دعوات إلى إيجاد خارطة استثمارية واضحة لتطوير الزراعة

اقتصادية 2025/04/16
...

 بغداد: عماد الإمارة


يُعدّ الاستثمار في القطاع الزراعي ركناً أساسياً في دعم اقتصاد الدول، نظراً لما يوفره من سلع ضرورية، ومساهمته في تأمين المواد الأولية للصناعات، إلى جانب دوره في تشغيل الأيدي العاملة وتعزيز التنمية الاقتصادية من خلال ترابطه الوثيق مع قطاعات حيوية أخرى كالصناعة والتجارة.

وفي هذا السياق، أكد وكيل وزير الزراعة الأسبق الدكتور مهدي القيسي، أهمية وضع خارطة استثمارية واضحة للمشاريع الزراعية والمساندة لها، مشيراً إلى ضرورة استثمار الأراضي الصحراوية في زراعة محاصيل اقتصادية مثل النخيل والزيتون عالي الزيت والفستق الحلبي والسدر، لما تتمتع به هذه المحاصيل من جدوى اقتصادية وقدرتها على التأقلم مع البيئة الصحراوية، إضافة إلى إمكانية تطبيق تقنيات ري حديثة كالتنقيط، مع إنشاء مشاريع تصنيع لتحويل هذه المنتجات إلى سلاسل غذائية واقتصادية متكاملة تسهم في الحد من التصحر ومكافحة العواصف الغبارية.

وأوضح القيسي أن الجهود تركز أيضاً على معالجة أوضاع المشاريع المتوقفة منذ عام 2003، وفسخ عقودها بهدف إعادة طرحها كفرص استثمارية جديدة، مشدداً على ضرورة التزام المستثمرين الجدد بالنشاط الزراعي المخصص لتلك المشاريع، وتحديد مدد زمنية واضحة لتشغيلها وبلوغ الطاقات التصميمية، إلى جانب تقديم تسهيلات ضمن ضوابط تتضمن منح قروض مشجعة بفوائد محدودة لدعم سوق العمل الوطنية، كما دعا إلى إنشاء مجمعات زراعية صناعية ومحطات متخصصة بتربية أبقار الحليب ومصانع ألبان متطورة، مع الاستفادة من الدورات الزراعية في توسيع المساحات المزروعة بالأعلاف وتصنيعها.

وأشار إلى أهمية توجيه الاستثمارات نحو التصنيع الزراعي والصناعات التحويلية والتسويق الزراعي بمختلف مراحله، بدءاً من وسائل النقل المبرد والمجمد، مروراً بإنشاء مخازن حديثة، وانتهاءً بالتعبئة والتغليف والتخزين، بما يسهم في تقليل الفاقد بعد الحصاد والحفاظ على جودة المنتج حتى وصوله للمستهلك.

وفي جانب آخر، شدد القيسي على أهمية تمكين القطاع الخاص في الصناعات الداعمة للزراعة، ومنها إنتاج الأسمدة الكيميائية والعضوية، وتصنيع المبيدات الصديقة للبيئة، وتطوير المكننة الزراعية، وأنظمة الري الحديثة، والمواد الزراعية كالنايلون والبيوت البلاستيكية، إلى جانب دعم صناعة اللقاحات البيطرية والعلاجات والمستلزمات الخاصة، من خلال مواكبة أحدث التقنيات العالمية، مؤكداً ضرورة توفير فرص عمل لخريجي الكليات والمعاهد الزراعية والبيطرية من غير العاملين في القطاع الحكومي، عبر إنشاء جمعيات تخصصية تفتح لهم أبواب العمل ضمن مختلف أنشطة القطاع الزراعي.ودعا القيسي إلى استثمار الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الدول الأخرى، والتنسيق مع المنظمات الدولية والعربية بهدف نقل وتوطين التكنولوجيا الزراعية وتوسيع آفاق التعاون الفني مع الجهات الساندة.

من جانبه، أوضح مدير عام دائرة الاستثمار الزراعي في وزارة الزراعة الدكتور إياد البولاني، أن للقطاع الزراعي خصوصية تميّزه عن سائر القطاعات، لكونه يتعامل مع كائنات حية نباتية وحيوانية ويتأثر بالعوامل المناخية والبيئية والكوارث الطبيعية، إلى جانب ارتباطه الوثيق بالمتغيرات الاقتصادية في دول الجوار وبحاجات الأفراد من المحاصيل والمنتجات الغذائية، ولهذا تسعى الحكومة إلى تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة من خلال هذا القطاع الحيوي.

وأكد البولاني أن تنوع مصادر الدخل في القطاعات الاقتصادية يبرز أهمية الاستثمار الزراعي كركيزة أساسية للأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي، ودوره في تقليل معدلات الفقر والبطالة عبر تشغيل اليد العاملة وزيادة الناتج المحلي، بما يسد الفجوة الغذائية.وعزا ضعف الاستثمارات الزراعية إلى غياب قانون خاص ينظم هذا المجال، إذ إن التشريعات الحالية تتعامل مع الاستثمار بشكل عام، مبيناً أن الوزارة أعدت مسودة قانون خاص بالاستثمار الزراعي، وهو قيد المراجعة لدى مجلس شورى الدولة.وفي ما يخص المقترحات الكفيلة بتعزيز الاستثمار الزراعي، أوضح البولاني أن الخطط تتضمن طرح فرص استثمارية متكاملة بمساحات مناسبة، مع استكمال جميع الموافقات القطاعية مسبقاً لتسهيل الإجراءات، داعياً إلى تقليص الحلقات البيروقراطية وتعزيز الثقة بالعملية الاستثمارية من خلال تقديم تسهيلات مالية ومصرفية وقروض ميسرة تمنح الأولوية لهذه المشاريع.

وفي إطار المشاريع الحالية والمستقبلية، كشف البولاني عن توجه الوزارة نحو تشجيع المشاريع الداعمة للزراعة، من خلال إنشاء خدمات زراعية ومراكز بيع للمستلزمات الزراعية في مختلف المحافظات، مشيراً إلى استثمار نحو أربعين ألف دونم في محافظة صلاح الدين لإنشاء مشروع طيبة للزراعة الحديثة، إضافة إلى استثمار عشرة آلاف دونم في محافظة النجف الأشرف لإقامة مشروع (المطورون النموذجي).