أغنية العيد: ياريت الزمن ينعاد.. يرد بينه الهوى لبغداد

ثقافة شعبية 2020/05/17
...

كاظم الحناوي
 
 
 
فاح منه هدير الغربة و أنين الحنين وعذابات الفراق عن الاحبة، القلب ينبض بالأمل والروح تتوق إلى رؤية الوطن، لتتكحل بتربته وتفرح بالعيد الذي لم يره منذ غادر الوطن في سبعينيات القرن الماضي وكأن لسان حاله يقول: (دك هاونك يا حزن) التي غناها من كلماته المطرب ياس خضر ليصل الشاعر خالد العامري الى اغنية (ياطويرة) غناء المطرب رياض منصور 
يقول خالد العامري عندما زرته في مدينة مانشستر البريطانية: في الغربة تفصلنا المسافات، ويبقى العزاء كل العزاء في نشوة العودة الموعودة وتحقيق الأحلام ليردد (ذبحني الشوك يا طويرة .. غريب وحيرتي حيرة...) لقد جاءنا العيد وللعيد في الغربة معنى آخر، تعرفه الدموع التي يذرفها المغترب.. يكمل العامري: لا عندي وطن وارتاح ... وحتى اللي احبه راح...
وقصيدة (عيد الفرح) التي غناها المطرب رضا الخياط كانت آخر أعياد العامري في الوطن، بعدها ودع الاماكن التي احبها مجبرا لأن والده كان وقتذاك ناشطا سياسيا وحركيّا ضد النظام السابق… كم هي صعبة تلك اللحظات والرحيل عن الوطن ولحظة الفراق حين اقتربت ... بدأ يطرق أبواب المدينة بكلماته ليخبرنا بذكرياته .. بممرات المدينة ونسائها ورجالها وساعات اللقاء الجميلة وطيف الذكرى بعد ان انتزع من أحبته بات يتوسد ارصفة الغربة. 
عجلة الأيام تدور ويخبرنا خالد ابن المدينة عن شوارعها العتيقة والقطار وايام بغداد الجميلة يحلم بلقاء مستحيل مع اصدقائه وتلك الايام، أو إقامة في وطن لا يعقبها رحيل.
يذهب بذاكرته لمحطة القطار جنوب مدينة الخضر رصيف مخضب بالذكريات بلا قاعات انتظار.. مكتب ناظر المحطة مهجور بجوار السكة المرتفعة عن الارض العابرة بين الحقول والبساتين.. إن استذكار تلك الأيام (يا طويرة) يعيد للذاكرة أماكن يحن إليها العامري بكلماته التي هي عبارة عن أرشيف صور مبهرة لتلك الايام ، حين كان السفر بالقطار يعني مغامرة الى عالم تحده بغداد من الشمال والبصرة من الجنوب. من كان يدرس او يعمل في احدى المدينتين، فإنه كان يضع قدما في العراق وأخرى في العالم الشاسع في الاولى المطار والثانية الميناء.
كان التطور الاقتصادي بسبب النفط الذي شهدته البصرة والعاصمة بغداد منذ الخمسينيات من القرن الماضي شديد الارتباط بتوسعة وبناء المرافق السياحية الكبيرة والصغيرة على حد سواء.. فهنا كانت القطارات وسيلة النقل الاولى.
تنقل خالد العامري بين المدينتين فعند الذهاب للبصرة لابد ان تكون الناصرية حاضرة في ذاكرة الطريق و لن ينسى تلك المدن التي احتوته بكل محبة فهو يأتي بالطريق صاعدا حيث كان القطار القادم من البصرة الى بغداد يسمى (القطار الصاعد) , لذلك هو لم ينس المحطات القريبة الى نفسه من محطات هذا الطريق الطويل لن ينسى ساعة المغيب في مطعم القطار مرورا بالناصرية يتسامر ويتبادل الضحكات لذلك يتمنى قائلا:(نرد للناصرية ردود) ولن ينسى الحب والاعجاب بمدينة اخرى مرددا:(نغني للسماوة بشوك), فعلا سوف نشتاق للمرح مع الاحبة اذ لابد من العودة لمرابع الصبا:(ونطير وي الخضر ليفوك ... عيشه بجنح كل طيرة ) ثم يكمل طريقه العامري سوف نشتاق لرؤية كل شيء في بغداد (يا ريت الزمن ينعاد... يرد بينه الهوى لبغداد) …هي الأيام تمضي بكل ما فيها من مآس وأفراح وتبقى ذكرى شوارع بغداد العطرة التي تذكرنا بابتسامة اللقاء ومتاعب السياسة وفرحة الاهل (وامشي بشارع السعدون... عراق الخير لو تدرون)، ويبقى الأمل كبيرا في العودة رغم ان العمر يمضي بسرعة ،لا يعاني الشوق إلا من يكابده، يترقب العامري ومازال يردد: 
ماكو اجمل وطن غيره ... ذبحني الشوك يا طويرة.