مختصون يتحدثون لـ {الصباح} عن أبرز الأحداث الاقتصادية خلال 2024
بغداد: اقتصادية الصباح
شهدت البلاد في العام 2024 تطورات اقتصادية بارزة ومهمة، شملت قطاعات متعددة. وأكد خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي أن الإرادة الوطنية لحكومة محمد شياع السوداني، أثمرت النتائج الإيجابية التي حققت نقلة نوعة تدريجية في الاقتصاد الوطني
مبينين أن ما تحقق اقتصادياً في العام 2024 يعدُّ بداية موفقة تحتاج إلى دعم وديمومة من أجل تحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
مشاريع للمستقبل
وقال استشاري التنمية عامر الجواهري لـ"الصباح": إن "2024 شهد تحقق عددٍ من الأمور الإيجابية ينبغي البناء عليها للأعوام اللاحقة"، موضحاً أن "أبرز ما تحقق هو حصول زيادة ملحوظة في الإيرادات المالية في مفصلي الجمارك والضرائب، وهذه نقطة جيدة يمكن أن نبني عليها لتنويع الإيرادات المالية" .
تنفيذ مشاريع كبيرة
وأضاف الجواهري أن العام 2024 شهد أمراً في غاية الأهمية انفردت به هذه السنة عن السنوات السابقة، وهو وجود إرادة حكومية حقيقية في تنفيذ مشاريع كبيرة، إذ شهدنا السرعة والدقة في تنفيذ المشاريع المحالة مع إنجاز نوعي غايته تقديم الخدمة للمواطن"، مبيناً أن "ما تحقق يؤكد وجود إرادة وتصميم على قيادة البلاد إلى برّ النجاح" .
وعبَّر الجواهري عن تفاؤله من أن "نجاح الحكومة في تنفيذ مشاريع مهمة في مدة قياسية من العام 2024، سيكون مفتاحاً لإنجاز مشاريع أخرى في الأعوام المقبلة، خاصة في المشاريع الخاصة بتنويع الإيرادات والخلاص من أحادية الاقتصاد المعتمد بصورة أساسية على تصدير النفط" .
حلول أزمة السكن
من جهتها، لفتت المختصة بالشأن الاقتصادي الدكتورة إكرام عبد العزيز إلى أن "حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وضعت حلولاً تُسهم على المديات المتوسطة والبعيدة في التخفيف من وطاة أزمة السكن، مبينة أنه تمت الاستعانة بمطُّورين عقاريين لتوفير سكن لائق للعراقيين في مجمعات سكنية متكاملة الخدمات" . وأضافت عبد العزيز لـ"الصباح"، أن "المشروع الأول مدن سكنية حددتها الدولة لتكون بأسعار معقولة، بينما القسم الآخر على شكل قطع أراضٍ مخدومة بالكامل توزَّع بين ذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة"، موضحة أنه "لهذا الغرض أسس مجلس الوزراء هيئة تنفيذ المدن الجديدة بموجب كتابه ذي العدد
2221513 /3017 في 26/12/ 2022" .
المدن الجديدة
كما أشارت إلى أن "الهيئة تعدُّ أحد تشكيلات وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، وهي مختصة بإنشاء مدن جديدة في جميع المحافظات، عن طريق التنسيق مع جميع الوزارات والمحافظات لنقل ملكية أراضي المدن الجديدة وتسجيلها باسم المؤسسات.
وتابعت عبد العزيز أن "البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع تضمَّن معالجات لأزمة السكن من بينها إطلاق مشاريع المدن السكنية، ومنها مدينة الجواهري السكنية الجديدة في أبو غريب، وهي أحد مشاريع المدن الخمس، التي تم الإعلان عنها ضمن ستراتيجية الحكومة لمعالجة أزمة السكن وتخفيف الاكتظاظ السكاني في مراكز المدن الكبرى" .
أسعار الوحدات السكنية
وأوضحت أن الحكومة أعلنت عن 5 مدن سكنية كمرحلة أولى تشيد في بغداد وبابل وكربلاء ونينوى والأنبار، على أن يتم الاعلان لاحقاً عن 10 مدن سكنية جديدة في محافظات أخرى، لافتة إلى أنه سيكون هناك التزام بأسعار الوحدات السكنية، إذ تبلغ المساحة الكلية لمشروع مدينة الجواهري الجديدة 7121 دونماً، وتشتمل على 30 ألف وحدة سكنية و10 آلاف قطعة أرض سكنية مخدومة، وجامعات ومراكز تجارية ونحو 70 مدرسة" .
