الغضبان لـ { الصــباح }: الموافقة على قرض «جايكا» اليابانية بقيمة 3,6 مليار دولار

العراق 2018/12/25
...

بغداد / طارق الاعرجي   
وافقت وزارة النفط على القرض الياباني (جايكا) لتطوير مصفى البصرة بقيمة ثلاثة مليارات و600 مليون دولار، مؤكدة قرب المباشرة بأكبر مشروع لتطوير الحقول الغازية ومنظومة التصدير لتصل طاقتها الى ستة ملايين و500 ألف برميل يوميا من الخام.وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط المهندس ثامر الغضبان في حوار موسع مع "الصباح": ان الوزارة تعمل بجد لتفعيل مشروع مد انبوب تصدير النفط باتجاه العقبة والانبوب البديل من كركوك الى الحدود (العراقية – التركية) وربط الشبكتين الجنوبية والشمالية  اضافة الى التعجيل بتنفيذ مصافي الناصرية والفاو وكركوك الاستثمارية. 
وفي ما يلي نص الحوار:
 
تطوير القطاع 
 
* عانى قطاع النفط والغاز في العراق الكثير من الاهمال.. فهل هناك خطط للنهوض به؟
ـ المنهاج الحكومي جزء مهم منه يخص تطوير قطاع النفط وطاقاته، وكان لنا دور في تحرير هذا الجزء في ما يخص وزارة النفط  فهي وزارة عريقة وعليها اعباء كبيرة جدا، كونها من تتولى ادارة الجزء الاهم من الثروة في البلاد المتمثلة بثروة النفط والغاز، ولكن امام الوزارة تحديات كبيرة ورثتها ليس من الحكومات السابقة فقط وانما من تراكم وزارات سابقة وتحديات عدة.
 
* ما هو التحدي الاول،  وما هي المعالجات الموضوعة لتجاوزه؟
ـ التحدي الاول هو الاستغلال الامثل للغاز، فإن 50 بالمئة من الغاز المصاحب للاسف يحرق الآن، وعليه لابد من العمل الجاد وان ننبري لتجاوز هذا التحدي بكل ما لدينا من خبرة ومعرفة واخلاص وتصميم لاسيما ان مشاريع استثمار الغاز مكلفة ويتطلب تنفيذها المزيد من الوقت، فأي مشروع بعد ان تكتمل المفاوضات مع الجهة المقاولة يستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات من العمل الدؤوب كي يكتمل وربما يصل الى اربع سنوات بسبب المحددات والروتين والبيروقراطية الموروثة.
وبالرغم من ذلك، فهناك مجموعة من هذه المشاريع احدها وقع قبل مدة قصيرة في الناصرية بمحافظة ذي قار اضافة الى مشاريع اخرى كاستغلال غاز حقول نفط ميسان، وقريبا جدا سيتم توقيعه بطاقة 300 مليون قدم مكعب يوميا وبمدة انجاز تبلغ ثلاث سنوات، ومشروع في حقل (ارطاوي) لاستثمار الغاز في عدد من الحقول في المنطقة الجنوبية لاسيما في محافظة البصرة بطاقة 300 مليون قدم مكعب قياسي ومشروع اخر مرحلي في حقل بن عمر بمحافظة البصرة بطاقة 125 مليون قدم مكعب من الغاز لتصل الكميات مجتمعة الى 725 مليون قدم مكعب.
وهناك مشروع لتطوير استغلال الغاز ياتي ضمن مشروع اكبر.. وهو مشروع البنى التحتية بمحافظة البصرة لتمويل مشاريع ضخمة من خزانات ومحطات ضخ وانابيب على اليابسة وانابيب بحرية وتطوير منظومة التصدير، بحيث يكون للعراق طاقة تصدير قدرها ستة ملايين و500 ألف برميل يوميا من النفط الخام.
وهناك ايضا مشروع لاستثمار غاز حقلي (بن عمر) و(ارطاوي)، والان هناك حوار ناضج جدا مع شركتين عملاقتين هما (اكسن موبل) و(سي ان بي سي)، ونحن على وشك الوصول لاتفاق ولدينا بعض الامور المتبقية في التفاوض، والمشروع الاخر قائم ولكن هناك خططا لزيادة طاقاته في شركة غاز البصرة. 
 
