ممارسات وطقوس وألعاب مسلية .. تجذب إليها ..وصرخة { بات} جرس إنذار..!!

ثقافة شعبية 2020/05/10
...

 * عادل العرداوي
 
 بغض النظر عن مصادفة حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام ، مع اجواء عاصفة ( كورونا) التي تعصف بالبشرية جمعاء ، فهي حالة مؤقتة وعابرة باذن الله لتعود الحياة الى مساراتها الطبيعية ان عاجلا او اجلا..مهما طالت الايام ليعود شهر الخير والبركات الى مباهجه واجوائه الروحانية المقدسة وممارساته الاجتماعية البريئة التي اعتدنا عليها والمشاركة فيها في لياليه المباركة في كل عام .
 فبعد اطلاق مدفع الافطار ورفع اذان المغرب ايذانا بافطار الصائمين واداء شعائر الصلوات والدعوات ، يتفرق افراد العائلة ، اية عائلة لا على التعيين ، كل الى حال سبيله ، فمنهم من يذهب الى المراقد المقدسة او الجوامع او الحسينيات لاداء مراسيم الزيارة والتبرك بقراءة صفحات من القرآن الكريم ، او المشاركة في صلاة التراويح ، ومنهم من يذهب لممارسة عمل يعتاش منه تكون له سوق رائجة في رمضان ، وشريحة منهم خاصة من الشباب او غيرهم يذهبون الى مقهى الطرف التي اعتادوا الجلوس والتواجد فيه منذ سنين إذ ينفرد بعض مقاهي بغداد وبقية مدن البلاد الاخرى، باقامة مباريات يومية تقريبا لفرق لعبة ( المحيبس) الشعبية المتوارثة منذ حقب زمنية منصرمة ، اذ اصبحت هذه اللعبة المسلية والبريئة من متممات ليالي شهر رمضان والتي يمتد اللعب فيها وممارستهااحيانا حتى مجيء جوقة ( المسحراتي) التي تضرب على الطبول والنقارة لتنبية الصائمين الى مائدة السحور استعدادا لصيام اليوم التالي ، عندها تنفض لعبة المحيبس ويتوجه المشاركون فيها الى بيوتهم لغرض السحور .. وللتعريف اكثر بلعبة المحيبس نوضح انها لعبة شعبية جميلة تعتمد من لاعبها ومن رئيس الفريق لها على شيء من الذكاء والفطنة والفراسة وقراءة ملامح وجوه المشاركين فيها ، وقد برزت من هؤلاء ( الاسطوات)  اسماء معروفة يحسب لهم الف حسب في معرفة موقع اختفاء المحبس والفوز به على الفريق الاخر.
ومفردة ( المحيبس) هي تصغير لاسم المحبس او الخاتم او الحلقة التي نضعها في اصابع ايدينا وهو مصنوع اما الذهب او الفضة او البلاتين ، ومنها ما هو مطعم بالاحجار الكريمة مثل ( الكهرب ،والجواهر، والعقيق، والدر، والبايزهر..) وغيرها.. واللعبة عادة ما تجري في مقاه شعبية معروفة من قبل الناس كما هو الحال في بعض مقاهي : الاعظمية ، والكاظمية ، وباب الشيخ ، والكرخ، والفضل ، وقنبر علي او الكرادة وغيرها من المناطق والمدن العراقية الاخرى.. وينقسم فريق المحلة الواحدة باشراف الاسطة رئيس الفريق الا مجموعتين متساويتين من حيث العدد، يجلسون على ارائك متقابلة لا يفصلهما الى ممر ضيق يسمح لرئيس الفريق من اختيار كف واحد من اللاعبين لايداع المحبس فيها إذ تتم هذه العملية بشكل مستتر ببطانية او رداء واسع لكي لا يتمكن الفريق المقابل من معرفة الكف التي خبئ فيها المحبس التي تنتهي بصرخة ( بات) اي تمت عملية اخفاء المحبس وعندما لا يتم معرفة الكف التي تحمل المحبس فان الشوط ينتهي بصرخة بات، تعني خسارة الفريق المقابل وكذلك لمن يكلف باكتشاف المحبس المخبأ في احد ايدي ( اللواعيب)..
 وتبدأ اللعبة التي هي على شكل سباق حامي الوطيس تتخله صيحات المشجعين لكلا الفريق او اطلاق اغان شعبية تحث على التشجيع ونيل الفوز من قبل فرق المربعات البغدادية والموسيقى الشعبية التي تحول مكان اللعبة الى كرنفال شعبي بهيج يظل راسخا في الذاكرة.. واحينا تتم المباريات بين محلتين بغداديتين واحدة من صوب الكرخ والاخرى من الرصافة بعد اتفاق مسبق بين فريق هذه المنطقة اوتلك، يحدد فيه عدد اللواعيب ومكان اللعبة ووقتها ، وفي نهاية الامر فان اللعبة بين الفريقين مهما طال وقتها لابد ان تنتهي بفوز احد الفريقين ، يرافق اعلان نتيجة الفوز، فاصل من غناء المربعات الشعبية الشجية 
والاهم من ذلك دعوة اعضاء الفريقين المشاركين في اللعبة الفائز والخاسر لتناول صواني الزلابية والبقلاوة وزنود الست والداطالي واحيانا الفواكه وتنتهي اللعبة بالسلام وتوديع الفريق الزائر مع وعد اكيد بقيام الفريق الاخر بزيارة مقهى الفريق الثاني لاجراء مسابقة اخرى من مسابقات المحيبس المحببة واللذيذة باجواء رمضانية مباركة وهكذا دواليك في معظم ليالي الشهر الفضيل.