كما نوهت بأن "السوداني وقع كذلك عقد أكبر مدينة سكنية في العراق هي مدينة علي الوردي التي تقع في مدينة النهروان، ويمتد مشروع المدينة على مساحة 24517 دونماً، وبعدد وحدات سكنية بحدود 120 ألفاً "، مضيفة أن "هذه المدينة ستكون مستدامة وصديقة للبيئة وتحتوي على مبان جامعية ومجمعات طبية وتجارية، وكذلك مرافق ترفيهية" .
تنويع الإيرادات
بدوره، قال الخبير المصرفي الدكتور نبيل العبادي لـ"الصباح": إن "العراق شهد في العام 2024، خطوات جادَّة نحو تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات غير النفطية (كالزراعة، الصناعة، السياحة، والتكنولوجيا)"، مبيناً أن 2024 كان عاماً مختلفاً وإيجابياً بالمقارنة مع الاستقرار السياسي والأمني، وله دور محوري في تحسين الأوضاع الاقتصادية"، مشيراً إلى أن "أي تحسُّن في هذا الجانب مستقبلاً سينعكس على جذب الاستثمارات وتحفيز النمو، كما أن الإصلاحات التي قامت بها الحكومة مثل إصلاح النظام الضريبي، وتحسين إدارة المال العام، ومحاربة الفساد، واعتماد الدفع الإلكتروني، ستكون عاملاً حاسماً في تحقيق التقدم في هذه المجالات مما جعل الوضع أفضل مقارنة بالسنوات السابقة" .
السياسات الاقتصادية الحكومية
وأضاف العبادي أن "الرؤية الاقتصادية للعراق لعام 2024 تتوقف على عدة عوامل داخلية وخارجية، منها السياسات الاقتصادية الحكومية، وآثارها على واقع البلد الاقتصادي"، مبيناً أن "تقلبات أسعار النفط، والتغيرات الإقليمية والدولية، يمكن النظر إليها من خلال عده جوانب منها أن العراق يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، ومع استقرار أسعار النفط عالمياً نسبياً، قد يتحسن الاقتصاد إذا استثمرت الحكومة هذه الإيرادات بشكل فعّال في قطاعات حيوية، ومع ذلك، هذا الاعتماد يظل نقطة ضعف، لأنه يعرض الاقتصاد لتقلبات كبيرة" .
وعدَّ 2024 عاماً إيجابياً عالج البطالة ببعض جوانبها، لاسيما أن توفير فرص العمل للشباب يحتاج إلى تفعيل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع تحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة" .
تحقيق استقرار الإيرادات
ورأى العبادي أنه "من الصعب إصدار حكم نهائي الآن، ولكن إذا استمرت الإصلاحات وحافظت الحكومة على هذا النحو يمكن تحقيق استقرار الإيرادات ومعالجة الأزمات الداخلية"، مؤكداً أن "من المحتمل أن يكون هناك تحسن مقارنة بالسنوات الماضية في المستقبل" .
وخلص إلى أن "لدى العراق فرصة لتحقيق تقدم اقتصادي في عام 2025، لكن النجاح يعتمد على التنفيذ الفعّال للإصلاحات، وذلك يتطلب الاستقرار السياسي، واستثمار موارد الدولة بحكمة" .
الاستقرار الاقتصادي
كما قال الخبير الستراتيجي ا.د مالك إبراهيم الدليمي: إن "رؤيتنا الاقتصادية للعام 2024 تنبثق من أن أي تقدم اقتصادي مرهون بالاستقرار السياسي" .
وأضاف الدليمي لـ"الصباح"، أن "التاريخ يذكر أن الدول التي تقدمت اقتصادياً وأصبحت رمزاً ومثلاً يحتذى به هي التي استفادت من تجاربها السابقة سواء في العلاقات التجارية والسياسية أو مما اكتسبته من التاريخ في مجال الصراعات والحروب وأسبابها"، مبيناً أن "الدول التي استطاعت أن تفعل فعلها اليوم في تنمية اقتصادها هي التي اعتمدت على العقول والخبرات الوطنية التي تقدم خبرتها وإخلاصها للتعاون مع حكومات هذه الدول" .
وبين أن المعطيات تشير إلى أن " 2024 شهد تطوراً ملموساً في العراق في مجال دعم وتطويرإنتاج الحبوب، معبراً عن أمله أن يكون هذا النهج عاماً ليشمل جميع القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية" .