بلوغ الاكتفاء من الغاز 
 
* مع كل هذه المشاريع الواعدة متى تستطيع الوزارة بلوغ الاكتفاء من الغاز وتوفيره للمحطات الكهربائية ؟
ـ ان اكتملت هذه المشاريع ستوفر ما يكفي من غازات مطلوبة لتوليد الطاقة الكهربائية، علما ان معظم المحطات التي اضيفت في السنوات السابقة تعتمد على التوربينات الغازية، لذلك تحتاج الى الغاز كوقود وايضا ستوفر الغاز كمادة مغذية لانشاء معمل بتروكيمياويات كبير يعرف بمعمل النبراس، اضافة الى الوقود المطلوب ضمن هذه المشاريع التي تعد موقعية وتتطلب منظومة انابيب توصل الغاز الخام اليها كي تقوم هذه المعامل بفصل السوائل عن الغازات، وايضا منظومة انابيب تنقل المنتجات من غاز جاف واخر سائل ومكثفات وسيتوفر للعراق فائض اكبر من الوقت الحاضر ليس فقط في الغاز الجاف وانما في السوائل والمكثفات تزيد عن حاجته وعليه تكون موردا اضافيا من موارد الدولة، وبالتالي ستدخل كمشاريع استثمار الغازات تباعا في مدة عمر الحكومة الحالية اي اربع سنوات وستكون معظمها منجزة ونحن الان على الطريق الصحيح وهو وقف هدر الغاز تدريجيا.
 
استثمار الحقول الغازية 
 
ـ ماذا بشان استثمار الحقول الغازية او ما يعرف بالغاز الحر؟
* في ما يخص الحقول الغازية والحاوية على الغاز الحر الذي ليس له علاقة بانتاج النفط، وهي ثلاثة الاول حقل السيبة الذي بدأ ينتج كميات بسيطة وهو صغير تبلغ طاقته القصوى 125 مليون قدم مكعب تم بعقد مع شركة (كويت) للطاقة، والثاني حقل عكاز غرب العراق ويعد من الحقول الكبيرة، وللاسف وبسبب الاحداث وسيطرة عصابات داعش وكونه في منطقة نائية صحراوية اضطرت الشركة التي هي ائتلاف تقوده شركة (كوكاز) الكورية، الى التوقف عن العمل، وقبل عدة ايام كان لدينا اجتماع معهم للتباحث لحل الاشكالات التي مروا بها والان لديهم استعداد للعودة للعمل من خلال ترتيبات بين الجانبين بما يخص تجاوز الاشكالات التي سببت التوقف عن العمل وبنفس الوقت تحقيق البيئة الامنة لهم للعمل في تلك المنطقة الصحراوية النائية، وهذا الحقل مهم جدا وسوف يوفر للعراق طاقة تتجاوز الـ 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز وسيتم بواسطته تشغيل محطة الانبار الغازية ونحن ماضون بتذليل العقبات وعودة الشركة للعمل.
وفي الجهة الشرقية هناك ايضا حقل مناظر له وهو حقل المنصورية وكذلك بسبب الظروف الامنية في تلك المنطقة اضطر المقاول الذي تقوده شركة النفط التركية ومعها ائتلاف الى ترك العمل، واتخذ قرار في زمن الحكومة السابقة لمحاولة تذليل العقبات وبعكسه يمكن ان يتم التنفيذ من خلال الجهد الوطني المباشر وتبلغ طاقته 300 مليون قدم مكعب قياسي وبذلك ستوفر مشاريع الجنوب واستثمار الغاز الحر طاقات انتاجية من الغاز تكفي للاستهلاك المحلي وتوفر منتجات غازية من السوائل والمكثفات وتشكل موردا اضافيا للدولة العراقية والمهم في هذا ايضا أنها تجعل العراق مكتفيا ذاتيا.
 
