الشباب يقود العالم

الثانية والثالثة 2020/05/14
...

عدنان ابو زيد

نحن نعيش بين "أكبر" جيل من الشباب في التاريخ. فبحسب دراسة عالمية، فان الشباب الذين هم أفضل تعليما وأكثر اطلاعا ونشاطا، تزداد أعدادهم على نطاق أوسع من أي وقت مضى.
يشكّل الشباب دون سن الـ 25 سنة نحو 42 بالمئة من سكان العالم، بينما 25 بالمئة هم تحت سن الـ 15، ويبلغ متوسط العمر 19 عامًا فقط في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، وبلدان الشرق الأوسط مقارنة بـ 38 عاماً في أميركا، بينما الشيخوخة وبمتوسط 45 عاماً، تسيطر على ألمانيا وإيطاليا وأجزاء أخرى من أوروبا.
لا يُستثنى العراق من التفاؤل الساحق في هذا الجيش العملاق من الشباب الذين يبرهنون على انهم الأكثر انغماسا سياسياً واجتماعياً، وبيئياً من الأجيال السابقة، وأقل تكييفاً مع الأيديولوجيات، وعلى الرغم من الفكرة الشائعة بأن أي شخص تحت سن 35 هو مهووس او مراهق او غير مكترث، فان العكس هو المتحقق على ارض الواقع، حيث المسؤولية العالمية يقودها الشباب، الذين يسعون الى تسلم الراية من الزعماء السياسيين التقليديين. 
في العراق والكثير من دول العالم، ومنها دول الربيع العربي، وجدت الشعوب أنفسها منساقة إلى حركات احتجاج واسعة يقودها شباب يشعرون بالإحباط من الأوضاع العالمية، وغاضبون من السياسيين غير الأكفاء، ومن المؤسسات المحلية والدولية غير الخاضعة للمساءلة، وناقمون على التخريب البيئي.
المتوقع تصاعد حركة الاحتجاج العالمية ضد تغيّر المناخ، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية، وسباق التسلح، وإنهاء الفقر والظلم الاقتصادي، على أيدي شباب يمتلكون القوة الدافعة وراء أهم حركتين اجتماعيتين سياسيتين في السنوات الأخيرة هما الربيع العربي ودعوات التغيير والإصلاح في أوروبا .
وفي حين كانت صناديق الاقتراع في أوروبا تعوّل على الأجيال الأكبر سنا في التصويت، والنشاطات الحزبية، والسياسية، فان الشباب بدؤوا يمسكون بزمام الموقف، ومن ذلك ان ما يزيد على نصف مليون شاب انضموا الى حزب العمل في بريطانيا، بينهم اكثر من مئة الف تحت سن الـ 25.
تقنيات التواصل غير التقليدية تتيح التفاعل لجيل الألفية مع سياسات الأحزاب والقرارات الحكومية، بينما نجح هذا الجيل بسرعة قصوى في تشكيل موقف منها عبر لوبي ضغط سواء بالرفض او الايجاب. 
صعود أجيال شبابية الى قيادة أوروبا والعالم ظاهرة تفخر بها الشعوب، ففي العام 2017 برز النمساوي سيباستيان كورز، 31 عامًا، سياسيا لامعا، قاد برامج التغيير. وتصدّرت النيوزيلندية جاسيندا أرديرن 37 سنة، الانتخابات الوطنية في بلادها .
ووُلد من رحم الرغبة في التغيير والتجديد قادة في الثلاثينيات من العمر، صنعوا الأحداث السياسية في فرنسا وإيرلندا. 
وأدت الظاهرة الشبابية في القيادة الى انحسار شعبية تيريزا ماي (59 عامًا) رئيسة وزراء المملكة المتحدة البالغة من العمر 59 عامًا، ومن المتوقع للشعب الأميركي ان يختار رئيسا شابا بعد الرئيس الأميركي باراك أوباما البالغ من العمر 55 عاما، وقت كان رئيسا، ودونالد ترامب، 72 عامًا.
وصعد الى الرئاسة في فرنسا، إيمانويل ماكرون، 39 سنة بعد  فوزه على مارين لوبان. وفي سان مارينو، فاجأ ماتيو فيوريني، 39 عاما، السياسيين الكهلة، بشعبيته الساحقة.
وأصبح راتاس 39 سنة، زعيما لإستونيا، متفوّقا على شيوخ السياسة المخضرمين.  وتولى فارادكار، 38 سنة، الزعامة في إيرلندا، العام 2017 عندما استقال سلفه. وخيسار، 37 سنة، هو رابع "ملوك التنين" والحاكم المطلق لبوتان، وهي دولة في جبال الهيمالايا المحاذية للهند والصين.  
وأصبح أرديرن 37 سنة، زعيم حزب العمال النيوزيلندي، رئيسا للوزراء بعد انتخابات هزم فيها الكهول ثم ارتقى بسرعة استثنائية الى أعلى منصب في البلاد، بعد أقل من عام من دخول البرلمان.
على هذا النحو تتجدّد القيادة والسياسة  في العالم.