السياسة الحكيمة
من جهته، قال الباحث الاقتصادي ياسر المتولي: إنه "في خضم الأحداث المتسارعة وبرغم كل التحديات، فإن اقتصاد العراق شهد تطوراً ملموساً بصفته نتيجة منطقية للاستقرار الذي تحقق في البلد جرَّاء الإجراءات الكفوءة التي استطاعت النأي بنفسها عن أغلب التحديات وبعيداً عن ضجيج الحروب الإعلامية والصراعات التي تدور في محيطنا العربي والإقليمي" .
وأضاف المتولي لـ"الصباح"، أن "السياسة الحكيمة التي تتبعها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استطاعت نقل العراق مرحلياً إلى شاطئ الأمان"، لافتاً إلى أنه "يمكن لواقع العراق الاقتصادي ان ينتقل إلى مستوى أفضل إذا كانت هناك إرادة سياسية تركز على إبعاد العراق عن التجاذبات وتحقق استقلاليته بما يتناسب ومصالحه الوطنية العليا" .
استقرار اقتصادي مستدام
ووصف المتولي ما تحقق اقتصادياً في عام 2024 بأنه بداية موفقة تحتاج إلى دعم وديمومة من أجل تحقيق استقرار اقتصادي مستدام، عاداً المنجز المتحقق نقطة انطلاق مهمة.
وأشار إلى أن "النجاح يبدأ بخطوة لتكون أساساً لليوم التالي في تحقيق النجاحات والتطور والنمو المنشود، منوهاً بالحاجة لوقت إضافي لإنجاز المهمة الصعبة قياساً بحجم التحديات والأمل معقود بالعام الجديد وما سيرشح عنه من تواصل الإنجازات.
الإصلاح المالي
كذلك، أفاد الباحث في الشأن الاقتصادي الاستشاري عماد المحمداوي لـ" الصباح"، بأن العراق عمل جاهداً خلال العام 2024 لتخليص البلد من حالة الركود الاقتصادي رغم توتر الأحداث في المنطقة، لافتاً إلى أن الإصلاح المالي والسيطرة على سعر الصرف، كان من أبرز الإنجازات المهمة اقتصادياً، هو السيطرة على سعر الصرف ، إذ وصل ارتفاع الدولار إلى مديات مرتفعة خلال العام 2023 بلغت نحو 160000 دينار لكل 100 دولار، نتيجة منع الفدرالي الأميركي لبعض المصارف العراقية من التعامل بالدولار" .
سعر الصرف الموازي
وأضاف أنه "وفي العام 2024 تمت السيطرة على أسعار الصرف والعودة به إلى مستويات مقبولة مقارنة مع سعر الصرف الموازي، الأمر الذي شكل اختباراً وتحدياً للبنك المركزي للمحافظة على احتياطيات العراق من العملة الصعبة".
الجباية الإلكترونية
وتابع أن زيادة الإيرادات غير النفطية، والتخلص من الاقتصاد الريعي، ومكافحة غسيل الأموال، والحدّ من تهريب العملة، وتنويع سلة العملات، ومنع التعامل بالدولار في الأسواق العراقية، فضلاً عن الأتمتة في الجمارك والمنافذ الحدودية والضريبة، وتفعيل الجباية الإلكترونية، والتنسيق بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، كل تلك الإجراءات مجتمعة أسهمت في نهوض الاقتصاد الوطني" .
يذكر أن البنك المركزي العراقي، لجأ لزيادة المرونة والتسهيل في عملية التحويل الخارجي، إلى تنويع العملات التي يتم بها التحويل إلى الخارج، وأصبحت هناك تحويلات، بالإضافة إلى الدولار، بكل من اليورو والدرهم الإماراتي وعملات أخرى.
يضاف إلى ذلك الانتهاء من إجراءات فتح الحسابات بالدرهم وباليوان الصيني والروبية الهندية، فضلاً عن التفاهمات مع الجانب التركي لإجراء التحويلات عن طريق المصارف التركية بعملة اليورو أو العملة التركية، بالتنسيق مع البنك الفدرالي والخزانة الأميركية.
الثقة بالقطاع المصرفي
وأشار المحمداوي إلى أن "البنك المركزي العراقي وبالتعاون مع الخزانة الأميركية عمل على وضع بعض الحلول التي تعيد الثقة بالقطاع المصرفي العراقي وتزيد من علاقاتها مع المصارف الدولية، بالإضافة لإجراءات تمنع تهريب الدولار" .
كما تم التوافق مع عدد من الدول على التعامل بعملاتها المحلية وتنويع سلة العملات في ما يتعلق بتجارة العراق الخارجية، فضلاً عن منع التعامل بالدولار في السوق المحلية وتطبيق الدفع الإلكتروني في معظم الأسواق" .