد وامكانيات جهات ساندة لوزارات اخرى تقدم دعمها لإنجاحه وعبر قرار ثابت يحدد احتياجاته ولا يضطر اتحاد ادباء البصرة للبحث عن مصادر تمويل ساندة كلما تأثرت ميزانية وزارة
الثقافة بالتقليص.
" المربد" ظاهرة ثقافية مبدعة بامتياز توضح مدى الاستقرار السياسي والامني والمعرفي والفكري للعراق وليس نشاطا ثقافيا عابرا ، وما تحتاجه وزارة الثقافة هو ان تضع خططا منهجية لرعاية انشطتها وبرامجها التي هي من صلب عملها الفعلي وواقعها الذي نطمح جميعا لان يكون بمستوى العقل العراقي المبدع الذي اعطى في احلك الظروف التي مرت به كل ما يتوجب عليه واثبت ان الثقافة تنتصر على مظاهر الجهل والتخلف والاستلاب وتعيد التوازن للمجتمعات مهما عانت من ازمات متلاحقة.
بانتظار " المربد" القادم نأمل ان تخصص الدولة ما يدعم توجه الثقافة وافكارها المستقبلية ولا تقف حاجزا امام طموح كل الاجيال المشاركة في استمرار عطاء الابداع حيثما تمثل ادبيا وعلميا لنؤكد ان العراق عصي على مخططات التراجع وقوي بإنجاح المتحقق واللاحق المنتظر.