بناء المصافي وتوفير المشتقات 
* هل يعد بناء المصافي وتوفير المشتقات بالنسبة لكم التحدي الثاني؟
ـ نعم التحدي الاخر هو بناء المصافي وتوفير المشتقات اذ من المعروف ان العراق بعد 2003 كان يستورد كميات من المنتجات النفطية وبالذات البنزين وزيت الغاز والغاز السائل وحتى النفط الابيض ومع الزمن استطاع العراق ان يكتفي بالنفط الابيض وكذلك الغاز السائل ولكن بقي يستورد البنزين بكمية تصل الى 10 ملايين لتر يوميا من الاسواق العالمية وعلى اسس تنافسية، وزيت الغاز (الكاز) معظمه يستورده لسد حاجة الكهرباء وما يتم انتاجه يكفي للاستهلاك المحلي كوقود للسيارات والمولدات.
إن محطات الكهرباء التي تعمل على الغاز قسم منها الان يعمل على زيت الغاز كوقود بديل وهو مكلف وان احتلال عصابات "داعش" الاجرامية ادى الى حدوث اضرار كبيرة في مصفى بيجي الذي كانت طاقته التكريرية تشكل نحو 55 بالمئة من طاقة التصفية في العراق وخرجت عن العمل، ولكن بواسطة الملاكات الوطنية في المصفى ومصفى الوسط والمعدات الهندسية الثقيلة ووزارة الصناعة استطاعوا كفريق عمل، استعادة خط من خطين بحيث اصبحت طاقة التكرير الان بحدود 45 الف برميل يوميا وتصعد قريبا الى 60 الف برميل من اصل الطاقة التكريرية السابقة التي كانت 280 الف برميل، ولكنهم الان لا ينتجون البنزين، وفي المستقبل القريب بعد تأهيل وحدات تحسين البنزين سيتم انتاجه.
اما المصافي القديمة كالبصرة والدورة فتستخدم تكنولوجيا قديمة وعليه فان نسبة النفط الاسود المنتج من هذه المصافي تبلغ نحو 50 بالمئة من مجموع الانتاج، وهذا يشكل ضغطا كبيرا لاسيما في توفير مادة البنزين فأمامنا مساران سلكتهما الوزارة، الاول تطوير هذه المصافي من خلال اضافة وحدات تحسين بنزين ووحدات تكسير النفط الاسود لانتاج مقطرات وسطية كالنفط الابيض و(الكازاويل) و(النفثة).
وقبل يومين وافق مجلس الوزراء بناء على توصية من المجلس الوزاري للطاقة الذي ارأسه، على القرض الياباني (جايكا) لانشاء وحدة تكسير في مصفى البصرة وتطويره بمليار دولار، وهناك عقود اخرى ستستكمل بحيث تصل القروض المقدمة من (جايكا) لتطوير مصفى البصرة الى ثلاثة مليارات و600 مليون دولار بشروط ميسرة وبمدة تصل الى 3 سنوات لانها معقدة وهناك اقبال لدى الكثير من الشركات العالمية لانه سيمر على اساس عقد وتمويله موجود من القرض.
في الوقت ذاته، هناك بناء مصاف جديدة او ما يعرف بالمصافي الاستثمارية وواحد منها قيد البناء في كربلاء وقد واجه صعوبات في البدء نتيجة هبوط اسعار النفط وعدم مقدرة الدولة حينها وسطوة ارهابيي "داعش" على بعض مناطق البلاد، ولاقى صعوبات في دفع مستحقات المقاول الكوري فتوقف العمل والحكومة السابقة اتخذت اجراءات ووفرت دفوعات وانا شخصيا قابلت المقاولين.
لدينا اسبوعيا ملاك متقدم برئاسة وكيل وزارة يذهب الى المصفى للاطلاع على تقدم العمل ووعدنا المقاول بان السنة المقبلة ستشهد زيادة بنسب الانجاز عن العام الحالي والهدف هو أن يكون الانجاز الاولي منتصف العام 2021، وهذا المصفى حديث بمواصفات اوربية وينتج البنزين العالي الاوكتاين، وزيت غاز قليل الكبريت، ونفطا اسود بنسبة اعلى تصل الى 18 بالمئة وليس 50 بالمائة كما هو الان، ومعظم الانتاج سيكون بنزينا ومقطرات وسطية وهو قريب من مراكز الاستهلاك الكبرى وسيكون مرتبطا بأنابيب ومنتجاته تكون ضمن الشبكة الوطنية للمنتجات النفطية.
*ماذا عن مشاريع المصافي الاخرى في المحافظات؟ 
ـ لدينا مجموعة اخرى من المشاريع الاستثمارية ورثناها من الحكومة السابقة لم يحدث فيها تقدم كبير ونحن الان عاكفون على التعجيل في تنفيذها كمصافي الناصرية والفاو وكركوك الاستثمارية اضافة الى مصفى في ميسان فيه مشاكل جدية إذ ان اجازة الاستثمار وقعت في السابق الا ان المستثمر لم يستطع الى الان تقديم ما يطمئن وزارة النفط بأنه مقتدر بمجال التمويل ونحن على مفترق طرق تجاه هذا المشروع وبقية المشاريع فنحن ماضون بالعمل فيها وصولا الى اتفاقات مع مستثمرين جادين، ونحن لن نتعامل الا مع شركات رصينة ذات سمعة ولديها امكانية فنية ومالية قادرة على توفير التمويل وتقدم الضمانات وخطة التمويل للمشروع ولها تاريخ فني بتنفيذ مصاف والاستثمار فيها.
 
الطاقات الانتاجية للخام 
 
*هل اعددتم خطة للنهوض بطاقات العراق الانتاجية من النفط الخام؟
ـ منذ المباشرة بتسنم المهام في الوزارة الى الان، انا في اجتماعات قيادية مستمرة مع ملاك وزارة النفط لاحكام السيطرة على نشاط الانتاج ونحن مطمئنون ان العراق سيكون منتجا اساسيا على المستوى العالمي وانتاجنا العام 2019 سيشهد ارتفاعا بحيث يلبي احتياجاتنا، لاننا نعتمد  بدرجة كبيرة على النفط في تمويل الموازنة بنسبة تصل الى 90 بالمئة، ونأمل من الحكومة الحالية وانا احد المساهمين فيها، ان يكون هناك اصلاح اقتصادي يطلق قدرات القطاع الخاص ونطوره بحيث يكون موفرا لفرص العمل وبذات الوقت يكون له دور في تطوير الاقتصاد العراقي واحداث اضافات الى الدخل الوطني.
 
أنبوب تصدير العقبة
 
* اين وصل مشروع مد انبوب تصدير باتجاه العقبة؟ 
ـ الوزارة تعمل بجدية بشأن مد انبوب التصدير باتجاه العقبة والانبوب البديل الى الحدود (العراقية – التركية) من كركوك وربط الشبكتين الجنوبية والشمالية بحيث يمتلك العراق ولاسباب ستراتيجية واقتصادية، المقدرة على المناورة بالنفط، وفي حال حدوث طارئ او تقلص منفذ معين، لدينا منافذ اخرى تؤمن استقرار منظومة التصدير ومعدلات الانتاج وانتاج الغاز المصاحب. اما انبوب العراق (ينبع) عبر الاراضي السعودية ففي العام 2004 وضعت السعودية يدها على الانبوب ودخل ضمن منظومتها، والوزارة اعدت خطة ايضا لتطوير الطاقات التصديرية في منطقة الخليح العربي والوصول بها الى ستة ملايين و500 الف برميل يوميا، وان مد انبوب من العراق باتجاه الاردن بطاقة مليون برميل ومد انبوب بديل للمنظومة التي دمرتها عصابات "داعش" الارهابية من كركوك الى الحدود العراقية التركية، يجعلنا نمتلك ثلاثة منافذ مع ربط المنظومة بعضها ببعض ما يعطي مقدرة على المناورة لاغراض التصدير والاستهلاك المحلي بحيث نستطيع ان نوفر نفوطا الى مصافي العراق في اي مكان
 كانت.